دموع “كمال”
{ ذرف الأديب والقيادي السابق في الحزب الشيوعي “كمال الجزولي” الدمع الدامي على حال الحركة الشعبية بعد الانقسام الذي ضرب صفها وأضعف وجودها في الميدان العسكري والفضاء السياسي معاً . . وتقاطرت دمعات “كمال الجزولي” على حال صديقه ورفيق النضال في دهاليز الحزب وفي عرصات الحركة الشعبية الموحدة قبل الانفصال والحركة الشعبية للمنطقتين بعد الانفصال ذلك هو صديق كمل عند ساعة الضيق “ياسر سعيد عرمان” الذي بدأ “الجزولي” أكثر حرصاً عليه من الحركة التي كان يمثلها لمدة طويلة ويحملها في حقائبه عند الحل والترحال.
{ “كمال الجزولي” آخر الكتاب الذين تحتشد مفردات كتابته بالثراء المعرفي ويجيد نظافة أدوات كتابته وتعقيمها قبل أن يدفع بها للقارئ وهو الكاتب الشيوعي الوحيد الذي تحتفي صحيفة (المؤتمر الوطني) بمقالاته وتباهي بزينتها بغض النظر عن محتوى المقالات التي تطعن في كبد المشروع الإسلامي مثلما طعن في مقاله المنشور (بالجمعة)، في صحيفة (الجريدة) كبد الحركة الشعبية الجناح (الأصل) الذي يقوده الجنرال “الحلو” وقزم “كمال” ذلكم الجناح المعترف به دولياً وإقليمياً والمشرعن له من قبل الآلية الأفريقية بقيادة “ثامبو أمبيكي” بتمثيل المنطقتين في منبر أديس أبابا الشيء الذي جعل “الجزولي” ورهطه من شعراء وأدباء وكتاب اليسار والحزب الشيوعي تنقضي أيامهم وتغرب شمسهم في حلقات ذكر السياسة على هامش المفاوضات، ويفقد “الجزولي” صفة المستشار التي كان يتمتع بها في كل جولات التفاوض كخدمة قدمها “عرمان” لأصدقائه في الحزب الشيوعي.. ومنذ المفاوضات الماضية التي آلت فيها قيادة وفد الحركة إلى من أسماهم “الجزولي” (بالقوميين النوبة) غابت رموز اليسار وشعراء الحزب الشيوعي ومناضلو المهاجر عن ساحة التفاوض وردهات فنادق أديس أبابا .. وما عاد رئيس وفد التفاوض في الحركة الشعبية يجمع المستشارين من الداخل ومن قارات الدنيا ويقدم بين أيديهم مواقف الأطراف داخل قاعات التفاوض وينثر عليهم الأوراق التي قدمتها الحكومة والتي في جراب الحركة وتلك التي ساهمت بها الآلية الأفريقية ويعكف المستشارون ساعات طويلة ويقدمون مشورتهم نتائج بحثهم لقائد فريق التفاوض الذي يملك قدرة مدهشة على جمع النقائض .. وحشد الأنصار والمشجعين من كل طائفة وحزب .. ولكنه أي “ياسر عرمان” يهمل “جقود مكوار” و”أحمد العمدة” ود. “أحمد عبد الرحمن سعيد” ولأن هؤلاء يحملون البندقية على أكتافهم وقد هدهم التعب وأرقهم تطاول النزاع كانوا يجلسون بعيداً ريثما ينفض سامر اجتماعات المستشارين .. ليقول “عرمان” حديثاً بلسان هؤلاء وهو قافز على ظهر قضية منسية.
{ صوب “كمال الجزولي” في رثاء الحركة الشعبية التي كانت انتقادات مبطنة للقوميين النوبة وقارب بين حالهم وحال القوميين الجنوبيين الذين حملوا “سلفا كير” حملاً على مغامرة الانفصال مستغلين الفراغ الذي أحدثه رحيل “جون قرنق” الذي قال “الجزولي” إنه كان مهادناً للقوميين الجنوبيين وكان قادراً على القضاء عليه بضربة لاذب لو شاء ذلك لكنه لم يفعل حتى عاجلته حادثة الموت أعلى جبال الأماتونج.. ومعه هونه دفن مشروع السودان الجديد هناك في جوبا فكيف ينبت هذا المشروع في كادوقلي والدمازين وطروجي.
{ دموع “كمال الجزولي” على صديق عمره “ياسر عرمان” لم تجف بعد وربما طال انهمارهما كلما قدمت الحركة الشعبية قدمها اليمنى مقبلة على تسوية يراها “كمال الجزولي” بعيدة ويراها “إبراهيم محمود” قبل إعفائه قريبة.. وينتظر أهل المنطقتين أن تمطر سحب الصيف الحار لتنبت العشب الأخضر في الجنوب الجديد الذي تشكل الآن بإرادة أهله وقد ألقت الحركة الشعبية الجديدة كبلت خطاها طويلاً لأن إرادة الحل باليد غالبة على الحل بالسنون التي كان يتمناها “كمال الجزولي” وما كل ما يتمنى الحزب الشيوعي يدركه.