(مرحباً عزيزي، وأنه لمن دواعي سروري البالغ أن ألتقي بكم اليوم، اسمي فيكتوريا، من فضلك أريد منك الاتصال بي على عنوان بريدي الإلكتروني لمزيد من التواصل بيننا، البريد الإلكتروني الخاص بي هو (….)، ما سبق فحوى رسالة مكتوبة بإنجليزية رديئة وصلتني – كما وصلت لغيري – عشرات المرات عبر الفيس بوك، ولكن يتغير اسم مرسلتها في كل مرة، ومعظمها من دولة واحدة تقع في أقصى الغرب الأفريقي، الفضول الصحفي حفزني لمسايرة تلك الرسائل (المحفوظة) ومعرفة القصد من إرسال تلك الرسائل الإلكترونية التي غزت حسابات (الفيس بوك)، وأرسلت رداً فحواه (مرحباً كيف حالك مين معاي) إلى كثير من تلك المكاتبات (الفيسية)، وقصدت أن أكتبها باللغة العربية، ولم يمضِ أكثر من يومين حتى وصلني رد مطول وأيضاً ذات اللغة العربية (المكسرة) التي تتضمن عبارات غزل صريح مشفوعة برجاءات للتواصل.. ومن ثم تدخل تلك المكاتبات فيما أظنه الهدف الأساسي منها وهو أنها لاجئة في إحدى المعسكرات بعد أن توفي والدها الذي كان يشغل منصباً مرموقاً في حكومة بلدها ولديه حساب في أحد البنوك الأوربية، وهي تريد منك أن تساعدها في إرجاع تلك البنوك عبر أحد القساوسة لأنها تثق فيك للغاية.. وفي نهاية الرسالة تدفع لك بصورة فوتوغرافية لها وتسألك هل أنا جميلة؟
الأمر الغريب أن كل الرسائل مكتوبة بذات اللغة الرديئة وبتطابق تام حتى في الأخطاء.. وهو الأمر الذي يؤكد أن وراء تلك الرسائل جهات محددة لا أعرف بالضبط الهدف منها.. ولكن كثيراً من الأصدقاء أبلغني وصول رسائل مماثلة إلى حساباتهم عبر الفيس بوك أو إلى بريدهم الإلكتروني.. رسائل أظنها (ملغومة) وتهدف إلى توريط الكثيرين في (مشاكل) لا أستطيع أن أحددها بدقة.. ولكن ما أعرفه أن تلك الجهات ترتب وتنظر للأمر بدقة متناهية حتى أنها ترفق أرقام هواتف للاتصال وبريداً إلكترونياً.
}أغرب ما في الأمر كله هو أنني عندما عدت إلى الرسائل القديمة التي وصلتني بذات الصفة والصيغة ولم أعرها اهتمامي وقتها، لم أجد لها أثراً.. ولم أجد أثراً لمرسليها حتى خلت نفسي أمام سحر أفريقي إلكتروني جديد.
(كلا كيت يومي).. مطاردة غرامية..
كانت الساعة (تجر) ثوانيها على (مهل) مساء أمس الأول.. في حوالي الساعة الحادية عشرة مساءً بشارع النيل بالخرطوم.. الذي بدأت تنشط فيه حركة لعدد غير قليل من شباب الخرطوم.. الذين كانوا يأتون إليه راكبين أو راجلين من المناطق المتاخمة للشارع الذي أصبح قبلة الشباب الأولى مؤخراً، وعند الرصيف الجنوبي كانت فتاتان تسيران (الهوينى) بعد أن خلعتا ثوب الوقار، وتعالت أصوات ضحكاتهما بشكل لفت إليهما أغلب رواد الشارع، ولم تطل ردة فعل البعض كثيراً فسرعان ما توقفت أمامهما سيارة من نوع (التوكسان) بداخلها اثنان من الشباب اللذان أطلقا رجاءاتهما بأعين (والهة) للفتاتين اللتين كانتا تتبختران بدلال لم تخطئه (أنفس الشباب الأمارة بالسوء)، إلا أن ردة فعل الفتاتين كانت (التجاهل) التام الذي لم يفت في عضد (همة) المتربصين بهما، وعندما رأيا تمنع الفتاتين مضيا إلى اتخاذ خطوة أكثر جرأة وترجلا من السيارة بهدف إقناعهما بالركوب معهما، إلا أن الفتاتين أصرتا على (تمنعهما) ومضتا بخطوات مسرعة إلى الجهة المقابلة للشارع، ورغم أن أضواء الشارع كانت قوية وكثيفة (تستطيع أن تلمح فيها جناح بعوضة)، إلا أن جرأة الشابين لم تنقص مقدار (عزم) وأسرعا (لاهثين) خلف الفتاتين إلى الجهة الأخرى من الشارع حتى لا يفوتهما ما يعتقدانه (صيداً سميناً) وسط أنظار رواد الشارع الخرطومي الكبير وتعليقاتهم الساخرة والساخطة على الفتيين والفتاتين على السواء.. انتهى مشهد (المطاردة) الغرامية بإيقاف الفتاتين سيارة أمجاد (إنحشرتا) فيها على عجل وهما ترميان الشارع بنظرات زائغة وخجولة ومضت بهما السيارة الصغيرة تنهب بهما الأرض لا تلوي على شيء، فيما قلب الشابان أكفهما وهي (خاوية) يعتصر قلبيهما حزن وقتي على ما فرطا فيه وأسرعا بخطوات (غير خجولة) إلى سيارتهما ربما بحثاً عن (صيد ربما يكون أسهل من سابقه).