"البشير": التنمية تبدأ بإعادة قطاع السكك الحديدية إلى عهده الأول
الرئيس يدشن عودة القطار لنقل المسافرين بين مدني والخرطوم
وزير النقل: السكة حديد إحدى ممسكات الوحدة الوطنية
تقرير – وليد النور
وصفت السكة الحديد بأنها إحدى ممسكات الوحدة الوطنية للسودان، وضمان الأمن وحاملة راية السلام ورافعة الاقتصاد وركيزة التنمية المتوازنة، على حد تعبيره، وزير النقل والطرق والجسور المهندس “مكاوي محمد عوض” لكن للسكة الحديد والقطار، مكانة مميزة في ذاكرة المواطنين ووجدانهم فقد كان السفر بالقطار وسيلة أيضاً للتعارف بين الناس والتعرف على الثقافات المختلفة، واكتساب معارف وخبرات جديدة ووثقت الأغاني السودانية للعديد من التجارب الحياتية المرتبطة بالقطار وسفره، وهو يربط أجزاء السودان الشاسع ببعضها البعض.
وقد عاد الآن القطار ليواصل سيرته الأولى بعد توقف، حيث دشن رئيس الجمهورية يوم (الثلاثاء)، خط الخرطوم – مدني، كبداية لاستئناف عمل القطار في ربط كل أجزاء السودان، وقد رأى الكثيرون في الخطوة الأولى حياة للكثيرين، بعد أن ارتبط السفر بالسيارات على طريق مدني الخرطوم بالحوادث المأساوية، حتى أطلق البعض على الطريق اسم طريق الموت.
وجاءت التسمية نسبة لكثرة الحوادث المرورية، إذ يعبر ولاية الجزيرة كل المسافرين من وإلى كل أنحاء السودان، الدمازين – القضارف وكسلا وبورتسودان، والأبيض ونيالا وغيرها، ومع ارتفاع أعداد السيارات وضيق الطريق البري والتخطي الخاطئ لكثير من السائقين، شهد الطريق وقوع الكثير من الحوادث التي أودت بحياة العديد من المواطنين وعندما أعلن تدشين خط سكة الحديد مدني -الخرطوم، وإعادة تشغيل القطار بين البلدين، أمس الأول، استبشر مواطنو ولاية الجزيرة خيراً بعودة القطار إلى العمل، لأسباب عدة منها الأمان الذي يوفره السفر بالقطار، دون البصات والسيارات. وربما لا يخلو بيت في الجزيرة غير متضرر من الطريق سواء بفقدان قريب أو صديق أو جار بسبب الحوادث التي لا تخلو منها الصحف اليومية، وبحسب خبراء فإن القطار سيقلل من الحوادث المرورية، مشيرين إلى أن مواطني ولاية الجزيرة ظلوا ينتظرون بأمل كبير وصول القطار الذي تقل تكلفته -أيضاً- عن البصات، التي تشهد زيادة مطردة في تعرفتها، خاصة في المناسبات، مما جعل السفر أمراً خارج استطاعة الكثيرين . إذ يبلغ سعر تذكرة القطار (50) جنيهاً مقابل (75) جنيهاً للبص، فضلاً عن اختصار الزمن الذي يستغرقه القطار مقابل الثلاث ساعات التي يستغرقها البص.
بدأ بناء سكة حديد بالسودان في عهد الخديوي إسماعيل، وقد وصل الخط الحديدي في عهده من حلفا إلى أمبكول، أي لمسافة (266) كيلومتراً. وفي أبريل سنة 1909 بدأ العمل في مد الخط من الخرطوم وفي نهاية ذلك العام وصل الخط إلى مدني، واستمر تشييد الخط غرب النهر حتى وصل الأبيض فى ديسمبر سنة 1911. وهكذا فإن بناء (962) كيلومتراً من الخط الحديدي بين الخرطوم والأبيض، كان له الأثر الفعال في ربط كل من الجزيرة وأواسط كردفان بأسواق العالم، ولذلك تم التفكير في مد خطوط إضافية تربط تقاطع سنار بالقضارف وكسلا وبورتسودان، وكان قد بدأ في مارس سنة 1928 تشييد خط من كساب الدوليب (التي وصلها خط من تقاطع سنار في عام 1926). ووصل السوكي في أكتوبر سنة 1928 .
وأعلن رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير”، أمس الأول (الثلاثاء)، عزم الحكومة بناء خطوط سكك حديدية تربط السودان مع دولتي إثيوبيا وجنوب السودان، مؤكداً أن التنمية تبدأ بإعادة قطاع السكك الحديدية إلى عهده الأول، ووعد بدعمها والصرف عليها باعتبارها أساس التنمية.
وقال إن السكة الحديد هي إحدى ممسكات الوحدة الوطنية، مشيراً إلى المآسي التي صاحبت السفر بالطرق البرية بالبصات والأرواح التي أزهقت بسبب تدني السكة الحديد سابقاً، مشيداً بمجاهدات عمال السكة الحديد، ومناهضتهم للاستعمار مع الانضباط في أداء الخدمة، وأوضح أن السكة الحديد كانت، ومازالت الرابط بين أطراف البلاد المترامية، وامتدح الرئيس الدور الكبير الذي بذله العاملون بهيئة السكة الحديد، وقال: (إنهم أكملوا فرحتنا بالاستقلال المجيد بهذا الإنجاز الكبير بتدشين قطارات الجزيرة). ووجه وزارة المالية بمنح العاملين بالسكة حديد مرتب شهرين، حافزاً تقديراً لجهودهم في إعادة خط الخرطوم/ مدني .
