شهادتي لله

مفاوضات السراب ..!

لم يكن في حسبان أي مراقب حصيف، أن تحقق جولة مفاوضات “أديس أبابا” الأخيرة تقدماً يتجاوز المحطات السابقة في مسار هذه المفاوضات العبثية بين حكومة السودان والحركة الشعبية – قطاع الشمال.
ومن عجب أن الطرفين يتفاوضان بإشراف وساطة أفريقية رفيعة المستوى تضم عدداً من رؤساء الجمهورية السابقين، بغية الوصول لاتفاق بوقف العدائيات حسب رؤية الحركة، أو وقفاً لإطلاق النار وفق طلب الحكومة، مع أن الحركة أعلنت من طرفها ودون حاجة لتفاوض وقف العدائيات في مناطق العمليات لمدة أربعة أشهر اعتباراً من الأسبوع المنصرم، فيما جددت الحكومة بمرسوم جمهوري قبل أيام وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر أخرى!!
بدون مفاوضات، وبدون وسطاء.. رؤساء أو وزراء أو سفراء، ودون حاجة للسفر إلى “أديس أبابا”، أوقفت الحكومة والحركة العدائيات بل وإطلاق النار، وهو ما يمثل واقع الحال في مناطق الحرب منذ أشهر طويلة!!
ولكن عندما يصل فريقا التفاوض إلى ردهات وغرف فندق “رديسون بلو” بالعاصمة الإثيوبية، تتبدل المواقف، ويتطرف الطرفان، يتشاغبان ويتماحكان، ويهدران النهارات المديدة والليالي الطويلة في الجدل البيزنطي العقيم لإثبات ما لا يمكن إثباته!!
ثم تنفض الجولة إلى أجل غير مُسمَّى عبر بيان بائس ومكرر يوقعه رئيس الوساطة رئيس جنوب أفريقيا الأسبق “ثامبو أمبيكي” ورئيسا وفدي الحكومة والحركة!!
تتحدث الحركة عن ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية عبر “أصوصا” الإثيوبية، للمتأثرين من حرب غير موجودة منذ أكثر من عام، إلا في خيالاتهم، فإما أن المتأثرين ماتوا وشبعوا موتاً، تقبلهم الله، أو أنه تمت معالجة حالات التأثر بصورة أو بأخرى طوال العام الماضي.
وتطالب الحكومة بتقديم المساعدات عبر مطار “الأبيض”، دون أن تسأل عن حجم تلك المساعدات المطلوبة وأعداد المتأثرين الذين ينتظرون وقفاً دائماً للحرب، لتنتهي معاناتهم نهائياً، ولا ينتظرون زيتاً ودقيقاً وعدساً، ترسله المعونة الأمريكية، مع مساعدات أخرى (ملغومة) لجيش الحركة الشعبية!
هي بلا شك مفاوضات عبثية، لا يمكنها أن تتجاوز مربع التسويف والتكتيك، ما لم تؤمن الحركة بأنه لا طريق غير التفاوض، ولا أملاً قريباً في إسقاط النظام.
فهل اقتنعت حركة “الحلو” ورفيقاتها من الحركات بأن وضع النظام على ما يرام ولابد من الإسراع في التوقيع على اتفاق سلام؟!
بالتأكيد لا.. وبالتالي فإن موافقة الحكومة على الذهاب للمفاوضات في هذا التوقيت، وهي تعلم أن الجميع يعلم أنها مواجهة بأزمة اقتصادية داخلية، فيه الكثير من السذاجة وضعف البصيرة.
والنتيجة أنهم عادوا كما ذهبوا.. بخفي حنين!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية