مسامرات
أغانٍ وطنية بطعم (الوعي)..
محمد ابراهيم
{ انتظمت قبل فترة مبادرات متفرقة أبرزها مبادرة الموسيقار “محمد الأمين” للغناء الوطني ومبادرة إذاعة “بلادي” للأغنية الوطنية.
{ الإعلام والإمكانات المالية المتوفرة للمبادرتين كان من الممكن أن تصنع حراكاً إيجابياً ناجحاً، لأن المال يستطيع أن يختزل كثيراً من الوقت والزمن.. ويستطيع أن يذوّب كثيراً من الصعاب التي كان من الممكن أن تعترض طريق المبادرتين.
{ ربما هذا الأمر ينطبق على كل المشروعات الاجتماعية والاقتصادية، لأن قوة المال والإعلام تستطيع أن تطوّع المستحيل.. إلا في حالة تلك التي لها علاقة بالإبداع.
{ الإبداع الحقيقي نتاج حركة إنسانية طبيعية يمكن أن يتأثر بالبيئة والحركة الإبداعية وعزم المبدعين أنفسهم في تقديم ما يرونه مناسباً دون سقوفات إبداعية أو طلبات أو حوافز.. فالإبداع هبة ربانية تتخلق فطرياً.
{ لذا فإن تلك المبادرات رغم تكاثف الدعوات الإعلامية لها والحوافز الكبيرة لم تحرك شيئاً ربما في عزيمة المبدعين الحقيقيين.
{ لأن الإبداع لا يأتي بالطلب.
{ وربما كان هذا السبب هو ما جعل مبادرة “محمد الأمين” حول الأغنية الوطنية تقف في مكانها.
{ في الوقت ذاته الذي تحركت فيه أدوات المبدعين الحقيقيين بعيداً عن تلك المناسبات والدعوات التي تلبس بزة المهرجانات والمناسبات والرسميات.
{ تحركوا فأنتجوا في بدايات هذا العام كثيراً من الأعمال الوطنية.. وربما نطلق على هذه الأيام (موسم الأعمال الوطنية) التي ستساعد على رفع الحس الوطني لدى الشعوب وتلمس الحاجات الوطنية.
{ قدم “أبو عركي البخيت” أغنية (وطن نجمة) للشاعر “مكاشفي محمد بخيت”.
{ قدم “محمد الفاتح زولو” بمصاحبة “عمر إحساس” و”آمال النور” و”مهدية” (أوبريت) عن دارفور.
{ أعاد كورال كلية الموسيقى والدراما أغنيتي (أرض الطيبين) و(بلادي أنا) وهما من الأعمال الوطنية الكلاسيكية.
{ وقدمت “ندى القلعة” أغنية (أنا كوشية)، بالإضافة إلى “منى مجدي” التي قدمت أغنية (أنا السودان).
{ ويلاحظ أن كل هذه الأعمال نجحت إلى حد كبير لأنها (معمولة بحب المبدع لمهنته).
{ وهذا الدفق الوطني الإبداعي تأسس ربما على إدراك هؤلاء المبدعين لماهية الفن وتأثيراته الإيجابية في ملامسة القضايا الوطنية.
{ إبداعهم هنا أتى فطرياً وطبيعياً وقدموا رصيداً إضافياً لحركة الغناء الوطني.
{ حركة الغناء الوطني في السودان لم تشهد مثل هذه المبادرات والبدع الفنية وظلت راسخة في أذهان الناس طوال عقود من لدن “محمد الأمين” نفسه في ملحمته (قصة ثورة) والأكتوبريات وأناشيد “وردي” الثورية في أكتوبر، ومناهضة كل أشكال الدكتاتوريات عبر التاريخ أصبحت أنموذجاً للغناء الوطني.. مروراً بـ”العطبراوي” و”عثمان حسين” و”إبراهيم عوض” و”مجذوب أونسة” و”أبو عركي البخيت” و”سيد خليفة” انتهاءً بـ”زولو”.
{ وأصبح بذلك يقيناً أن كل ما يمكن أن يدفع مسيرة التجويد والحذاقة للفن لا يأتي بالطلب ولا بالأوامر، وإنما هو دفق إبداعي يتأثر بالمبدع نفسه، وليس العوامل المادية هي المحفزة له.
} مسامرة أخيرة
*يا هدهدي المهدود
مين هدهدك.. نمت
كل الطيور غنت..
منك يجيني سكوت
مين الهداك للناس
أو هدّ فيك الموت؟
يا أوسم الجايين..
أنا قلبى حِلّة حنين
والشوق فتحني بيوت
يا صالحة لا جنبك..
لا فتّ منك فوت
دايماً معلق بين بين
“عاطف خيري”