في جولة لـ(المجهر) البائعات يؤكدن: مهددات بالتوقف و(3 طرقات) بـ(5) جنيه)
(الكسرة)..مسمار القلب تحولت إلى (هم جديد على القلب)
جولة: نهلة مجذوب
(كل يبكي على ليلاه) هكذا بات حال المواطن والتاجر والبائع، يشتكون من غلاء الأسعار وركود حركة البيع والشراء، وجشع وطمع البعض جراء أوضاع اقتصادية حرجة تعيشها البلاد، وقد انعكست تأثيرات الغلاء على المواد الغذائية بصورة كبيرة، والتي بدت أسعارها مخيفة بوصفها أهم أسباب الحياة والعيش الكريم للإنسان، وتواجه البلاد أزمة ارتفاع أسعار الخبر والدقيق بكل أنواعه، حتى أصبح سعر الرغيفة زنة 70 جرام تباع بمبلغ جنيه، وتباع في ولايات أخرى بأكثر من ذلك، أما (الكسرة) والتي تعد من الوجبات الأساسية لدى كل السودانيين فلم يعد من السهل صنعها (عواستها) بالبيوت لارتفاع تكلفتها، ويفضل كثيرون شراءها من البائعات.
* الذرة تبلغ ذروتها ويقفز الجوال إلى 1200:
وبوقوف الصحيفة عند إحدى بائعات الكسرة بسوق ود نوباوي بأم درمان، تقول نعمات إنها أصبحت تتفاجأ كل يومين بسعر جديد مرتفع عند شرائها دقيق الكسرة، وتضيف بأسف بالغ إنها تجد نفسها محرجة للغاية أمام زبائنها لسنوات، لأنها تبيع الـ 3طرقات بـ5 جنيهات، وكررت كلمة (طرقات) للتأكيد أنها ليست (لفات)، التي قالت إنها لا تحمل أكثر من طرقة، وتضيف ببيع وخجلانة.
وتوضح نعمات التي تعمل في مجال بيع الكسرة لأكثر من 30 عاماً بهذا السوق: إن صاحب عربة الكارو الحصان الذي يجلب لها الدقيق من زريبة العيش بسوق أم درمان أبلغها صباح اليوم أن سعر جوال الذرة الفتريتة ارتفع وبلغ ألف جنيه بدلاً عن 700 جنيه في أقل من أسبوع، أما الذرة نوع طابت والذي تستخدمه في الكسرة فمن 500 جنيه أصبح الجوال بسعر1200 جنيه، بعيدا عن تكلفة النظافة والقشر والطحن في الطاحونة وارتفاع سعر الغاز الذي وصل إلى200جنيه للأنبوبة، وينتهي في أيام.. وقالت نعمات: إن الأرباح بسيطة للغاية في وقت تعاني فيه وتواجه ظروفاً صعبة في توفير لقمة العيش الحلال ومسؤوليات تجاه أسرتها.
أزمة أخرى تواجهها بائعات الكسرة في ظل الأزمة الاقتصادية هي غلاء أسعار أكياس البلاستيك الجديدة الصحية، التي يفوق سعرها الـ60جنيها للدستة، وتضيف نعمات: أن لا أحد من المشترين يأتي حاملاً إناءً أو كيس.
*بائعة كسرة: مهددين نخلي الشغل والآبري موضوع آخر.
وتضيف البائعة فاطمة إن الكسرة أصبحت غالية، وقالت: يا أما نعمل أو نخلي الشغل، ومهددين بالتوقف مع توالي الزيادات اليومية، لكن نرجع نقول إنه ما في حل نأكل ونربي منه عيالنا ونخشى في الوقت ذاته أن تفقد زبائنها.
وتردف أنه ولاقتراب حلول شهر رمضان المعظم سيكون احتياجاته أمراً آخر، إذ أنها وضعت تكلفة الرقاق ليكون سعر الجردل العادي ما بين 250-300جنيه، أما الآبري وتزريع ذرته يبدأ قبل فترة طويلة من عواسته، عندها سيكون موضوع آخر بحسب قولها وصمتت.
وتواجه بائعات الكسرة كغيرهن من العاملات في القطاع غير المنظم كستات الشاي والأطعمة والمشروبات ظروفاً صعبة، إذ أن معظمهن يعملن ويلبين احتياجات أسرهن وأطفالهن في ظل غياب أو وفاة أو مرض أو عجز رب الأسرة، ويعملن لتعليم الأبناء ومساعدتهم لضمان حياة كريمة لهم.
*طاحونة: أقل عبوة نص ملوة ولا تكفي لشخصين
وفي طاحونة بأم درمان معلق عليها وبصورة واضحة لافته للانتباه (أسعار الدقيق بسعر اليوم) في ظل أزمة الغلاء، وبسرعة وحماس شديدين استجاب العامل بالطاحونة للحديث لـ(المجهر) عن الغلاء المضطرد لحبوب الذرة بأنواعها، تاركاً طاحونته تدور يراقبها آخر، وتعبأ أكياس الدقيق لترص في أرفف مع أخرى، وكأنه لم يشتر أحد، وهكذا كان قول البائع عبد المجيد، مؤكداً أن الإقبال على شراء الدقيق بكافة أنواعه ضعيف جداً، وعزا ذلك لزيادة الأسعار وميول معظم المواطنين السودانيين مؤخراً للخبز، رغم ارتفاع سعره، كما أشار لعدم الإقبال على شراء الدقيق للمناسبات بكميات كبيرة كما كان في السابق نسبه لعزوف الناس عن تناول الكسرة، وأضاف قائلا: الصالات مالا ومال الدقيق.
وقال ومن يديه تتطاير بقايا دقيق، يحدثنا عن الأسعار الجديدة وفق موجة الغلاء من أيام فقط، لمكيال الربع الذي يقبل على شرائه معظم الناس وقال إن دقيق طابت وصل إلى 90جنيهاً من 55، والقمح 100 بدلاً عن 70، والفتريتة 50، بعد أن كانت25 جنيهاً فقط، والدخن لـ100 من 80جنيه.. وأوضح أقل عبوة هي نص الملوة، تتراوح أسعارها مابين 12جنيه إلى22 ودقيقها لا يكفي في وجبة لأكثر من شخصين.
وزاد عبد المجيد إن أي زبون يأتيه هذه الأيام متذمراً و(صاري وشو) وأضاف (أصبحنا نخجل من زيادة الأسعار) وختم حديثه ليلحق بطحينه بقوله: إنه ينتظر حلول المساء بفارق الصبر، معلناً نهاية عمله تفادياً من أن يرى زبائنه في حيرة وحسرة وألم بسبب زيادات بلغت في أيام مائة بالمائة وأكثر.