رؤية “علي عثمان” في ترشيح “البشير”.. إضاءة ثانية
{ تعمّدت أن انتظر وأتابع تعليقات المعلقين من الزملاء الكُتّاب والمحللين على حوارنا مع النائب الأول السابق لرئيس الجمهورية.. السياسي العريق الأستاذ “علي عثمان محمد طه”، قبل أن أدلي بدلوي في هذا النقاش الوطني المفيد.
{ وقد أثار الحوار ردود فعل واسعة داخلياً وخارجياً، وتناولته بالنشر والتعليق وكالات أنباء دولية ومحطات تلفزة عالمية، وما تزال وسائل الإعلام تنقب في تفاصيله وإشاراته، وما ذلك إلا لمكانة “علي عثمان” الرفيعة بين قواعد وقيادات حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وتأثيره على مجمل الحركة السياسية في السودان.
{ غير أني لاحظت أن الناقدين لرأي شيخ “علي” بشأن تجديد الترشيح للرئيس “البشير” لدورة انتخابية إضافية، ركزوا غالباً على خلفية الرجل القانونية، وأنه لا يصح لـ(محامٍ) و(قاضٍ) سابق أن ينادي بتعديل اللوائح والإجراءات ثم تعديل الدستور لصالح تحقيق رؤية سياسية محددة!
{ وينسى هؤلاء أو يتناسون أن “علي عثمان” سياسي محترف، مارس العمل السياسي من أوسع أبوابه ولعقود طويلة، منذ أن كان طالباً بمدرسة “الخرطوم الثانوية القديمة”، قبل أن يُنتخب رئيساً لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم عام 1970، متزعماً أقوى كيان نقابي في البلاد، كان له تأثيره العميق في الكثير من التحولات السياسية التي مرت بالبلاد. وهو الشاب الذي تقلد منصب (رائد) مجلس الشعب القومي في عهد (مايو) ولما يبلغ بعد الثلاثين من عمره، وهو زعيم المعارضة الدستورية في برلمان الديمقراطية الثالثة 1986- 1989، ونائب الأمين العام للجبهة الإسلامية القومية، وهو وزير التخطيط الاجتماعي.. ووزير الخارجية والنائب الأول لرئيس الجمهورية في عهد (الإنقاذ).. فهل ضاعت كل هذه السيرة السياسية الطويلة في سطر عمله بوظيفة قاضٍ أو محامٍ لبضعة أعوام؟!
{ “علي عثمان” زعيم سياسي قبل أن يكون محامياً يحفل باللوائح والإجراءات، حيث ينظر السياسي المفكر دائماً لكليات المشهد، ويبحث في حلول الأزمات من منصات استشرافية، دون أن يغرق في تفاصيل الإجراءات.
{ الدساتير والقوانين يصنع مادتها ويضع إطارها العام السياسيون، بينما يصوغ موادها القانونيون، وفق رؤى ومقاصد المشرع السياسية.
{ وما يراه نائب الرئيس السابق والأمين العام للحركة الإسلامية ما بعد مفاصلة نهاية العام 1999م، هو رأي سياسي، فإما أن يجادله المخالفون والمتحفظون حجة سياسية بحجة، أو يغرقوا في لجة اللوائح التي وضعها ذات الرجال الذين لا يستنكفون تعديلها لمصلحة وطنية عليا، مركزها الحفاظ على وحدة واستقرار البلاد، وعبور محيط ومرحلة الأزمات الخانقة التي تطوّق إقليمنا من كل جانب.
{ الأهم من ذلك أن “علي عثمان” يدعو للاتفاق على ممارسة (ديمقراطية كاملة الدسم) داخل مضمار انتخابات المؤتمر الوطني (الداخلية) دون عزل لأحد، وعلى ساحة نزال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في العام 2020م، ليفوز من يفوز ويخسر من يخسر، بمن في ذلك الرئيس “البشير”.
{ وفي رأيي أن فتح الانتخابات داخل الحزب.. وخارجه في الانتخابات العامة بنزاهة وشفافية مطلقة، هو خلاصة فكرة “علي عثمان”، فهل من حكيم يخالف دعوة الاحتكام للرأي العام.. هل من معارض لشرعية الصناديق؟!