الرئيس التركي: نسعى لرفع التعاون الاقتصادي مع الخرطوم لـ(10) مليارات دولار
عناق حار بين “البشير” و”أردوغان” ووعود بالانفتاح الاقتصادي
تفاصيل أول يوم في الزيارة التاريخية للرئيس التركي للخرطوم
تقرير- ميعاد مبارك
في الوقت الذي تزاحمت فيه الحشود حول مطار الخرطوم اكتظت باحاته الداخلية أمس (الخميس)، برجال الدولة والسياسيين وأعضاء السلك الدبلوماسي مع حضور إعلامي كثيف، كلهم كانوا في انتظار وصول الرجل صاحب الشعبية الواسعة في الخرطوم، الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” والسيدة الأولى التركية، والذي وصل للبلاد أمس (الأحد)، يرافقه وفد كبير من الوزراء ورجال الأعمال والإعلاميين، وكان في استقبالهم رئيس الجمهورية “عمر حسن البشير” والسيدة الأولى “وداد بابكر” بالزي السوداني القومي.
تعانق الرئيسان والسيدتان في أجواء مشحونة بالارتياح، كان الفرح اللون الغالب على الحضور الذي انتقل من مطار الخرطوم إلى القصر الجمهوري حيث انتقلت المباحثات.
سبق “أردوغان” للبلاد وفد مقدمة تركي أول أمس (السبت)، ضم مجموعة من موظفي المراسم والأمن، وعند الواحدة من ظهيرة أمس (الأحد)، وصلت الطائرة التركية الثانية التي ضمت وفد مكوَّن من (150) من رجال الأعمال، لحقت بهم طائرة خاصة لأحد رجال الأعمال الأتراك، ومن ثم وصلت طائرة الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” والوزراء التسع المرافقين له.
كانت الأجهزة الأمنية السودانية حاضرة بشكل مكثف في المطار وكان حضور بعض أفراد نظيرتها التركية، لافتاً كذلك.
بعد التشريفة الرئاسية وتبادل الرئيسين التحايا مع الحضور من مسؤولين وأعضاء سلك الدبلوماسي، وعزف السلام الجمهوري للبلدين، اجتمع الرئيسان لوقت قصير بصالة كبار الزوار، ومن ثم تحرَّكت الوفود إلى القصر الجمهوري.
في القصر الجمهوري
انعقدت بالقصر الجمهوري جلسة مباحثات مغلقة برئاسة رئيسَيْ البلدين استمرت لقرابة الثلاث ساعات، وقع خلالها الطرفان على برنامج للتعاون الإستراتيجي وإنشاء مجلس التعاون الإستراتيجي رفيع المستوى بين السودان وتركيا، بالإضافة إلى اتفاقية الشراكة التجارية والاقتصادية، حيث وقع عن الجانب السوداني وزير التجارة “حاتم السر” وعن الجانب التركي وزير الاقتصاد “نهات زيبكشي”، فضلاً عن بروتوكولين للتعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا والصناعة وقعاه وزير الصناعة د. “موسى كرامة” ووزير المالية التركي “ناجي ابال”.
كما تم توقيع مذكرة تفاهم في مجال التعدين وقعها عن الجانب السوداني مدير هيئة الأبحاث الجيولوجية د. “أبو فاطمة محمد عبد الله” وعن الجانب التركي وزير الطاقة والموارد الطبيعية “جيقز اروام”.
وتم التوقيع كذلك على برنامج تنفيذي مشترك في مجال الزراعة، حيث وقع عن الجانب السوداني وزير الزراعة والغابات د. “عبد اللطيف العجيمي” وعن الجانب التركي نظيره “أحمد أشرف فكابابا” ومن الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها أيضاً اتفاقية تعاون في مجال، الغابات حيث وقع عن الجانب السوداني وزير الزراعة والغابات وعن الجانب التركي “ميلوت شاوش اوغلو” وزير الخارجية.
ووقع الجانبان اتفاقية في مجال التعليم الذي وقعت عليه وزيرة التربية والتعليم “آسيا محمد عبد الله” ونظيرها التركي “عصمت يلماز”.
ووقع الجانبان كذلك على برنامج تنفيذي للتعاون في مجال السياحة وقعه وزير السياحة والآثار والحياة البرية د. “محمد أبو زيد مصطفى” ونظيره التركي “نعمان كورتولمش”. ووقعت مذكرة تفاهم في مجال البيئة، حيث وقع عن الجانب السوداني وزير البيئة والموارد الطبيعية والتنمية العمرانية د. “حسن عبد القادر هلال” وعن الجانب التركي وزير النقل والشؤون البحرية والاتصالات “أحمد ارسلن”، ووقع البلدان بروتوكولاً للتعاون بين الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في السودان والهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في تركيا، حيث وقع عن الجانب السوداني المدير العام للهيئة السودانية للإذاعة والتلفزيون “الزبير عثمان أحمد” وعن الجانب التركي نظيره “إبراهيم أدان” ووقع الجانبان مذكرة تفاهم لتطوير الأعمال الصغيرة والمتوسطة، ومذكرة تفاهم حول التعاون في مجال السياسات الخاصة بالمهاجرين والمغتربين، بالإضافة إلى اتفاقية بشأن التعاون في مجال التدريب العسكري التي وقعها رئيس هيئة الأركان المشتركة الفريق أول مهندس ركن “عماد عدوي” ونظيره التركي الفريق “خلوص اكار”.
