* لعل أكثر شيء توشحت به هذه الحالة السياسية التي نعيشها منذ ما يزيد على ربع قرن من الزمان، هو هذا الغموض الغريب الذي ظل ملازماً لكل موقف وكل حدث وكل قضية، وهو ما جعل الأمر سمة ملازمة للأداء الحكومي طوال هذه السنوات، ولعل الوجه والصورة الدراماتيكية التي جاءت بها هذه الفترة ومنذ بداياتها في خواتيم العقد الثامن من القرن الماضي، قد أعطت مبرراً ما لاستمرار هذه الحالة، باعتبار أن هذا هو أسلوب المرحلة وطريقتها التي تعتمدها لتنفيذ أهدافها التكتيكية التي ما انفكت منها أبداً على ما هو مطلوب لتعبر لرحاب ما هو استراتيجي بعيد المدى، وأيضاً بمبرر الحصار والاستهداف الأمني والعسكري والاقتصادي .. ولكن ومع مرور السنوات وتتاليها ترسخ هذا الغموض حتى التحم مع كل نفس حكومي، وكل عبارة حكومية، وكل تصريح حكومي، حتى صار الكل منها غامضاً، واليسير منه أقل غموضاً، ولا شيء منها واضح على نحو تام يجليه للناس، وهذه الحالة لا يمكن أن تكون مفيدة على الإطلاق، بقدر ما هي ضارة ومحبطة للجميع، فمن يجد نفسه وعلى الدوام في بيئة غامضة، لا يستطيع التفاعل معها بسبب عدم فهمه لما يجري، لا بد أن يدخله الكثير من الإحباط بل والكثير من الحنق والغضب .. ومن الخير لمن بيدهم مقاليد الأمور أن ينتهجوا مع التعقيدات الاقتصادية المتفاقمة الآن نهجاً جديداً في مصارحة الناس ومكاشفتهم ..
اشترك بالنشرة البريدية ليصلك كل جديد
مقالات ذات صلة
شاهد أيضاً
إغلاق