حوارات

القيادي الجنوبي وعضو مشاورات (إيقاد) بأديس أبابا “استيفن لوال” في الراهن مع (المجهر)

استئناف تجارة الحدود قرار ظل الشعب الجنوبي في انتظاره

أبريل المقبل نهاية شرعية الحكومة والبرلمان في جوبا..!!
توقيع الخرطوم وجوبا على الاتفاقية الأمنية لمعالجة وضعية الحدود من شانه أن يعزز عملية السلام
حوار- سيف جامع
ما هي تفاصيل الاتفاق الأخير الذي تم بين الخرطوم وجوبا بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا؟ وما الذي يمكن أن يجنيه جنوب السودان من قرار فتح تجارة الحدود؟ وإلى أي مدى يمكن أن تقود (إيقاد) أطراف الصراع في جنوب السودان إلى تسوية سياسية وسلمية توقف الحرب؟ وما الدور الذي يمكن أن يقوم به السودان في عملية السلام في جوبا؟ وأسئلة أخرى ساخنة سقناها للأمين العام للهيئة القومية لدعم السلام بجنوب السودان وعضو مشاورات (إيقاد) الأولى “استيفن لوال نقور”.
ضيفنا أفصح عن أهم مقترحات التفاوض بين الفرقاء الجنوبيين والأوراق التي دفعت بها المنظمة الأفريقية للتسوية السلمية، وعن فرص عملية السلام في الوقت الراهن، ومحاور أخرى.. فإلى مضابط الحوار.
{ دعنا نبدأ بما تم مؤخراً من توقيع بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا الحكومتين السودانية والجنوب سودانية على اتفاقية أمنية لمعالجة وضعية الحدود؟
_ ما تم خطوة جديد من شأنها أن تعزز عملية السلام والتوصل إلى تفاهمات في الملفات المتبقية، والاتفاقية تنص على فتح أربعة معابر لانسياب حركة التجارة بين البلدين على أن تجتمع لجنة خاصة بالمعابر في الخرطوم لتحديد نقاط المعابر على الخط الصفري.
أهم ما في الاتفاقية أنها ستعمل على إعادة انتشار قوات البلدين لترك مساحة (20) كيلومتراً منزوعة السلاح.
إشارات اتفاق أديس أبابا هي لدعم اتجاه إنشاء قوات مشتركة، ومن ثم التمهيد لتنفيذ اتفاقيات التعاون التسع التي وقعت في 2012م، والمسائل الأخرى كأبيي.
ما تم هو نتاج تفاهمات تمت بين البلدين أدت إلى جدية تنفيذ بعض النقاط مثل الحدود والبترول وإعادة تأهيل الآبار التي دمرت بسبب الحرب في جنوب السودان، الآن تم التوصل إلى تفاهمات بشأن التجارة الحدودية.. أيضاً مطلوب فيما يلي الملف الأمني أن يعمل على منع إيواء القوات السالبة في البلدين، إضافة لوقف التراشق الإعلامي، وهذه النقاط أدت إلى مساعدة جنوب السودان في إمكانية إرسال مهندسين سودانيين لمعالجة بعض آبار البترول المتعطلة، وكذلك ساهمت زيارة وزيري البترول، وكان لزيارة نائب رئيس الوزراء السيد “مبارك الفاضل” الأخيرة إلى جنوب السودان الأهمية الأكبر، لذلك وحتى ننفذ الاتفاقيات التجارية لا بد من ضبط الأمن في الجنوب وهو معروف للكافة، خاصة في الآونة الأخيرة بعد تشرد (5) ملايين جنوبي، شردوا بسبب الحرب، السودان استقبل نحو مليوني جنوبي لجأوا إليه بحكم أنهم كانوا جزءاً من البلاد.. هذه التفاهمات مساعدة لعملية الاستقرار والمساهمة في عملية العودة الطوعية، الحكومة السودانية ساهمت في استقرار الجنوبيين خاصة بعد صدور قرار رئاسي بمعاملة الجنوبيين كسودانيين ودور السودان في محاربة والمجاعة.
