جرس انذار

“الحسن الميرغني” و”أزرق طيبة”.. لقاء التطلعات المختلفة!!

بقلم - عادل عبده

مفاجأة من العيار الثقيل كان مسرحها قرية طيبة بولاية الجزيرة في الأيام الفائتة، انعكست في اللقاء المفاجئ الذي ضم “الحسن الميرغني” مساعد أول رئيس الجمهورية، والشيخ “عبد الله أحمد الريح” مرشد السجادة العركية، فالواقع أن هذه الخطوة الدراماتيكية أحدثت ربكة واسعة من الاستنتاجات والتأويلات عن فحوى هذا الاجتماع الخاطف الذي ضم طرفين كلاهما يبحر في شاطئ مختلف، فـ”الحسن” مشارك في قطار الإنقاذ ويسكب دخاناً من الانتقادات والشكاوى على دهاقنة الحكومة، في حين أن “أزرق طيبة” يعتقد بأن التعامل مع السلطة من الموبقات التي تستوجب الاستغفار، علاوة على ذلك فإن منهج تفكير “الحسن” مبني على الجرأة والاقتحام والطموح الزائد، بينما منهج تفكير “أزرق طيبة” يرتكز على المناورة الخفية والصبر الطويل والاستماتة الصلبة.
اللقاء تم في زمن حسرات الاتحاديين.. لم يكن في الطاولة بين “الحسن” و”أزرق طيبة” أجندة مشتركة ورؤى متقاربة سوى شذرات من الشعارات العاطفية التي أصبحت أسطوانة مشروخة على الأفواه، ولم يحاول الطرفان فتح المسارات المغلقة والسياج العاتية، لقد كان الحديث يدق على أرشفة الفنجان.. ويلامس القشور ولم يحبذ الرجلان الدخول في الأعماق السحيقة، فـ”الحسن” لم يطلب من “أرزق طيبة” سنداً معنوياً، وبذات القدر تحاشى مرشد السجادة العركية أن يقول لضيفه ماذا تحت عمامتكم.. ما لا يدركه الذين دقوا الطبول العاتية على اجتماع “الحسن” و”أزرق طيبة” أن تطلعات الرجلين مختلفة ومتباينة إلى حد كبير، فـ”الحسن الميرغني” يتطلع إلى وراثة الاتحادي الأصل خلال المستقبل في ظل معركة حامية الوطيس مع أطراف عديدة في الحزب، مستخدماً فيها سلاح الشباب والقوة الحية، وكذلك يفكر “الحسن” في الخروج من العزلة التي تطوقه جراء مقاطعة رموز الحزب الكبيرة، أمثال الحكيم “طه علي البشير” والمهندس “محمد فائق” والمحامي “بابكر عبد الرحمن” حتى يصبح طريق القيادة مفروشاً أمامه، وأيضاً يفكر الرجل في تقديم نفسه على نمط جديد في الساحة السودانية وجمهور الاتحاديين العريض من زاوية اكتساب الصورة العصرية والزعامة الاستثنائية، ويريد “الحسن” كذلك تكوين مملكة مالية واستثمارية كبيرة مبنية على حسابات أن القوة المالية تكسبه المزايا والخصائص المتفردة في عالم السياسة والمجتمع، فـ”الحسن” يعتقد (أن السياسي الذي لا يملك المال عليه أن يترك هذا التوجه).. ومن جانبه يتطلع “أزرق طيبة” إلى جعل الطريقة القادرية العركية بمثابة الرافعة الصوفية والمشرب الروحي البارز واللامع مع كل تيارات الحركة الاتحادية، علاوة على ذلك ظل شيخ “عبد الله” يتبنى المبادرات السياسية والاجتماعية على طول الخط في سبيل أن يصبح الرجل مرجعية الإصلاح الوطني المتفق عليه من كل الطوائف السودانية، وأيضاً يتبنى أزرق طيبة من البعد رعاية الحزب الوطني الاتحادي بأسلوب مختلف عن رعاية السيد “محمد عثمان الميرغني” للاتحادي الأصل، ويرفد “أزرق طيبة” الحزب الوطني الاتحادي بالعضوية الممتدة والهالة الرمزية، حيث يقوم الحزب على مشروع سياسي مرتبط بآليات وأدوات منظمة، فالشاهد أن المهندس “يوسف محمد زين” رئيس الحزب، لا يريد الإفصاح عن تلك المعالم.
من هذه المعطيات يتضح أن “الحسن الميرغني” و”أزرق طيبة” هما طرفا نقيض في السياسة والهموم والتطلعات، وقد حط الأول ضيفاً عزيزاً على الثاني، فالواضح أن الاثنين يجمع بينهما الانتماء الحزبي والبردة الصوفية!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية