"عادل عبد العاطي" رئيس حملة (سودان المستقبل) مرشح الرئاسة في 2020م في حديث لـ(المجهر)
برنامج (سودان المستقبل) لا يعتمد على مخاطبة العواطف الدينية
أدعو القوى السياسية إلى النشاط الجماهيري واللجوء إلى الانتخابات
نركز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية كمدخل لحل مشاكل البلاد
ليس صحيحاً ما يقال عن خوضي الانتخابات لتحقيق مكسب شخصي!
على نحو مبكر شغل الوسط السياسي بالانتخابات واحتدم السجال حولها، وعلت أصوات شعبية ترشح “البشير” لدورة أخرى. وفي ظل هذه الإرهاصات وصل البلاد (السبت) الماضى رئيس حملة (سودان المستقبل) “عادل عبد العاطي” إلى البلاد، معلناً ترشحه مستقلاً للرئاسة في 2020م. ويعدّ الرجل من مؤسسي التيار الليبرالي قبل أن ينشق عنه.. (المجهر) التقت به وأجرت معه الحوار التالي..
حوار – سيف جامع
{ طرحت شخصك كمرشح مستقل لرئاسة الجمهورية.. هل ترى أن هنالك إمكانية للفوز أمام مرشح حزب المؤتمر الوطنى؟
_ نعم هناك إمكانية وأكثر.. ولكن هنالك ضرورة للتغيير.. التغيير أصبح حتمياً كما قال “الخاتم عدلان”، قبل عشرين سنة تقريباً طرح سؤال السودان يكون أو لا يكون.. وهذا السؤال يطرح نفسه بشدة.. لأننا وصلنا من الفشل السياسي والاقتصادي والاجتماعي أقصاه، ومن التفكك ومن احتمال تفكك ما تبقى من السودان، والتغيير أصبح ضرورة وليس ترفاً.
{ ما هي آلياتك؟
_ آلياتي هي أفضل آلية يمكن أن يتم بها تغيير، وأكثر آلية حقيقية في التغيير هي الاعتماد على الأغلبية الشعبية، لأنك في ظروف السودان عندما تكسب الأغلبية ببرنامج واضح مفصل، لا ديني ولا يعتمد على الشعارات الدينية، والانتماءات الطائفية والقبلية، فأنت أنجزت تغييراً في أفكار الناس وعقليتهم. ويكون من السهل تنفيذ هذا البرنامج، لأن الناس تكون قد تجاوزت كل مخاوفها وكل تشويه الوعي الذي تم خلال (30) سنة. وكل ما كان يمزقها من خلافات قبلية وجهوية. ونحن اعتمدنا الطريقة الانتخابية لأنها سهلة على المواطن وصعبة علينا. سهلة على المواطن لأنها لا تكلفه سوى صوته. وصعبة علينا لأنها تفترض فينا الوصول لكل مواطن وإقناعه.
{ ألا تعتقد أنك بدأت حملتك مبكراً؟
_ لا أفتكر، بالعكس بدأت متأخراً، لأن المؤتمر الوطني بدأ في تنظيم نفسه للانتخابات منذ نهاية الانتخابات السابقة، أبريل 2015م. إضافة إلى ذلك أنه يعتمد على أجهزة الدولة وعلى موارد مالية ضخمة ليست له وإنما للشعب السوداني.
{ ألا تخشى من قوة ونفوذ حزب المؤتمر الوطني؟
_ المؤتمر الوطني الآن ليس حزباً، هو عبارة عن مجموعة من أصحاب المصالح الذين يخشون على مصالحهم، لذلك لا أتصور أنهم سيسلمون السلطة وهم مقتنعون، لكن لا يستطيع المؤتمر الوطني مهما كان أن يقف أمام شعب كامل، ونحن نسعى للوصول لكل أفراد هذا الشعب وإقناع الأغلبية منهم.
{ ذكرت في إجابتك أن البرنامج غير ديني وأنت تعلم أن السودان أصوله صوفية وطائفية دينية وغيرهم؟
_ لا لم أقل برنامج غير ديني، ولكن قلت لا يعتمد على العواطف الدينية.
{ لكن الأغلبية يفضلون الحكم الديني؟
_ لا.. لا.. لأن الشعب في السنوات الأخيرة من حكم “نميري” والسنوات الماضية في حكم الإنقاذ اكتوى بالسياسات المتاجِرة بالدين. ووصل الأمر إلى حد انفصال جزء عزيز من الوطن، ووصل إلى الانهيار الاقتصادي الشامل. فماذا بعد؟ تجارة الدين تجارة ليست رابحة.
