عودة التوترات
المعلومات التي ترشح من الجبهة الشمالية تقول إن التصعيد المصري ماضٍ في الإعلام وعلى الأرض بمنطقة حلايب.. ودبلوماسياً، وذلك بعد زيارة الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” التي عدّها الإعلام المصري موجهة إليه، مع أن “أردوغان” زار القاهرة من قبل ولم يثر ذلك حفيظة الخرطوم وغضبها.. حتى الإسرائيليين الذين يجوبون القاهرة والإسكندرية يعدّهم السودانيون شأناً خاصاً بالدولة والحكومة المصرية، وفي محاولة من القاهرة وبعض مشيخات الخليج وبصفة خاصة دولة الإمارات العربية المتحدة التي تحاول لعب دور أكبر منها، وتتقمص شخصية المحارب بالوكالة لكل ما هو إسلامي، تدفع هذه المشيخة من وراء ستار لتصعيد الأجواء في السودان.
وبعد أن فشل مشروع اللواء “خليفة حفتر” في ليبيا وإغلاق دروب وصول حركات دارفور للعمق السوداني، يتخلق الآن مشروع بائس بدفع دولة إريتريا لإعادة لعب دورها السابق حينما توهمت أن الخرطوم تحتضن جماعات الجهاد الإريتري في تسعينيات القرن الماضي.. ففتحت أرضها للمعارضة السودانية، بل أقدمت على سلوك مشين لم تسبقه إليها دولة بتسليم مبنى سفارة السودان في أسمرا لجماعات المعارضة، وحاولت دعم لواء السودان الجديد الذي يتكون من بعض أبناء الشرق والحركة الشعبية أيام مجدها وصيتها.. وفشل المشروع الإريتري الذي تزامن مع فتح جبهات أخرى يوغندا وإثيوبيا ومصر كذلك، وتم دحر العدوان الثلاثي، واليوم يتخلق مشروع عدوان ثلاثي أيضاً من مصر على الحدود الشمالية الشرقية (حلايب) وإريتريا وجنوب السودان الذي استدعى قادة الحركة الشعبية بقيادة “عبد العزيز الحلو” لينفخ فيهم الروح.. والآن قادة الحركة الشعبية من جناح “الحلو” في حضن “سلفا كير ميارديت” يطعمهم ويمنحهم السلاح ليقاتلوا في جبال النوبة.. وهو الفصيل الذي ظلت الحكومة تراهن على التسوية معه من خلال جولة المفاوضات المعلنة في نهاية الشهر الجاري.. ولكن هل المجتمع الدولي يسمح بنشوب حرب جديدة في القرن الأفريقي مسرحها الحدود السودانية الإريترية؟ وهل يعتقد المصريون والإريتريون والمحرض والداعم الإماراتي أنهم في مأمن إذا اندلعت مثل هذه الحرب؟؟ ومن المستفيد منها؟؟
أما على صعيد الجبهة الجنوبية فإن حكومة “سلفا كير” حتى الآن لا يزال قادة حكومتنا يعتقدون أنها الخيار الأفضل من بقية الخيارات.. هذه الحكومة أصبحت أيامها معدودة في كرسي الحكم بعد إعلان رئيس أركان الجيش الشعبي السابق “مالونق” رفع السلاح والتمرد على حكومة “سلفا كير”.. وكل المؤشرات تقول إن الضائقة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد حالياً هي بسبب حرب عربية صامتة تشنها بعض البلدان من أجل تفجير الأوضاع داخلياً وإسقاط النظام.
وما كتبه “عبد الرحمن الراشد” الكاتب السعودي المتصهين في الأيام الماضية عن ضرورة تمكين مصر اقتصادياً وتكوين قوة عسكرية تكون لمصر اليد العليا فيها، ما هو إلا تعبير عن حقائق يظن البعض أنها خافية ومكتومة.. لكن في عصر الإعلام المفتوح بات كل الورق على الطاولة.. والتصعيد الثلاثي الحالي لن يكون مصيره إلا مصير ما سبقه من تحالفات تمت رعايتها من الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة ومن السيدة “أولبرايت” حينذاك، دعك من التحالف المرعي من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي وكيل لوكيل وعبد لعبد.