المؤتمر الصحفي
بدأ المؤتمر الصحفي للرئيسين قبل نصف ساعة من آذان المغرب قدَّم كلا الرئيسين كلمة موجزة، بعدها اعتذر وزير الإعلام “أحمد بلال” للصحفيين قائلاً: (كانت هنالك أربع فرص للأسئلة، ولكن لضيق الوقت نعتذر للجميع).
كلمة “البشير”
رحب رئيس الجمهورية خلال كلمته بنظيره التركي باسمه وباسم الشعب السوداني، معلناً عن توقيع اتفاقية للشراكة الإستراتيجية بين السودان وتركيا وانعقاد لجنة رئاسية سنوية مشتركة بالتناوب بين البلدين، فضلاً عن التوقيع على الاتفاقيات في كافة المجالات.
ووصف “البشير” زيارة “أردوغان” للبلاد بالتاريخية والأولى من نوعها لرئيس تركي للبلاد، مشيراً إلى الوفد المرافق له، وقال الرئيس إنه يدل على الاهتمام الكبير لـ”أردوغان” بالعلاقات السودانية التركية ومتانة وأزلية العلاقات ببن البلدين.
وقال “البشير” إن السودان مربوط بأشواقه لتركيا ولأشواق جميع المسلمين للوقوف بجانب بعضهم البعض.
وأكد الرئيس خلال كلمته في المؤتمر الصحفي على وحدة قضايا وهموم الشعبين، موضحاً أن الرئيس التركي سيزور اليوم (الاثنين)، ولاية البحر الأحمر للوقوف على الآثار والتاريخ العثماني التي تؤكد عمق أشواق شعبي البلدين.
ووصف “البشير” مواقف “أردوغان” بالمشرِّفة، مشيراً إلى موقفه الداعم للقدس والأمة الإسلامية، مشيراً إلى قمة أسطنبول، وقال إنها وحدت مواقف الأمة الإسلامية والعربية في ظل ما تتعرَّض له من ظلم وكان لها دور بارز في عزل القرار الأمريكي الذي وصفه بالجائر بنقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس ورفضه في مجلس الأمن والأمم المتحدة.
كلمة “أردوغان”
وصف الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” مواقف السودان بالداعمة لمكافحة الإرهاب، وشكر الحكومة على وقوفها إلى جانب تركيا ضد محاولة الانقلاب الفاشلة .
وقال “أردوغان” إن بلاده عازمة على مكافحة الإرهاب، موضحاً أن أنقرة ستهتم بالسودان باعتباره مركزاً استثنائياً في القارة الأفريقية.
وقال إن حكومة بلاده تسعى لاقتلاع المنظمة التي وصفها بالإرهابية في إشارة لمنظمة “غولن”، مشيراً إلى تعاون أفريقي تركي في هذا الصدد.
وزاد الرئيس التركي (أن المباحثات المشتركة بين الجانبين هدفت إلى تدعيم العلاقات، ونحن حريصون على تنفيذ الاتفاقيات التي وقعت)، وأكمل (إن حجم التجارة بين البلدين يبلغ (500) مليون دولار، فقط، برغم أن عدد مواطني البلدين بلغ (119) نسمة، وأردف: (هذا لا يليق بعلاقات البلدين مع نهاية العام 2018 إلى مليار دولار، وفي المستقبل سنعمل على رفع حجم التبادل التجاري إلى 10 مليارات دولار).
وأعلن الرئيس التركي عن زيادة حجم الاستثمارات التركية في السودان خلال الفترة المرافق له بهدف تعزيز الشراكة الاقتصادية مع السودان).
وقال الرئيس التركي إن منتدى الأعمال التركي السوداني المقرَّر انعقاده اليوم من الأهمية بمكان، لافتاً إلى توقيع (12) اتفاقية في مختلف المجالات بين البلدين.
أشاد “رجب طيب” بالعلاقات السودانية التركية، وقال إن الحوار مع السودان مهم، مشيراً إلى أن التوقيع على برنامج التعاون الإستراتيجي وإنشاء مجلس التعاون الإستراتيجي بين البلدين من شأنه تعزيز العلاقات السودانية التركية .
مشيراً إلى زيارته اليوم للمدينة الإسلامية التاريخية “سواكن” بولاية البحر الأحمر.
ولفت “أردوغان” إلى الرفض الواسع لقرار الرئيس الأمريكي بشأن القدس، وقال “سنعمل مع كافة المنظمات والمؤسسات الدولية، للدفاع عن مدينة القدس باعتبار أن القدس ليست مشكلة المسلمين فقط أو المسيحيين فقط، بل مشكلة الإنسانية، مطالباً الجميع بالتحرُّك في هذا الصدد.
وأوضح “أردوغان” أن هنالك مساعٍ للطلب من الأمم المتحدة بمتابعة الموضوع عن كثب.
وقال: لقد طلبت من الرئيس الروسي المساعدة في الأمم المتحدة وبالفعل دعمت أمريكا (9) دول فقط، مشيراً إلى أن الخيار الواضح هو خيار أن تكون الدول قوية بالحق، مشيراً إلى أن الخوف الذي يتملك البعض خوف مؤقت فقط.