عز الكلام
مطار الخرطوم.. والأسئلة المشروعة!
ام وضاح
الجريمة الأخيرة التي هزَّت الأرجاء أمس الأول، وتجار يقتلون شابين بعد خلاف اتضح أن تفاصيله متعلِّقة بتهريب كميات كبيرة من الذهب قدِّرت قيمتها بثلاثة عشر مليار جنيه، لكن الحقائب وصلت فارغة الى الوجه المحددة وهي دولة عربية، فما كان من أصحاب الذهب إلا أن نصبوا كميناً للمجني عليهما- حسبما نشرت الصحف من مصادر التحريات- لانتزاع اعترافات منهما بطريقة أفلام الآكشن حتى توفيا جراء التعذيب الذي تعرضا له. هذه الجريمة توضِّح أن هناك كارثة حقيقية وانفلاتاً اقتصادياً خطيراً وثغرة بحجم فوهة بركان ظلت تدور تفاصيلها فيما يشكِّل اختراقاً خطيراً في الأنظمة الرقابية التي تحمي اقتصاد البلد وتمنع التهريب بمختلف أشكاله وأنواعه بهذا السيناريو، وهذه التفاصيل بالتأكيد ليست هي الأولى ومن حقنا أن نسأل كم من المرات تم تهريب ذهب أو عملات بهذا الأسلوب، وهذه الطريقة من الأساليب كم كلَّفت بلادنا ثمناً دفع فاتورته المواطن الغلبان الذي ظل بلا وجيع تتقاذفه رياح الطمع والجشع والثراء السريع.
لكن كمان لابد أن نطرح سؤالاً مهماً، هل من المعقول أن وظائف تبدو هامشية وبسيطة، لكنها بالغة الحساسية والأهمية، حبلها مطلوق إلى هذه الدرجة بلا أنظمة مراقبة متطوِّرة أو كاميرات ترصد حراك هؤلاء العمال وثكناتهم لتترك، هكذا، رهناً لضمائر البشر في مكان مهم وإستراتيجي كمطار الخرطوم الدولي الذي يشهد يومياً العشرات من حركة النقل الجوي، وكم شنطة وكم طرد تغادر صباح مساء؟، خاصة في المواسم والإجازات التي تشهد تكدُّساً للبشر والأمتعة في المطار الوحيد (عوينة أم صالح) التي اتضح أنها عين مقدودة وما بتشوف، وكل هذا الانفلات وهذه الهرجلة تحدث على عينك يا تاجر وينبغي ألا تمر مرور الكرام! وحادثة مقتل العامِلَين لهما الرحمة كشفت وفضحت حقيقة السبهللية التي تمارس في هكذا موقع مهم يمكن أن يستغله ضعاف النفوس، والمسألة أكبر بكثير من أن يفقد أحدهم صابون أو معجون أو عطور أو حتى ملابسه وتأتيه حقيبته التي (ستَّفها) بنفسه مفتوحة وناقصة! المسالة أكبر بكثير، فهي تهريب للذهب والعملات وربما تتعدى لإدخال شتى أنواع المخدِّرات والبلاوي الزرقاء، وقد لا نسلم من دخول القنابل حتى إلى جوف الطائرات، طالما أن هناك صفقات يغيَّب فيها الضمير ويحضر فقط خيار المال الذي يسيل له اللعاب.
وبالتالي يجب أن تتم المحاسبة وعلى أعلى مستوى لوقف هذه الفوضى، كما يجب الوثوق أكثر بأجهزة الرصد والمتابعة والرقابة الآلية، إذ يبدو أن الرهان على الضمائر أصبح رهاناً خاسراً وما عنده قيمة.
كلمة عزيزة
يعاني سكان الولاية الشمالية في المنطقة غرب سد مروي من تغيُّرات تضاريسية ومناخية تهدِّد وجودهم وأراضيهم ومنازلهم وهي ظاهرة لا أظنها سهلة وهينة للدرجة التي تغض عنها حكومة الولاية أو المركز الطرف ولا تجعلها في أول أولوياتها بحثاً عن المسببات وإيجاد حلول عاجلة قبل أن تنهار بيوت البسطاء على رؤوسهم، فما الذي يجعل وزارة الموارد المائية والكهرباء الجهة التي أنشأت السد، ما الذي يجعلها تقف مكتوفة الأيدي دون أن ترسل طواقم العلماء والخبراء للمنطقة لدراسة هذه التطوُّرات والوصول إلى مسارات آمنة تقي المنطقة شر كارثة بيئية في طريقها للحدوث.
كلمة أعز
حادثة مقتل الشابين، عمال الشحن الجوي بهذه الطريقة المأساوية تؤكد أن مجتمعنا السوداني الذي كنا نراهن على طهره ونقائه قد أصابته تحوُّلات جذرية سالبة للأسف أصبحت أقوى من تيار الوازع الديني والأخلاقي والتربوي، وكان الله في عوننا جميعاً.