مسألة مستعجلة
استمرار الأزمات وموسم العودة للكِسْرَة
نجل الدين ادم
لليوم الثالث على التوالي استمرت أمس أزمة الجازولين وصفوف العربات في الطلمبات تعود بقوة، سبع ساعات أو يزيد هي الفترة الزمنية التي ينتظرها كل سائق مركبة ركب الصف!
أمس أشرت عبر هذه الزاوية إلى المحاولات المتكررة لبعض الوزراء في نفي وقائع حقيقية، ليصطدموا من بعد ذلك بحقائق ماثلة، ولا أحد منهم يعتذر عن تصريحه بمعلومات غير صحيحة، حيث لا يتورع أي أحد منهم بعد أن تثبت له الوقائع عدم صحة زعمه وتصريحاته، وقد توقفت في زاوية الأمس عند تصريح السيد وزير الدولة بالصناعة “عبده داؤود” بأنه لا توجد زيادة في أسعار السُكر ولا أزمة في الجازولين.
وعيب المسؤولين أنهم لا يقرأون تفاصيل ما بين السطور ولا يقرأون مستقبل الأشياء لمعالجتها، أي أنه لا توجد إستراتيجية حقيقية ترسم للبلد معالم من البناء والتنمية والنماء والإعمار.
لاحظت في أكثر من موضع أنه لا يوجد تنسيق بين الوزراء وبقية التنفيذيين كل يعمل في جزيرة معزولة، رغم أن العمل يُكمل بعضه البعض، تعجبت لمبررات وزير الدولة بالمالية “مجدي”، بأنهم في وزارة المالية لا علاقة لهم بزيادة الأسعار واشتعال السوق وأن ولاية الخرطوم هي المسؤولة عن هذا الانفلات من الأسعار، هكذا يتهرب كل مسؤول عن المسؤولية ليضيع المواطن المغلوب على أمره.
مسألة ثانية.. معظم المواطنين وبعض المسؤولين بدأوا موسم العودة للكِسرَة والعصيدة بعد تصاعد قيمة الرغيف، حيث إن أي أسرة لم يعد بوسعها شراء الكمية الكافية من الرغيف، فتلك التي كانت توفره بمبلغ (15) جنيهاً، فإنها اليوم تحتاج لـ(30) جنيهاً، وذي ما بقولوا مصائب قوم عند قوم فوائد، فالركوض الذي ضرب المخابز تحول بقدرة قادر إلى رواج لطواحين الدقيق.
البعض ربما فكر في العودة إلى الذرة والتي كانت في يوم من الأيام الوجبة الأساسية إلى أن جاء التطور في صناعة الخبز بأشكاله المختلفة ليهجر الناس، الذرة ويتمسكوا بالخبز، وكذلك الدخن الذي يمثل الغذاء الأول لأهل دارفور كافة، ولمعظم سكان كردفان الكبرى.
لكن ما نخشاه أن يحول أصحاب الطواحين التي كانت تغط في نوم عميق، يحولوا هذا الموسم للتكسب ورفع الأسعار، الذرة والدخن وغيره من البدائل.
أنا متأكد من أن تراجع سيحدث إذا حوَّل المواطنون إستراتيجيتهم الغذائية المعهودة واختاروا، نظام غذائي مغاير، لذلك فإن هذا التدافع من المواطنين صوب الذرة والدخن ربما يجعل سلعة القمح والدقيق بعيدة المنال وبالتالي هروب الموطنين منها، حينها سوف لن تجد الحكومة إلا خيار التراجع من هذا الضغط الذي تمارسه علينا بدعاوى رفع الدعم الذي لا نعرف له من سبيل إلا إطلاقه عند كل ميزانية.
والله المستعان.