{ كيف تنظرون إلى العلاقة بين الدين والسياسة؟
_ (سودان المستقبل) يؤمن على الفصل التام ما بين الدين والدولة.. الدين علاقة خاصة بين الإنسان وربه والإنسان وضميره، والدولة شأن عام، علاقة بين المواطنين فيما بينهم. نحن نوقر الدين ونحترم وجوده الاجتماعي لكن إدخال الدين في السياسة والسياسة في الدين، دائماً كان وبالاً على الدين والسياسة، وفي تجارب كل الشعوب سواء أكانت أوروبية أو آسيوية أو أفريقية انتهت إلى حروب دينية ودمار للمجتمعات. ولدينا مثال أيرلندا الشمالية، وحرب المائة عام في أوروبا، وبورما والحرب المستمرة في الشرق الأوسط.. هذه كلها بسبب إقحام الدين في السياسة.. السياسة عملية تعنى بمعاش الناس وحقوقهم ولا تعنى بعلاقتهم بربهم، فهذه علاقة خاصة يحاسب عليها الإنسان فرداً، ولا يُسأل عن رئيسه.. يُسأل صلاته وصيامه.
{ حدثتا عن برنامجك الاقتصادي؟
_ في (سودان المستقبل) لدينا مشاريع محددة ومفصلة.. مشاريع اقتصادية مثلاً، لدينا لها دراسات، ولدينا دراسات متكاملة عن إصلاح النظام التعليمي، وليست هنالك شعارات بالية، نحن نركز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ونفتكر أنها المدخل السليم لحل مشاكل السودان.
{ البعض يقول إنك أتيت لتحقيق كسب شخصي ولا تريد الفوز بالرئاسة؟
_ من الذي قال ذلك؟ ليس هنالك من يقول ذلك، ومن قال ليس صادقاً.. نحن ننوي الفوز في انتخابات 2020 وليس لدينا وقت ولا مال ولا جهد لنضيعه في معركة لكسب شخصي. وما هو الكسب الشخصي؟ يعني في هذه المعركة سندفع الكثير من راحتنا، والكثير من أموالنا التي حصلنا عليها بشكل شرعي.. والحملة حتى الآن مدارة بمساهمة أعضائها ومرشحينا، وتعرضنا للقمع وتعرض ستة من أعضائنا للاعتقال، ولدينا عضو الحملة ومستشارها “رضوان داوود”. فهل هذا كله من أجل كسب شخصي بعدم الفوز؟ أنا أفهم أن تفوز لكسب شخصي لتكون رئيساً وليس هنالك كسب شخصي.. هنالك برنامج يتم تطبيقه لحل مشاكل السودان.
{ هل ستخوض انتخابات 2020 لتنافس مرشح المؤتمر الوطني على رئاسة الجمهورية؟
_ نحن لا نضرب في الرمل، سنعمل كل جهدنا على أن لا يترشح البشير لـ2020 لأن هذا مخالف للدستور، فالدستور يتحدث عن دورتين انتخابيتين وليس عن أربع أو خمس دورات انتخابية، أدمن النظام خرق الدستور لكن هذه المرة لن يمر الأمر بدون مقاومة جدية جماهيرية وقانونية ودبلوماسية على كل المستويات، نعتقد أن من مصلحة المؤتمر الوطني ألا يسير في هذا الطريق لأنه سيخسر الكثير.
{ وتريد تغييره عبر الانتخابات.. ألا ترى أن ذلك مستحيل؟
_ لا، لأن النظام جاء بالطريق الذي يعرفه وضمن فلسفته السياسية فلسفة فرض الأمر الواقع، ونحن من جانبنا نسلك الطريق الذي نعرفه ضمن فلسفتنا السياسية فلسفة الديمقراطية، إعطاء الأمر للمواطنين، والذي يحتكم للمواطنين أقوى ونحن نتعامل معها بجدية.. هذا هو منهجنا، نحن مؤمنون بالديمقراطية، والديمقراطية الليبرالية، وبحق المواطن في التعبير عن رأيه.. النظام لا يؤمن بهذا، وكل يمارس السياسة بالأسلوب الأفضل بالنسبة له والذي يتفق مع فلسفته السياسية.
{ ماذا عن موقع معاش الناس ضمن حملتك الانتخابية؟
_ مشروعنا يقوم على إحداث نهضة شاملة في السودان اقتصادية، اجتماعية وثقافية، هذه النهضة ليست فقط لغرض رفع الدخل القومي وعمل مشاريع اقتصادية ضخمة ولكن لتحسين معاش المواطن، لأن أي نهضة لا ترتكز على معاش المواطن وحقوقه تكون فاشلة في النهاية.. نحن ننطلق من فلسفة اجتماعية ترى أنها حقوق اقتصادية واجتماعية يجب تلبيتها، وحقوق ثقافية وفردية يجب احترامها. وكل الفلسفة تقوم على الحقوق والحريات هذا هو لب مشروعنا لمستقبل السودان.
{ من أين لك مصادر لتمويل الحملة؟
_ تمويل الحملة كما لاحظتم في الاستقبال، يعتمد على الشباب، وتركيزنا سيكون على العامل البشري أكثر من المادي، لأننا لن نستطيع أن نبارز المؤتمر الوطني في إنفاق الأموال هم ينفقون من أموال الدولة. ونحن نصرف من أموالنا الخاصة، ثانياً لن نقبل بأي شكل من الأشكال الدعم الأجنبي، لأن هذا يضر بمصداقية الحملة سنعتمد على التمويل الصغير والتمويل العضوي، وحتى الآن استطعنا أن ندير كثيراً من معاركنا السياسية ونشاطاتنا بهذا الشكل، وخلال ممارستي السياسية على مدى الـ(15) عاماً الأخيرة لم نتسلم أي دعم من أية جهة خارجية أو من جهة ذات وضع اقتصادي قوي من لوبيات. واستطعنا أن يكون لدينا وجودنا السياسي، يمكن أن يكون ليس بالحجم المطلوب، لكن استطعنا أن نبني مؤسسات سياسية.
{ بالنسبة لأعضاء الحملة من هم.. وهل تلقوا دورات تدريبية مثلاً؟
_ هم شباب، وأغلبهم من الشباب المستقل، هنالك أعضاء سابقون في أحزاب سياسية اقتنعوا بأن (حملة سودان المستقبل) تعبر عنهم بشكل أفضل، بعضهم تلقى تدريباً وبعضهم لم يتلق، وسنسعى لتدريبهم لكن الحملة تعبر عن تطلعات الجيل الجديد للتغيير، والبحث عن سياسات جديدة، فكان لنا شرف إطلاقها ولكن شرف الفوز فيها سيكون للشباب.
{ هل تتوقع أن تحصل على تصديق لتدشين الحملة؟
_ لا نسعى للبحث عن أي تصديق من السلطات لأننا نمارس حقوقاً دستورية.. الحقوق في التعبير عن الرأي والعمل السياسي هي حقوق دستورية، على القانون أن ينظمها وليس عليه منعها، لذلك إذا استجابت السلطات- أصلاً لا نسألها عن رأيها- نحن نمارس نشاطنا السياسي بدون سؤال السلطات عن رأيها إذا وافقت على ذلك فبها، وإذا لم توافق سنخوض المعركة الدستورية والقانونية والجماهيرية.
{ كيف تنظرون لمستقبل البلاد؟
_ المستقبل قيمة إيجابية.. طبعاً أنت تخطط للمستقبل ولا تخطط للماضي لأنه انتهى.. الحاضر معاش، وهو نتيجة للماضي، المستقبل هو نتيجة للحاضر، وفي نفس الوقت تخطيط للمستقبل.. فخوضنا للحملة وطرحنا للبرنامج هو عمل في الحاضر يستهدف المستقبل.
{ ما رؤيتكم للعلاقة مع إسرائيل؟
_ قضايا التطبيع مع إسرائيل ليست ذات أهمية بالنسبة لنا، لأننا مهتمون بمعالجة الواقع السوداني.. إسرائيل دولة موجودة عليها أن تلتزم بالقانون الدولي، وإذا التزمت بالقانون الدولي ليس لنا معها مشكلة، لن نسعى لعلاقات قوية ووطيدة مع إسرائيل في ظل تعاملها مع قضية الشعب الفلسطيني ورفضها حل الدولتين.. لكن قطعاً ستنتهى الحالة السريالية في الحرب مع إسرائيل غير الموجودة التي تم إعلانها 1967م.
{ هل لديكم رؤية بشأن العدالة الانتقالية حال اكتسحتم الانتخابات؟
_ لابد من العدالة، لابد من استرداد كل الحقوق المسلوبة ونحن نؤمن بالعدالة الوطنية، عندما تتوفر دولة حرة ومستقلة ودستورية وتوفر الشروط المناسبة لإحقاق العدالة وسيكون لكل مواطن سوداني حق التقاضي والدفاع عن نفسه، لأن العدالة لا تقوم فقط على الاتهام والإدانة، وإنما أيضاً تقوم على حق الدفاع عن النفس. أما المحكمة الجنائية التي تحدث عنها الكثيرون فهي خيار للدول التي لا تتوفر فيها العدالة.
{ ما موقفكم من التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية؟
_ نحن لن نسلم أي مواطن سوداني لمحاكمته أمامها، لأن تسليمي لأي مواطن سوداني يعني اعترافي بقصور العدالة في السودان وعدم استقلالية القضاء وانتقاص سيادة الدولة، وتسليم بعجزها عن تحقيق العدالة على أراضيها.. كل الدول في العالم تسعى لمحاسبة مواطنيها على أراضيها، وهناك اتفاقيات دولية لمبادلة المجرمين، لم نسمع بدولة في العالم تمارس ذلك.. الآن أمريكا تطالب بـ”رولا امبلاس” المخرج الكبير، تطالب العالم باسترداده، وليس محاكمته لأنه مواطن أمريكي يجب أن يحاكم في الأراضي الأمريكية.
{ هل لمست وجود مساحة كافية للحريات؟
_ نعم، لكن تواجهنا إشكاليات وبعض المضايقات خلال نشاطنا في حملة سودان المستقبل، وتضامننا مع مواطني الجريف وحزب المؤتمر السوداني.. نعم هي مضايقات، ولكنها متوقعة وهي جزء من ثمن التغيير. وأنا أدعو القوى السياسية للدخول في النشاط الجماهيري وعدم الاستكانة للقوانين غير الدستورية واللجوء لأسلم طريق هو الانتخابات، لذلك أؤيد انتخابات المحامين وأعلنت ذلك.