بكل الوضوح

من محاسن الإبداع إلى مساوئ الهبوط

عامر باشاب

{ كل يوم يمر علينا يظل الوسط الفني يتدحرج إلى أدنى مستنقعات الهبوط والانحطاط الغنائي بكلماته الفاضحة والساقطة والمتبرجة، بل والفاجرة. { إذا كان مطربو الأمس من عصر الحقيبة الذي قاده العمالقة “سرور” و”كرومة” و”الأمين برهان” و”زنقار” وخلفاؤهم المبدعون، و”مبارك حسن بركات” و”خلف الله حمد” و”بادي محمد الطيب”، إلى ثورة الأغنية الحديثة التي فجرها العمالقة “إبراهيم الكاشف” و”أحمد المصطفى” و”عثمان حسين” و”إبراهيم عوض” و”حسن عطية”، مروراً بزمان التألق الذي تصدره الإمبراطور “محمد وردي” و”محمد الأمين” و”عبد الكريم الكابلي” و”ابن البادية” و”زيدان” و”أبو عركي البخيت”.
{ وإلى زمان الأسطورة “محمود عبد العزيز” (الحوت) آخر المطربين الذين أغرتهم محاسن الأغاني الأصيلة و(بقى كل واحد منهم عشوقها) وعاش في محرابها إلى أن رحل عن هذه الفانية.
{ المبدعون أعلاه نجوم الطرب الأصيل وأبناء جيلهم في كل الحقب ظلوا يتنافسون في تقديم محاسن الأعمال الإبداعية، ذات الوسامة الموسيقية والدسامة الشعرية التي احتشدت مفرداتها بالمعاني الراقية والمضامين النبيلة التي تبارى في كتابتها عباقرة الشعر الغنائي السوداني في مراحله المختلفة: (أبو صلاح، عمر البنا، سيد عبد العزيز، عبد الرحمن الريح، المساح، حسين بازرعة، عوض أحمد خليفة، الدوش، أبو قطاطي، الحلنقي، سعد الدين إبراهيم، هلاوي، التجاني حاج موسى ومختار دفع الله).
{ أما في هذا الزمان الغابر وبسبب غياب أو بالأصح تغييب من كان يحرص على اختيار حسن المحاسن “حارس البوابة” (تلب) في الوسط المئات من مروجي الأغاني الفاسدة على شاكلة (حرامي القلوب) و(طاعني دائما بي ورا) و(كلوا من وائل) و(أخوي بشغلا لي) وإلى (حرجل محاسن) و(قصب حسبو)، وأغاني (النبق والشمار والكتمة والكتاحة)، وغيرها الكثير المقرف.
{ السبب الرئيس وراء هذه الفوضى والعشوائية التي ضربت الوسط الفني في مقتل، هم أشخاص غير جديرين بالمسؤولية فاقدو الأهلية تغولوا على المجالات والمناصب وتربعوا بضعفهم واستهتارهم على قمة إدارة الأجهزة المعنية بالرقابة وضبط جودة الأعمال الإبداعية، وحراسة بوابتها التي تحولت بتساهلهم إلى (بوابة من غير بواب)، ولذلك كل الخبوب والكرور الغنائي ظل يعبر من بين أيديهم ومن خلفهم ومن أمام أعينهم، وعلى مسامعهم وهم هائمون في دنياواتهم الخاصة نائمون لا يهتمون إلا بأناقة أزيائهم وزينة عرباتهم وفخامة بيوتهم.
{ أحد المبدعين من أصحاب الوجعة الغيورين على الفن الأصيل أكد لي بأن أغلب من يديرون الأجهزة المعنية بضبط الجودة الإبداعية، للأسف الشديد تربطهم علاقة صداقة قوية جداً مع مروجي الفن الهابط من مغنين وشعراء وملحنين، ودائماً ما يكونون معهم في مكاتبهم، ويبادلونهم الزيارات الخاصة آناء الليل وأطراف النهار.
} وضوح أخير
{ بالله عليكم كيف ينصلح حال الوسط الإبداعي في بلادنا.. وكيف نحارب تجار الهبوط وشياطين الفجور الفني المسؤولين عن هذا القطاع ساقطين في القاع؟!
{ كل يوم ترذلون.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية