تقارير

خبير يصف استقالة “ديسالين” بأنها (نكسة) لمفاوضات سد النهضة

د. "سلمان محمد أحمد سلمان": "ديسالين" خلق ثقة كبيرة بينه و"البشير" و"السيسي"

الخرطوم – وليد النور
تسببت الاستقالة التي دفع بها رئيس الوزراء الإثيوبي “هايلي ماريام ديسالين” من منصبه في تأجيل اجتماع ثلاثي حول سد النهضة، كان مقرراً أن تستضيفه الخرطوم الأسبوع المقبل. ورجح خبراء أن أي تأخير سيكون في صالح إثيوبيا لا سيما أن سد النهضة اكتمل بنسبة (65%)، بجانب أن “ديسالين” خلق علاقة وثقة كبيرة بينه ورئيس الجمهورية المشير “البشير”، والرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” خلال السنوات الماضية. ولا أحد يستطيع التنبؤ بما يمكن أن يقوم به رئيس الوزراء الجديد المتوقع انتخابه في الأيام القليلة القادمة.
وقال الخبير القانوني ومستشار الوفد السوداني لمفاوضات سد النهضة دكتور “سلمان محمد أحمد سلمان” في حديثه لـ(المجهر) إن استقالة رئيس الوزراء الإثيوبي “هايلي ماريام ديسالين” تعني بكل تأكيد أن الوضع القديم لم يعد كما كان في السابق، مشيراً إلى أنه في خلال السنوات الماضية خلق “ديسالين” علاقة ثقة بينه ورئيس الجمهورية المشير “البشير”، من جهة، والرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” من جهة أخرى. وأردف “سلمان” بأن ذهاب “ديسالين” سيمثل نكسة في التفاوض، خاصة إذا جاء رئيس وزراء جديد يحتاج إلى مدة زمنية لخلق الثقة، عكس ما يتصور البعض بأن الأمور ستمضي بطريقة سلسة مع الرئيس الجديد، بيد أنه أكد أن الرؤساء الثلاثة وضعوا خارطة طريق، بيد أنه أكد أن تأجيل اجتماع لجنة الثلاثية المقرر له 24 و25 من الشهر الجاري، وأن أية دقيقة تأخير ستصب في صالح إثيوبيا، مضيفاً إن السد اكتمل بنسبة (65%) وإن السد لن يتأثر بتغيير فرد لأنه يمثل دولة إثيوبيا.
وكان المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية السفير “قريب الله الخضر” قد قال في تصريحات صحفية إن التأجيل جاء استجابة لطلب من الجانب الإثيوبي، وأشار إلى أن الاجتماع الثلاثي الذي كان سينعقد في مستوييه الفني والوزاري يومي 24 و25 من فبراير الجاري، تأجل إلى موعد لاحق يتم التوافق عليه بين الدول الثلاث.
وكانت القمة الثلاثية، التي جمعت رؤساء “السودان، إثيوبيا ومصر” في أديس أبابا، على هامش القمة الأفريقية الأخيرة، قد أقرت انعقاد الاجتماع بالخرطوم برئاسة وزراء الخارجية وحضور وزراء الري ومديري أجهزة المخابرات في الدول الثلاث. وأفاد “قريب الله” بأن الاجتماع كان محاولة لتحريك الجمود الذي اعترى المسار الفني للتفاوض حول سد النهضة منذ نوفمبر الماضي، وأستدرك قائلاً: (إلا أن التطورات السياسية المتعلقة باستقالة رئيس الوزراء الإثيوبي والترتيبات الجارية لتعيين خلف له حدت بجمهورية إثيوبيا الشقيقة إلى طلب تأجيل الاجتماعات إلى حين انتخاب رئيس جديد للوزراء).
إلى ذلك، قالت وزارة الخارجية السودانية إنها ظلت تتابع عن كثب تطورات الأوضاع السياسية التي تشهدها إثيوبيا في أعقاب استقالة “ديسالين” من رئاسة الوزارة، والأمانة العامة للحزب الحاكم.
ومن ناحيتها، أعربت الوزارة على لسان متحدثها الرسمي عن ثقة حكومة السودان (في حكمة القيادة الإثيوبية وقدرتها على تحقيق انتقال سلس)، وأكدت (دعم السودان ومساندته ووقوفه بكل صلابة مع الشقيقة إثيوبيا في هذه الظروف الدقيقة، بما يحفظ وحدة شعوبها وتماسكها والسلم الأهلي بين مكوناتها، وبما يضمن مواصلتها لمسيرة الإنجازات العظيمة التي تحققت خلال العقود الماضية).
يذكر أن موجة إضرابات واحتجاجات قد شهدتها بلدات قريبة من العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، قبل أيام، حيث طالب المحتجون بإطلاق سراح زعماء معارضة مسجونين، وأفرجت السلطات عن أكثر من ستة آلاف سجين سياسي منذ يناير الماضي، إذ تسعى الحكومة جاهدة لامتصاص غضب أكبر قوميتين، وهما الأرومو والأمهرا. ويشكو المنتمون لهاتين المجموعتين العرقيتين من عدم تمثيلهم بالقدر الكافي في السلطة.
وكان السفير الإثيوبي لدى مصر “تايي أثقلا سيلاسي” قد كشف عن لقاء مرتقب بين قادة الدول الثلاث حول سد النهضة الأسبوع المقبل، ونقلت وسائل إعلام مصرية عن السفير أن استقالة “ديسالين” لن تؤثر إطلاقاً على المباحثات المعنية بسد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على مجرى النيل الأزرق على بعد نحو (20) كلم من حدود السودان الشرقية. وقال “سيلاسي” إن إثيوبيا تحترم التزامها تجاه دول المصب “السودان ومصر”، وستعمل وفقاً للتعليمات التي أصدرها زعماء الدول الثلاث، خلال لقائهم بالقمة الثلاثية، في العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، نهاية يناير المنصرم.
ومن جانبها، أكدت الخارجية المصرية، في تعقيب لمتحدثها الرسمي “أحمد أبو زيد” على قرار السودان تأجيل الاجتماع الوزاري الثلاثي الخاص بسد النهضة بناء على طلب إثيوبيا، أكدت أن وزارة الخارجية تلقت بالفعل الإخطار المشار إليه من الجانب السوداني، ومع إدراكها للظروف التي ربما قد دفعت إثيوبيا لطلب تأجيل الاجتماع، والتي نأمل أن تزول في أقرب فرصة، إلا أنها تتطلع لأن يتم الالتزام بالإطار الزمني الذي حدده القادة لحسم الخلافات الفنية القائمة، وأضاف إن قضية سد النهضة تمس مصالح شعوب الدول الثلاث، وإن التنفيذ الدقيق لتكليفات القادة يقضي باعتبار مصالح شعوب الدول الثلاث مصلحة لدولة واحدة وشعب واحد، الأمر الذي يقتضي التحرك العاجل للتوصل إلى حلول تحفظ مصالح الجميع.
وكان مجلس الوزراء الإثيوبي قد أعلن حالة الطوارئ في البلاد بعد استقالة “ديسالين”، وعقب مناقشات للمجلس بشأن التحديات الأمنية والاضطرابات والاحتجاجات التي شهدتها البلاد. وعدّ مجلس الوزراء أن هذه الاحتجاجات أصبحت تشكّل خطراً على أمن واستقرار ووحدة الشعوب الإثيوبية، وأوضح أن تنفيذ حالة الطوارئ سيكون سارياً من تاريخ الإعلان.
ويمنح الدستور الإثيوبي في ظل إعلان حالة الطوارئ صلاحيات استثنائية للجيش والأجهزة الأمنية لاتخاذ التدابير المناسبة.
وعادة ما تنتقل السلطة في إثيوبيا أولاً إلى الحزب الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء، ثم إلى أحزاب الائتلاف الحاكم الأربعة، التي وصلت إلى السلطة في العام 1991. وتم انتخاب “ديسالين” في أغسطس 2012، خلفاً لرئيس الوزراء الراحل “ملس زيناوي”، وأُعيد انتخابه إثر فوز الائتلاف الحاكم في انتخابات مايو 2015. وسبق أن أعلنت إثيوبيا حالة الطوارئ في أكتوبر 2016، وبعد زوال أسباب إعلان الحالة ألغيت في أغسطس 2017. وقال نائب الأمين العام لحزب مؤتمر أورومو الاتحادي المعارض “مولاتو جيميتشو” إن الائتلاف الحاكم في إثيوبيا فقد سلطته، وإن على جميع الأحزاب أن تشارك في رسم مستقبل البلاد، مشدداً على أن إثيوبيا تحتاج نظاماً سياسياً جديداً بالكامل. وأضاف “جيميتشو” لوكالة “رويترز”: (يحتاج الإثيوبيون الآن لحكومة تحترم حقوقهم، وليس حكومة تواصل ضربهم وقتلهم).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية