حرب الانتقام (2)
وزير الداخلية الفريق “حامد منان” بدلاً عن تكبد مشاق السفر إلى بادية محلية الدبب حيث مسقط رأسه وعشيرته وهو الجالس على كرسي الحكم الوثير على حساب (المسيرية)، طفق يستمع ويصدق بأن جيش حكومة الجنوب لم يتوغل في أرضنا والمعارك التي جرت مسرحها الأراضي الجنوبية وليس سوق أبو كدمة.. حتى جاء حديث “عبد الرسول النور إسماعيل” القيادي المعارض ليثبت بأن كل المعارك وقعت داخل العمق السوداني، وأن قوات دولة الجنوب هي المعتدية على أرضنا وشعبنا.. و”عبد الرسول النور” شخصية سياسية محترمة، ظل يقف مع أهله وعشيرته حتى لو تناقض ذلك مع مواقف حزبه.. ولم يساوم يوماً في مواقفه ولم يتبضع من سوق المصالح الزائف، ظل داعماً لدفاع (المسيرية) عن أرضهم، منافحاً عن أبيي الأرض والشعب ولم يبالِ بخسارة أية جهة، لمبدئية الرجل ونزاهته.. وقد أشاع البعض هنا في مجالس السياسة التي أصبحت للنميمة والقطيعة بأن (المسيرية) هاجموا رعاة داخل دولة الجنوب ونهبوا قطيعاً من أبقار (الدينكا)، وما حدث بعد ذلك ردة فعل من (الدينكا).
وتلك المزاعم والأكاذيب التي يتم الترويج لها هنا القصد منها معلوم بالضرورة تبرئة جيش دولة الجنوب وشنق جثث الضحايا من (المسيرية) المدافعين عن تراب أرضهم والمنافحين عن وجودهم.. وإذا كان الأمر كذلك فأين هي قوات الـ(يونسفا) التي تراقب منطقة أبيي وتراقب الحدود بين السودان والجنوب؟ لماذا صمتت القوات الإثيوبية التي ترتدي قبعات أممية؟؟
هل شغلتها الأحداث في أديس أبابا عن مهمتها في المنطقة؟؟ والمنطقة التي دارت فيها الأحداث بعيدة عن الوجود العسكري السوداني المتمركز في منطقة (فاما) (100) كلم من الحدود في منطقة هجليج (80) كلم من الحدود وأرض السودان التي تحتلها قوات دولة الجنوب بوضع اليد، وقد أصبحت مهدداً حقيقياً لرعاة البقر (المسيرية) الذين حينما كانت الدولة تواجه تهديداً حقيقياً من جهة الجنوب وصفتهم بالشجعان والفرسان.. وخرج البترول الأسود لتغذية شرايين الاقتصاد السوداني بفضل مجاهدات (المسيرية) الذين وأدوا حلم الجنوب وحلم “جون قرنق” في حكم السودان.. فكيف لدولة الجنوب أن لا تنتقم منهم خاصة بعد تجريدهم من السلاح وقد أصبحوا اليوم (مدنيين) يطلبون الحماية من الدولة بعد أن كانت الدولة تطلب منهم حماية القطار من بابنوسة إلى واو.. وتستنفر المجاهدين من أجل تلشي وتركاكا.. وقد صهلت خيول “أولاد عمران” و”الفيارين” و”العزايا” و”الزيود” و”أولاد هيبان” و”الدرهميات” و”أولاد كامل”، هؤلاء بعض من بطون المسيرية، صهلت في الكرمك وقيسان، وأدخلت الرعب والفزع في قلوب القوة التي هاجت هجليج.. واسألوا الفريق “كمال عبد المعروف”، واسألوا الفريق “عبد الحفيظ أحمد البشير” عن بسالة هؤلاء الرجال.
لكن بعد أن ألقى (المسيرية) سلاحهم استجابة لقرار الدولة ونداء الرئيس، استأسد عليهم جيش دولة الجنوب.. فقتل النساء والأطفال في معركة غير متكافئة، جيش نظامي بآليات عسكرية ثقيلة في مواجهة مواطنين عزل.. ما لكم كيف تحكمون؟؟
إذا كانت قوات الدعم السريع قد قضت على التمرد وعلى النهب المسلح والتفلت في ولايات دارفور، وزرعت الأمن والطمأنينة في نفوس الناس، فإن الأحرى بـ”حميدتي” التوجه إلى مضارب عرب (المسيرية) في كردفان وتجنيد لواء من هؤلاء الفرسان لحماية الحدود وحراسة ثروة السودان.. وما اللواء المسلح بكثير على أهلك (المسيرية) يا “حميدتي”.. فالدم الذي يراق في الحدود أغلى من النفط وأغلى من المال.. وينتظر أهل المنطقة الزيارة المرتقبة لقادة القوات المسلحة في الساعات القادمة لمحلية الدبب، وكشف الحقائق كاملة للرأي العام عن الذي يجري هناك من اعتداء لدولة الجنوب على أرضنا وأهلنا (المسيرية).