وشهد “البشير” التوقيع على عقد تشييد خط السكة الحديد الذي يربط مدن كوستي، سنار والأبيض بطول (434) كيلومتراً بحضور وزير النقل والجسور ووالي الخرطوم وعدد من الوزراء، ووقعت هيئة السكك الحديد العقد مع ثلاث شركات، وشمل التوقيع خط سنار- كوستي بطول: (117) كيلومتراً وتنفذه شركة سودان بايل وخط كوستي- أم روابة بطول (170) كيلو متراً، تنفذه شركة نوبلس وخط الأبيض- أم روابة بطول (147) كيلومتراً تنفذه شركة جياد.
ووقع عن هيئة السكة الحديد المهندس “إبراهيم فضل” وعن شركة سودان بايل مديرها المهندس “عبد الرحمن محمد علي” وعن شركة نوبلس مديرها المهندس “محمد المأمون” وعن شركة جياد مديرها المهندس “القرشي يوسف القرشي”.
وقال “البشير”، في الاحتفال بتدشين قطار ولاية الجزيرة “سنعمل على ربط خطوط السكك الحديدية، مع دولة إثيوبيا، لحاجتها للموانئ السودانية المطلة على ساحل البحر الأحمر”.
وتابع: “ونسعى أيضاً إلى ربط خطوط السكك الحديدية مع دولة جنوب السودان، لتكون معبراً للسودان إلى دولتي كينيا وأوغندا، ولتسهيل حركة نقل البضائع والمواطنين مع تلك الدول”.
وقال: “مشروع الخط الحديدي الذي يربط ميناء بور تسودان (شمال شرق)، مع العاصمة السنغالية داكار، سيحقق نقلة كبيرة في حركة النقل في أفريقيا”.
وكانت منظمة التعاون الإسلامي أعلنت في قمة العاصمة السنغالية داكار، في مارس 2008، عن مشروع لإنشاء خط سكك حديدية يربط ميناء بورتسودان السوداني على البحر الأحمر – بداكار، ويبلغ طوله (10) آلاف ومائة كيلومتر. ويعبر الخط المقترح عدة دول هي: السودان وتشاد ونيجيريا والنيجر وبوركينا فاسو ومالي والسنغال، كما يربط دول غامبيا وغينيا غرباً، وليبيا شمالاً، والكاميرون وسطاً، وأوغندا جنوباً.
ومن جانبه ،أكد وزير النقل والطرق والجسور المهندس “مكاوي محمد عوض” استعداد وزارته لمواصلة مسيرة السكك الحديدية وربط كل الولايات والسودان بدول الجوار، مشيداً بمساندة رئاسة الجمهورية لقطاع النقل. واستعرض الخطة الإستراتيجية للسكك الحديدية لتشييد أكثر من (8500) كيلومتر، ونقل (20) مليون طناً من البضائع المختلفة ونقل (7) ملايين ونصف من الركاب سنوياً.
وأعلن عن تنفيذ أكثر من ألف وثلاثمائة كيلو متر من بور تسودان- مدني- بابنوسة – نيالا، مشيراً إلى أن وزارته وقعت عقداً مع شركة صينية لإنشاء مصنع للفلنكات الخرسانية ذات الاتساع المزدوج بمدينة سنار.
وقال “مكاوي” إن السكة الحديد تعتبر إحدى ممسكات الوحدة الوطنية وضمان الأمن وحاملة راية السلام ورافعة الاقتصاد وركيزة التنمية المتوازنة، مشيراً إلى توقيع اتفاقية السلطنة الزرقاء الخرطوم- سنار وقطار بورتسودان- مدني وتحديث خط كوستي- سنار- الأبيض، معلناً عن موافقة وزارة المالية على تمويل إعادة خط الشرق هيا – كسلا – القضارف – سنار- الدمازين، بجانب التمويل لتحديث (3) آلاف كيلومتر سكك حديدية دفعة واحدة اختصاراً للخطة الإستراتيجية وتنفيذها عبر الشركات العاملة في الطرق، منوهاً للعمل في قطاع النقل النهري والموانئ البحرية وإعادة هيكلة الخطوط الجوية السودانية.
وأشاد “مكاوي” بالجهات التي دعمت النقل وهي البنك المركزي والمصارف التجارية وبنك أم درمان الوطني وخلافها من الشركات .
وقال المهندس “إبراهيم فضل” مدير عام هيئة السكك الحديد بوزارة النقل إن الاحتفال اليوم بتدشين قطار الجزيرة هو دفعة قوية للهيئة وإنفاذها للمشاريع الكبيرة، وأشار إلى أن قطار ركاب الخرطوم- الجزيرة يتكون من وحدتين، كل وحدة من ست عربات ركاب وقاطرتين بمواصفات حديثة وآمنة تنقل كل وحدة (432) راكباً وعدد الرحلات اليومية رحلتين من الخرطوم ورحلتين من مدني ويبلغ طول مسار الخط (174) كيلومتراً وخطوط المحطات الداخلية (15) كيلومتراً.
الجدير بالذكر أن فئات التذاكر الخرطوم – مدني والحصاحيصا (50) جنيهاً، الخرطوم – المعيلق – المسيد (35) جنيهاً، المعيلق- المسيد – مدني- والحصاحيصا (35) جنيهاً.