{ إذن هناك تأثير إيجابي ومباشر على البلدين بقرار إعادة فتح الحدود؟
_ من التأثيرات الإيجابية تسهيل عملية التجارة في مناطق التماس، ومعروف أن العلاقة التجارية كانت لها نتائج إيجابية في إنعاش السوق الجنوبي لأن المنتجات الغذائية تتوافق مع المزاج الجنوبي، وكذلك الاحتياجات الأخرى مثل الأسمنت ومواد البناء والإسبيرات المهمة والسيارات.
{ كيف تقرأ استئناف التجارة الخارجية؟
_ القرار إيجابي، وظل الشعب الجنوبي في انتظاره لما يحققه من أمن غذائي وتواصل اجتماعي يمكن أن يساهم إيجاباً في كسر أي تعقيدات في عملية السلام، أيضاً القرار إيجابي لدولة السودان لما يحققه من مكاسب جراء عمليات التصدير التي تتم إلا أن الوضع في الجنوب يحتاج لسلام على الأرض بأن تكون هناك قوات مشتركة لحماية الحدود من القوات السلبية التي تنشط في البلدين لا بد من أن يكون السلام أولاً في الجنوب، ومن ثم توفير ممرات آمنة وإذا توفرت هذه ستكون هناك إيجابيات وستنتعش الأوضاع الاقتصادية، والسودان لديه منتجات نحن في حاجة ماسة لها.
{ ما يحتاجه جنوب السودان تحديداً من الخرطوم؟
_ يتمثل في السكر والقمح والزيت إضافة المنتجات المتفق عليها في مصفوفة السلع وهي أكثر من (400) صنف، ويفترض أن يتم الاستئناف حولها، لكن الأوضاع أوقفتها، ونتوقع بعد القرار أن تتوفر السلع في السوق الجنوبي وربما يزداد الطلب.
{ تأثير العلاقات الشعبية في عملية السلام بين البلدين؟
_ ليس هناك تأثير أكثر من أن يكون هناك صراع دائر في جنوب السودان بعد أن انفصل، ولكن رغم ذلك لم يتوقف التواصل الشعبي بين مواطني البلدين بخاصة مناطق التماس فلو لم يكن هناك تواصل لنسفت العلاقات الاجتماعية الراسخة وأثر الصراع في السلم الاجتماعي، فالروح السودانية في ترقية العلاقات الاجتماعية طغت على الجوانب السياسية التي تغذي الصراع بحكم أن الشعب السوداني بادر لدعم الشعب الجنوبي إنسانياً بتقديمه المواد الإغاثية، وكان جزءاً من حصة الشعب السوداني، والشعبان استطاعا المحافظة على العلاقات والأواصر بين البلدين لذلك الأهم دعم هذه الأحاسيس الجياشة من الشعبيين.
{ الأوضاع الآن في جنوب السودان؟
_ الوضع على المستوى الأمني والاقتصادي مزرٍ للغاية لا يمكن تصور ما وصل إليه الجنوب، الكل مستهدف من مجموعة ما، وانهيار الجنيه الجنوبي، الدولار يعادل (180) جنيهاً، كل ذلك رغم ما ظلت تقوم به (إيقاد) من أجل تحقيق السلام.. ونحن رأينا في بداية المشاورات تم جمع الأطراف الجنوبية من أجل التوافق على محادثات تحقيق السلام، بدأت الجلسات لتنشيط السلام منذ 5 فبراير، وكان الغرض أن تتفق الأطراف للتوصل إلى سلام ووقف الاقتتال.. ولكن شاهدنا عراقيل في سير عملية الاتفاق تمثلت في رفض الحكومة الجنوبية التوقيع على وثيقة إعلان المبادئ التي تعدّ المرتكز الأساسي لسريان التفاوض في أديس، والتفت حول هذا البند بحجة أنه تناول قضية إلغاء حالة الطوارئ المفروضة في الجنوب، وهذا حق طبيعي أن تقدم منظومة (إيقاد) ورقة خضعت لمراجعة من الأطراف الجنوبية المتحاورة سواء الحكومة أو المجوعات المعارضة، إضافة إلى أن الوثيقة تمت قراءتها في المرحلتين الأولى والثانية، أبرزها أن تكون هنالك فترة انتقالية نقية خالية لا يشارك فيها أولئك الذين ارتكبوا جرائم حرب ضد المدنيين، إضافة إلى تشكيل حكومة متفق عليها من قبل الأطراف الجنوبية بكل توجهاتهم السياسية واعتماد تقرير الرئيس “أوبو سانجو” ثم اعتماد محور محاكمة من يخرقون الاتفاقية الجديدة، (إيقاد) أشارت إليها، والحكومة رفضت وقدمت نقاطاً لم يأت وقت النقاش حولها، ثم تقدمت (إيقاد) أيضاً بورقة تتعلق بتقاسم السلطة وهذه ليست بأولوية للقوى المشاركة في المفاوضات من المعارضة باعتبارهم وضعوا بند الترتيبات الأمنية كأولوية قصوى، ثم أن هناك مناقشات حول منظومة (سي تي سام) المعنية بالترتيبات الأمنية والقضايا الأخرى على أن تتم مناقشة ملف تقاسم السلطة لاحقاً بعد تضمين الترتيبات الأمنية والاتفاق عليها.. ورغم عدم توقيع الوفد الحكومي إلا أن المجموعات المعارضة تسعى بكل ما لديها أن تأتي بالسلام بالصورة المطلوبة.
