للأسف والأسف الشديد، رقص الأيام الماضية كثير ممن يدعون المعارضة على جسد الوطن الجريح وظنوا أن استفحال الأزمة الاقتصادية وارتفاع حدة الضيق والسقوط للجنيه السوداني هو فرصتهم للانقضاض على حكم الإنقاذ وتشييعه إلى مثواه الأخير.. ونشطت (اللايفات) من كل أنحاء الـ(فيسبوك)، بعضهم يحرض على الخروج إلى الشارع، وآخر يطالب المواطنين بسحب أموالهم من البنوك، وثالث يدعي أن المسؤول الفلاني والمسؤول العلاني قد قاموا بسحب أرصدتهم المليارية من البنوك، وهذا دعا إلى أن يلحق المواطنون أنفسهم ويسحبوا أموالهم المودعة لدى البنوك.
وفي عز (غبينة) هؤلاء من الإنقاذ نسوا أننا لسنا في جزيرة معزولة وأن ما يكتب ويتداول يطلع عليه الآخرون من الأشقاء والأصدقاء والجيران، وكل ما يتناقل من أخبار حقيقية أو مفبركة يؤثر بشكل حقيقي على ثقة الآخر فينا على مدى طويل، وقد تعودنا أن نعمل المصيبة وننساها لكنها تظل عالقة في الخارج ترسم من خلالها الدول أطر علاقاتها معنا، ونظل ندفع فاتورة الشائعات والفبركات عقوبات ينتظرها المترصدون بفارغ الصبر لتكون ذريعة لمزيد من الضغط والحصار.
وخلوني أقول إنني ظللت أتابع (لايفات) وتعليقات بعض من حرضوا الشعب السوداني على الخروج إلى الشارع والتظاهر واستعمال سلاح الفوضى، وكنت أسأل نفسي طيب ياخي ما تجربوا تمرقوا وأشعلوا الشرارة الأولى بدل الاختباء خلف الكيبوردات وأحرُف الهواتف الذكية وإطلاق الأحكام والاتهامات والشتائم بلا أسانيد ادعاء مفضوح للنضال الكذوب، لأن النضال البنعرفه أن تقول رأيك في الحكومة وصدرك مفتوح واسمك معروف وصورتك تتصدر ما تكتب تعريفاً بك.. أما ناس الشياطين الـ(13) الذين يتدثرون بالأسماء الوهمية وصور الفوتوشوب ويمتهنون الشتائم للشرفاء الذين يدافعون عن الغبش ويتبنون قضاياهم، فهم مجرد (مواهيم) أتحداهم أن يكشفوا عن هويتهم أو يخرجوا للشارع ويقولوا ربع ما نكتبه صباح مساء، ليبقى الفرق واضحاً وشاسعاً بين بائعي النضال على طرقات الوهم وبين من يكتبون بمداد الحرص والحب لهذا البلد، والخوف عليه، وليس الخوف من النظام ولا سجنه أو سجانيه.. لكن رغم هذا الغباش يبقى الشعب السوداني شعباً واعياً قادراً على التمييز، وقادراً على أن يحدد ساعة الصفر وفقاً لمعطياته وحساباته وليس بحسابات الجالسين على الـ(كوفي شوب) وفنادق الارتزاق الذين أدمنوا الكذب حتى صدقوا أنفسهم.
الدايرة أقوله إن الحكومة فرطت كثيراً في عهودها ووعودها لكنها محظوظة أنها تحكم شعباً أغلبه من الصابرين الحكماء والمثقفين المدركين لحتمية التغيير بشكل سلمي وحضاري، وهو فهم أرجو أن ترتفع إليه القيادة السياسية لتصنع التغيير بشكل سلمي وحضاري، وإلا سندخل في نفق بدايته احتجاجات وفوضى ونهايته موت وخراب ودمار ولجوء، والعاقل من اتعظ بغيره.
{ كلمة عزيزة
اهتمت حكومة ولاية الخرطوم بالضائقة الاقتصادية وقامت بمحاولات للتخفيف منها بإقامة مراكز للبيع المخفض، لكن للأسف ليس هناك تسليط للأضواء على الضائقة الاقتصادية في الولايات والمدن البعيدة، وكأن السودان هو الخرطوم فقط، ومؤكد أهلنا هناك يعانون أكثر من العاصمة، لكن للأسف لم تسلط عليهم الأضواء الكاشفة كما يفعل الإعلام للخرطوم الولاية.
{ كلمة أعز
القرار الذي اتخذه بنك السودان باحتكار الدولار وعدم شراء المستوردين له من السوق، أعتقد أنه كان القرار الأسلم والأصوب ليكبح جماح التفلت الذي جعل الدولار سلعة قابلة للمضاربة.. ومزيداً من القرارات الصارمة بلا تخاذل أو تهاون.