المؤتمر الوطني ..جرح وتعديل لبلورة ملامح المرحلة القادمة
أبرز أسبابها الترتيب لإنتخابات 2020 م
تقرير / فاطمة مبارك
تسريبات أصبحت قرارات
يبدو أن الحراك داخل حزب المؤتمر الوطني وصل إلى مراحل صعب معها ضبط تسريبات التحولات القادمة في الحزب والحكومة، المبنية على التغيير داخل أمانات التنظيم والسلطة التنفيذية فلأول مرة يتم تسريب قرارات من اختصاص رئيس الحزب ومكتبه القيادي، منذ عدة أيام إن لم يكن شهراً، حيث ظلت مواقع التواصل الاجتماعي تتداول موضوع مغادرة إبراهيم محمود لموقعه داخل الحزب، بجانب تعديلات أخرى لم تصدر بعد، لكن هناك إرهاصات تتحدث عن صحتها .. وليس اجتماع مجلس شورى المؤتمر الوطني الأخير وحده الذي أشار بوضوح لوجود حراك واختلافات داخل حزب المؤتمر الوطني في قضايا أساسية في مقدمتها موضوع ترشح الرئيس البشير لعام 2020م، لكن هناك تسريبات أخرى خرجت وصعب التكتم عليها، وإلزام عضوية الحزب الذين يعتبرون أنفسهم مؤسسين من الإلتزام بما يصدر من توصيات داخل الاجتماعات وإنتهاج السرية حيال ما يناقش داخل المكاتب المغلقة، الأمر الذي جعل ما يدور هذه الأيام داخل الحزب يتم تناوله وتداوله على نطاق واسع داخلياً وخارجياً باعتباره يعطي تصورات عن ملامح المرحلة القادمة وشخوصها الذين يناصرون ما يتم تبلوره الآن.
وبالرغم من أن نائب رئيس الحزب للشؤون التنظيمية دكتور فيصل حسن وضع الإصلاح الاقتصادي ضمن الملفات المهمة بالنسبة له في هذه المرحلة، وأعطى إحساساً بأنه واحد من الأسباب التي جاءت به لمنصب نائب الرئيس للشؤوون التنظيمية، إلا أن بروفيسر الطيب زين العابدين رأى خلال حديثه لـ(المجهر) أمس أن انتخابات 2020 م هى السبب الرئيسي في اختيار دكتور فيصل لمنصب نائب الحزب للشؤون التنظيمية، وقال لم تتخذ هذه الإجراءات إلا بعد أن أبدى الرئيس البشير رغبته في الترشح، وبروفيسر الطيب ربط بين ترشيحات الحزب في إنتخابات 2015 لرئاسة الجمهورية، وما يحدث الآن باعتبار أن التباين حول مرشح الرئاسة حدث منذ ذلك الوقت، عندما تم تقديم خمسة مرشحين كان من بينهم دكتور نافع علي نافع والرئيس البشير وبروفيسر غندور وعلي عثمان، حتى أجاز مجلس الشورى وقتها الرئيس البشير مرشحاً للحزب لانتخابات 2015، وقال: الآن الرئيس البشير وفق السلطات الممنوحة له يريد ترتيب الأوضاع داخل الحزب وربما الحكومة استعداداً لانتخابات 2020م، وقال رغم أن بعض عضوية الحزب على مستوى القيادة لم تبد رأيها حول ترشح الرئيس، إلا أن نائب الرئيس الأسبق علي عثمان أعلن خلال حواره مع (المجهر) أنه ضمن المجموعة الموالية للرئيس البشير فيما لم يخف محمد الحسن الأمين مناصرته للفكرة من خلال دعم لجنته للتوصية التى رفعت لاجتماع مجلس شورى المؤتمر الوطني، وفيما يبدو أن دكتور نافع علي نافع يناصر المجموعة الأخرى، إلى جانب دكتور أمين حسن عمر الذي قال إنه لا رأي له في شخص الرئيس البشير، لكن يريد لحزبه الالتزام بالقانون والدستور.
وبالعودة لقراءة المشهد الآن داخل حزب المؤتمر الوطني، يلاحظ أن هناك اختلافاً واضحاً بين بعض المجموعات حول ترتيبات المرحلة القادمة، يشمل ذلك مرشح الحزب للرئاسة، ويقود هذا الاختلاف قيادات من الحرس القديم بعضها اقترب من مناصرة أجندة التيار الذي يدعو لترشيح الرئيس البشير كمرشح لحزب المؤتمر الوطني في انتخابات 2020 م، أما التيار الآخر فربما اختار أن يكون في الاتجاه المعاكس من منطلق إحياء سنة التجديد داخل الحزب، من خلال الالتزام بتصعيد القيادات وتنفيذ خطة الإصلاح التي رفعت كشعار للمرحلة في وقت سابق، ولم تحقق النجاح المطلوب.