{ مقترحات التفاوض بالنسبة للأطراف المتحاورة؟
_ ستكون على كيفية حكم جنوب السودان وليس من يحكمه.. الحركة الوطنية لجنوب السودان بقيادة دكتور “كوستيلو قرنق” وبعض القيادات تقدموا بمقترح المجلس السيادي الذي يتكون من ما بين (5-7 أشخاص) يتم ترشيح الرئيس من بينهم ونواب ومساعدي الرئيس على أن يكون هناك رئيس وزراء بصلاحيات كبيرة يقوم على تشكيل حكومة توافقية تقود الفترة الانتقالية- لا تكون أقل من خمس سنوات- ثم إنشاء مجلس للقوميات أو قبائل جنوب السودان يقوم بمعالجة القضايا ذات الشرخ الاجتماعي، ويعقد اجتماعه في الشهر مرتين أو وفق ما يقتضيه الاتفاق على أن تكون قراراتهم بالتوافق وليس التصويت، هذا إضافة إلى أن المبادرة وجدت صدى من كل الأطراف الدولية وكل القوى السياسية ليس لديها اعتراض على مقترح حكم دولة جنوب السودان.. الحكومة تحدثت عن تقاسم السلطة بأن تعطي المعارضة نسبة محددة تجعل الحكومة المسيطرة ترجح الكفة، وهذه ليست من الأولويات بالنسبة للمعارضة، وهي تركز كيف يحكم جنوب السودان وليس من يحكم.. (إيقاد) مقترحها أن تمنح الحكومة (51%) والمعارضة (49%) في المشاركة بل كانت عبارة عن مقترح قدم للأطراف وسيخضع للتفاكر.
{ ما يمكن أن يقدمه السودان من مساهمة في سلام جنوب السودان؟
_ ما تستطيع أن تقدمه الحكومة السودانية كثير، وقد قدمت الكثير خلال (إيقاد)، وما قدمته بصورة فردية تمثلت في زيارة “البشير” إلى جوبا بعد الأحداث وقدم طلباً من الأطراف بالاحتكام إلى صوت العقل، إضافة إلى اهتمامه بالمواطنين الذين لجأوا إلى السودان وهناك دور محوري تلعبه الحكومة السودانية في منظومة (إيقاد).. السودان له دور محوري ومهم في عملية السلام.. الولايات المتحدة تسعى لجلب السلام، ولاحظنا دورها من خلال رسائلها شديدة اللهجة إلا أن الحكومة لم تضع تلك الرسائل في الاعتبار ما أدى الموقف الفريد الذي قامت به الولايات المتحدة عبر مندوبها “نيكي هيل” الذي قدمت فيه مشروعاً بحظر بيع السلاح لدولة جنوب السودان، وهذه خطوة قبل العاصفة الحقيقية.
