الحاسة السادسة
معركة في غير معترك!
رشان أوشي
البعض يعتقدون أن إطلاق سيوفهم في الهواء، والخوض في صراع متوهم هو موقف وطني، يستحقون عليه أنواط الوطنية ونياشين الانتماء، ويتناسون أن الانتماء للوطن ليس بتبني مواقف الحكومة حتى وإن كانت خاطئة، أضف إلى ذلك أن محاولة تقمص أدوار بريئة لا تجعلك بريئاً.
التصعيد الذي شهدته علاقة السودان بمصر في الشهور الأخيرة، وطفو قضية حلايب إلى السطح بعد أن تناستها الحكومة كثيراً، وحاولت وقت ما إخراس كل صوت طالب بضرورة عودتها إلى حضن الوطن، حينما كنا نتحدث عن معاناة أهلنا البشاريين في ذلك المثلث المجني عليه من قبل نظامنا الحاكم قبل الدولة المحتلة، اتهمونا بمحاولات تخريب العلائق الدبلوماسية، ها هي اليوم حكومتنا تستخدم كرت حلايب للضغط على الجارة العزيزة مصر في إطار إعادة صياغة علاقاتها الدولية بمعزل عن حلف قديم، والمثير للدهشة بعض الأقلام الصحافية التي تفلح جيداً في الدفاع باستماتة عن مواقف الحكومة حتى وإن كانت خاطئة.
تحدثنا من قبل بضرورة أن تفتح بلادنا ذراعيها لجوارها الأفريقي، وعقد حلف إستراتيجي يشمل كافة المساقات (سياسياً، اقتصادياً)، وفتح الحدود وتسهيل التنقل، وبررنا ذلك بأمرين، هما التطور الاقتصادي في أفريقيا، إضافة إلى الرباط الوجداني والتاريخ المشترك، ولكن مصر ليست بمستثناة من هذا الحلف.
ولكن يبدو أن للحكومة رأياً آخر مبني على موازنات واضحة، تصب في نهر حلف دبلوماسي جديد تنتشي به قيادتنا هذه الأيام، ومضى الطبالون في طريق صب الزيت في النار وإتباع المثل السوداني القائل (إن غلبك سدها وسع قدها)، بأن انبرت بعض الصحف بنشر مانشتات (مصر تسعى لإسقاط النظام في السودان)، وهو محض خيال فقط، فظروف مصر الحالية لا تسمح لها بمغامرة كهذه، كما أنها ليست عدواً لبلادنا، اتقوا الله في شعبنا.