تعديلات قادمة:
منذ إعلان الرئيس البشير عودة الفريق أول ركن صلاح عبد الله قوش لرئاسة جهاز الأمن والمخابرات، كان واضحاً أن هناك جرح وتعديل كبير، سيطال حزب المؤتمر الوطني والجهاز التنفيذي للدولة، ليس بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية وميزانية 2018 وارتفاع الأسعار- كما كان يعتقد بعض المتابعين لمجريات الأحداث – لكن بسبب ترتيبات مستقبلية داخل الحزب الحاكم استعداداً لانتخابات 2020م، التي ينوي الرئيس البشير خوضها والإعلان المبكر عن هذه الخطوة ربما كان لأسباب داخلية وتحديات خارجية، وفي هذا السياق جاء استبدال مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس الحزب للشؤون التنظيمية إبراهيم محمود بدكتور فيصل حسن كمساعد لرئيس الجمهورية، وكنائب لرئيس الحزب، فيما يرى أخرون أن سبب تغيير محمود يعود إلى التفلتات التنظيمية التي ظهرت في عهده، وهذه أيضاً لها علاقة بانضباط العضوية التي ستنجز الانتخابات، وأياً كان السبب هناك تغييرات متوقعة ستشمل أمانات الحزب، قد تكون الآن تشهد لمساتها الأخيرة، كما ستكون هناك تغييرات في الجهاز التنفيذي تزامناً مع هذه التحولات، وأكد ذلك دكتور فيصل حسن في إفادات عقب اختياره لموقع نائب الرئيس، عندما قال في سياق رده على التغييرات المتوقعه في الحكومة: (هناك إحساس بأهمية التغيير تجاه كوادر بعينها، مشيراً إلى أنه لابد من إجراء تعديل، مضيفاً أنه حتى هذه اللحظة لم تتم مناقشة التعديلات الوزارية، والمسألة لدى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والحزب، والمبدأ العام أن يتم تقييم الأداء، وأقر بأنه تم تقديم وجوه حتى على مستوى المؤتمر الوطني، كان من الممكن تقديم أفضل منها، واختتم حديثه بقوله التعديل ضروري ولازم) من جانبهم توقع بعض المراقبين أن يشمل التغيير على مستوى السلطة وزير المالية محمد عثمان الركابي بسبب تدهور الوضع الاقتصادي، ووزير الخارجية بروفيسر إبراهيم غندور الذي سبق أن تقدم باستقالته قبل أكثر من شهر لرئيس الجمهورية، وقيل أن الرئيس قبلها، لكن هناك قيادات تدخلت وأعادت غندور بجانب وزير الدولة بمجلس الوزراء جمال محمود بإعتبار الإرهاصات التي تتحدث عن احتمال مغادرته لموقع رئيس القطاع السياسي في الحزب، وحول التعديل في لوائح الحزب قال دكتور فيصل التغيير مطلوب لكن الأهم استعجال تعديل الدستور، وحديثه هنا يؤكد بوضوح إقدام الحزب على إجراء تعديل في دستوره حتى يكون مواكباً لموضوع اختيار الرئيس كمرشح لرئاسة الجمهورية في انتخابات 2020م، خاصة على ضوء الأصوات التي تحدثت عن أن ترشح الرئيس البشير مخالف لدستور الحزب، وكما هو معروف فإن دستور الحزب ينص على الترشح لدورتين فقط وهي التي تنتهي بنهاية هذه الدورة.
التعديلات القادمة في حزب المؤتمر الوطني رغم أن هناك قيادات ستغادر الحزب أو الحكومة بموجبها، وهناك من غادر أصلاً، إلا أن بعض المتابعين للمشهد يتوقعون أن تحصل تسوية بين المجموعات المختلفة حول ترشح الرئيس البشير لانتخابات 2020م، ويستبعدون أن تصل الأمور إلى مستوى المفاصلة، كما حدث في العام 1999 تقديراً لظروف البلد والتحديات التي يواجهها الإسلاميون على المستوى الاقليمي والمحلي والدولي.