مسامرات
على مشارف وداع عام
محمد إبراهيم الحاج
{ والعام الحالي يجر ساعاته ولحظاته الأخيرة، التي تنوعت بين الإحباطات والخيبات والإشراقات.. الهزائم والانتصارات.. وبعض الانكسارات، كان لابد من التعليق على بعض الأحدث التي ميزت الأيام الأخيرة منه.
{ ربما أكثر الأحداث التي أثارت الناس- ولا تزال- قضية هجوم الإعلام المصري الأخرق على زيارة الرئيس التركي إلى البلاد، وكشف بعض العرب ممن كنا نعدّهم بمثابة الإخوان والأصدقاء وجههم الكالح، مع بزوغ أدنى خلاف سياسي أو رياضي يتبدى لنا الوجه الأقبح منهم.
{ ومصر التي أخرجت “الشعراوي” و”أم كلثوم” و”طه حسين” و”محمود أمين العالم” و”أحمد شوقي” و”أحمد زكي” و”حافظ إبراهيم” و”بليغ حمدي”، هي ذاتها مصر التي تفتح شاشاتها لأمثال “أحمد موسى” والأراجوز “فاروق عكاشة” ليملآ الأرض زعيقاً بحلاقيمهم المشروخة.. وبمثلما هذبت مصر الوجدان بأمثال “طه حسين” و”أم كلثوم” تعود لتلوثه بهؤلاء الهتيفة الذين (يجعرون) وكأن الأرض قدت من أسفلهم بنيران (الجحيم) والرئيس التركي يتجول في أنحاء البلاد ويضع جسراً قوياً لعلاقات البلدين.
{ ما تعيشه مصر حالياً من تدهور إعلامي مريع هو أمر طبيعي لحالة التوهان التي تعاني منها الدولة بكلياتها.. فالتدهور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي انعكس أثره على بعض الباحثين لهم عن دور ولو (بالشتائم والألفاظ البذيئة) من بعض مراهقي الإعلام.. فالمهم لديهم الآن هو الوجود والتأثير سواء أ كان سلبياً أم إيجابياً.
{ حسناً فعلت فضائية (أس 24) بالرد العنيف على (سواقط) الإعلام المصير باللغة التي يعلمونها.. وإن كنا ننتظر رداً أكثر من بعض القنوات الفضائية الأخرى للاضطلاع بدورها الوطني في الرد على (تخرصات) الإعلام المصري والعربي.
{ ردوا عليهم بنفس لغتهم.. وبأقوى منها حتى يعلمون أننا قادرون على رد الصاع صاعين لكل من يتجرأ على أحفاد “تهراقا” و”بعانخي”..
{ قنوات مؤثرة مثل الشروق والنيل الأزرق لماذا لا تتخندق مع القضية الوطنية الملحة الآن وتفتح استوديوهاتها للرد على مثل هذا الإعلام المطلوق على (الهواء) (وتصفعه) بأقوى مما تلقينا منهم.
{ في أحداث نهايات العام برزت قضية الفنان “أبو عركي البخيت” والكوميديان “عوض شكسبير” بقوة.. قضية أثارت الناس كثيراً.. وبداية أو أن أشير إلى نقطة مهمة للغاية، هي أن ما أتى به “شكسبير” لا يدخل في نطاق النقد، بل يندرج تحت خانة (الإساءة إلى رمز وطني).. وهو ما يفسر حالة الغليان الشعبي الكبير في مواجهة المنولوجست “شكسبير”.. فالشعب السوداني ذكي جداً.. يعلم من هو الأحق بالنقد والسخرية.. و”عركي” بعيد عن هذا الأمر بعداً يفوق المسافة بين “شكسبير” والإشارات الوطنية في غناء “عركي”.. لهذا هو لا يفهمه.. لا يفهم ما يغنيه.. ولا يفهم رسالته الفنية.
{ أحد أصدقائنا من الذين لا يفهمون شيئاً في الفن التشكيلي يرتبط بعلاقة إنسانية قوية للغاية مع الفنان العالمي “شبرين” وتجمع بينهما أواصر الصداقة.. دعاه “شبرين” ذات يوم إلى أحد معارضه.. وذهب صديقنا ملبياً دعوة الفنان العالمي الكبير، وبعد أن تجول في المعرض وشاهد كل لوحاته عاد إلى “شبرين” وعاجله بقوله ضاحكاً: (والله شفت المعرض لوحة لوحة.. وما فهمت منو إلا صحن المرطبات الشايلو في يدي)، فتبسم الفنان العالمي ورد عليه ممازحاً: (دي أحسن حاجة لأنو لو إنت فهمت اللوحات دي تبقى مشكلة كبيرة).
{ أظن أن “شكسبير” لو فهم غناء “عركي” (ح تبقى مشكلة كبيرة).
} على مرافئ الخروج
{ من أسوأ الأخبار التي نودع بها العام هو ما راج عن أن مسرحية (ملف سري) ستتوقف، لأن إدارة قاعة الصداقة رفعت قيمة إيجار المسرح .. وهو ما سيجعل واحدة من أهم إشراقات العام تتوقف إجبارياً.. وقاعة الصداقة التي ظلت تستقبل المؤتمرات (الباردة) طوال السنوات السابقة ونسجت خيوط العنكبوت على مسرحها.. يؤرقها نجاح عمل إبداعي فتسعى إلى اغتياله بهذه الزيادات غير المبررة.. هل رأيتم محاربة للإبداع مثل ما يحدث عندنا؟