وقرار حظر بيع الأسلحة لجنوب السودان هو حظر يطبق على تجار السلاح الذين يتعاملون مع جنوب السودان، ويشمل بيع الأسلحة والأنظمة الدفاعية أو الهجومية، وفي الغالب يحقق حظر توريد الأسلحة، ويعدّ مثل هذا الإجراء أكثر الطرق الفعالة، ويساعد في حجز الأسلحة المستوردة للدولة المقصودة بالقرار ويساعد أيضاً في ضبط تصاعد الصراعات في بعض الأحيان.. وهو موقف تتخذه الدول وتعبير أيضاً لرفض سلوك الحكومة أو مجموعات ذات علاقة برفع وتيرة الصراع.. وبطبيعة الحال القرار جاء بعد أن فشلت الولايات المتحدة في إقناع الأطراف وعدم قبول الأطراف الجنوبية بعملية السلام.
{ إلى أي مدى يمكن أن نقيس جدية الرئيس “سلفا”؟
_ أبريل المقبل هو موعد نهاية شرعية الحكومة والبرلمان القومي، لذلك أية عمليات عسكرية في الوقت الحالي ستكون نتائجها سلبية ضد الحكومة وستكون خيارات العقوبات على قيادة الحكومة وعلى “سلفاكير” واردة وبقوة، والدليل على ذلك عرقلة سير التفاوض في أديس أبابا برفضهم الاتفاق على وثيقة إعلان المبادئ، والواضح جداً أن الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة أكدا في أكثر من مناسبة على أهمية التوصل إلى سلام في دولة جنوب السودان وكل من يعرقل عملية السلام سيعاقب من الطرفين، وهذه رسائل واضحة للحكومة والمعارضة.. لكن للأسف الشديد الحكومة رفضت التوقيع على وثيقة المبادئ.
{ هنالك حديث عن المطالبة بوجود جيشين في الحكومة الانتقالية؟
_ هنالك سوء فهم حول مسألة الجيشين.. ولكن في الأساس لم يتم تناول قضية الجيشين في المفاوضات ولا يمكن الحديث عن جيشين. ولكن النقطة المحورية هي فصل جيش الحكومة عن جيش المعارضة وفق ما جاء أو ما سيأتي به بند الترتيبات الأمنية ونعلم جميعنا أنه من الضرورة أن يتم فصل الجيشين وقد كانا في حالة حرب بغرض إعادة دمجهما أو تسريحهما، وهذا إجراء طبيعي تتخذه، ولدينا أمثلة كثيرة حوله مثل محادثات (مشاكوس) والترتيبات الأمنية المتبعة فيها تتمثل في تكوين قوات مشتركة، ثم تعزيز عملية الدمج بصورة مدروسة الغرض منها تكوين جيش قوي ونواة لجيش وطني. لذلك لا أعتقد أن هنالك بنداً تمت مناقشته في أديس يتعلق بتكوين جيشين منفصلين مثل ما يثار في الإعلام، وهذا غير صحيح إطلاقاً بل هي ترتيبات أمنية معنية بدمج قوات بين الأطراف ومن ثم تسريح بعضها وفق ما تقتضيه الإجراءات المتسقة مع ترتيبات الأمنية.
واتفق مع الحديث الرافض لوجود جيشين في دولة واحدة، وأعتقد خروج مثل هكذا تصريحات تعدّ سابقة لأوانها ولا يمكن الحديث عنها بهذا الشكل الذي نراه في الإعلام.
{ هل يمكن أن تصلح (إيقاد) ما أفسدته الصراعات الداخلية في جنوب السودان؟
_ من حيث التوقيت نجد أن المبادرة الإقليمية التي تقوم بها (إيقاد) هي فرصة أخيرة للأطراف الجنوبية وإن لم تنجح في التوصل إلى صيغة متفق عليها وتحقق عملية السلام بالبلاد، لذلك يمكن أن يتم تدويل ملف جنوب السودان في المنظومة الدولية.
وهنا يظهر دور الولايات المتحدة بصورة طاغية تؤكد التزامها الأخلاقي في تحقيق عملية السلام في الجنوب، وحتى تكون هنالك شرعية في اتخاذ القرار فكان من الأجدر أن تقوم الولايات المتحدة باتخاذ ذلك القرار بل وتبني قرار حظر بيع السلاح والأنظمة الدفاعية والهجومية بالبلاد وذلك لتقليل الصراع الدموي.
ويعدّ مجلس الأمن الدولي هو الجهة الوحيدة المنوط بها اتخاذ مثل هذا القرار، والولايات المتحدة من الدول التي تمتلك حق النقض وهي جزء من الدول دائمة العضوية بالمجلس.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية