أخبار

التغيير والاقتصاد!!

قديماً قيل في الأدب الشعبي (الواجعو راسو ما بربطولو كراعو) ولكن في السياسة السودانية (الواجعو راسو لا بد من ربط أرجله).. وفي أدب البقارة يقولون (الدبرة في الحصان والكي للحمار)، بمعنى إذا أصاب الحصان مرض مهلك يتم كي الحمار هروباً من أصل المشكلة وهو ما يعرف في السياسة بالمراوغة.. أو تجنب الخوض في القضية الأساسية والانصراف للفروع والشكليات كما يحدث الآن في الساحة، حيث نشر موقع (صحافسيون) للصحافي النابه “عطاف عبد الوهاب” خبراً عن تعديلات وشيكة في أمانات وقيادة حزب المؤتمر الوطني، ولكن الخبر الذي بث على نطاق واسع يقول (قطعت مصادر عليمة داخل المؤتمر الوطني بتغيير كبير على مستوى قيادات الحزب تعلن الأربعاء القادم، يعقبه تعديل وزاري. وقالت المصادر إن التعديل محاولة لمعالجة المشاكل الاقتصادية التي تواجهها البلاد من ارتفاع لسعر الدولار.. الخ).
الإشارة في الخبر وما تبعه من تعليقات لنافذين في الدولة والقصر كالدكتور “معز حسن بخيت” الذي جزم بمغادرة المهندس “إبراهيم محمود حامد” مساعد الرئيس ونائبه في الحزب، وسمى “المعز حسن بخيت” خليفته في المنصب الحزبي واختار د. “فيصل حسن إبراهيم” وزير ديوان الحكم الاتحادي، وبما أن “المعز بخيت” من المقربين جداً للرئيس فإن ما يقوله يجعل القارئ يجزم بصحة حديثه في المواقع الإسفيرية.. ولكن هل مغادرة “إبراهيم محمود حامد” لموقعه في الحزب من شأنها حل مشاكل البلاد الاقتصادية وخفض قيمة الدولار وبالتالي (نزول) أسعار كل السلع في الأسواق وتحسن حياة الناس؟؟ إن كان الأمر كذلك فليذهب مساعد الرئيس اليوم قبل الغد.
ولكن السؤال هل “إبراهيم محمود” مسؤول عن الملف الاقتصادي في الدولة حتى يقدم كبش فداء، في الوقت الذي يعلم فيه القاصي والداني أن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد أسبابها معلومة والميزانية التي أجازها البرلمان ومجلس الوزراء لم تخرج من حوش المؤتمر الوطني، ولا علاقة لدكتور “حسن أحمد طه” رئيس القطاع الاقتصادي بها إلا من جانب واجبه التضامني مع وزراء الحزب والدولة.. فكيف يصبح “إبراهيم محمود” وحده مسؤولاً عن الأوضاع الاقتصادية ومن أجل الإصلاح فليذهب إلى سبيله؟؟
إن كان الادعاء بسبب فشل المفاوضات، مع أن ذلك مردود على مدعيه، يصبح الأمر معقولاً ومفهوماً ومبرراً.. مع أن قضية السلام تاريخياً لا يستطيع المفاوض فيها اتخاذ أي قرار دون الرجوع للمركز وللرئيس شخصياً.. ومثلما كان “علي عثمان محمد طه” ينقل للخرطوم وضع شولة في سطر الاتفاق لإجازته وتمريره، فإن المهندس “إبراهيم محمود” اليوم لا يستأثر برأي ولا يتخذ موقفاً إلا بالعودة للمرجعية النهائية في الخرطوم ممثلة في الرئيس.. وما حققه “محمود” من نجاحات في ملف التفاوض سواء برفض الضغوط الكثيفة التي انهالت على الحكومة خلال السنوات الماضية أو بتجسير العلاقة مع التمرد كما حدث في المفاوضات الأخيرة، يجعل الرجل ناجحاً جداً في هذا الملف.
ولكن منذ فترة ليست بالقصيرة ظل المهندس “إبراهيم محمود” يتعرض لحملة من داخل حوش الحزب لإزاحته من منصبه لأسباب بعضها يرتبط بالصراع من أجل الفوز بالموقع الرفيع، للسيطرة على مفاصل الحزب بادعاء ضعف الحزب وتشرذم صفوفه، مع أن كل ذلك محض تخيلات لا يسندها منطق ولا حجة.. وقد قالت الشورى في اجتماعها الأخير كلمتها عن الأداء السياسي والتنظيمي.. ولكن يظل العراك.. والحفر والدفن.. والسعي لإزاحة فلان وعودة علان سنّة، لذا لا ينبغي أن نُلبس الأشياء غير ثيابها ونربط للذي يشكو الصداع في الرأس قدميه بحبل ممتد!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية