تقارير

الشعبي يهدِّد..المعارضة تقدِّم تسوية تاريخية..المؤتمر الوطني: الزمن مازال طويلاً حتى 2020

جرد حساب للمخرجات في ندوة بقاعة الشارقة بعد مرور (4) سنوات على انطلاق الحوار
الخرطوم – طلال إسماعيل
في قاعة الشارقة أمس (الأربعاء)، تداعت الأحزاب السياسية المشاركة في الحوار والتي تحفظَّت على المشاركة في ندوة ركائز المعرفة للدراسات والبحوث والجمعية السودانية للعلوم السياسية حول مخرجات الحوار الوطني ورهانات الإصلاح السياسي في السودان، وتقدِّم (المجهر) رصداً للندوة التي تأتي بعد مرور (4) سنوات، على دعوة الرئيس “عمر البشير”  في يوم الاثنين 27 يناير 2014م، القوى السياسية في السودان للتوافق على إصلاح شامل بإجراء حوار وطني يشارك فيه الجميع لمعالجة القضايا الجوهرية كخيار للانطلاقة والنهوض من أغلال الأزمات التي أقعدتنا منذ الاستقلال.
استجابت لدعوة  الرئيس “عمر البشير” مبتدر الحوار أربعة وسبعون حزباً، وأربعة وثلاثون حركة مسلحة، وعدد من الشخصيات القومية، ووضع تصوُّراً عملياً لإدارة الحوار الوطني ولتوثيقه كأهم وأكبر حدث سياسي وتاريخي بعد الاستقلال تحت شعار السودان وطن يسع الجميع.
في الندوة، قال البروفيسور “حسن الساعوري” الخبير السياسي والأكاديمي، إن مخرجات الحوار الوطني اتفاق سياسي مسؤول عن تنفيذه حكومة الوفاق الوطني، مؤكداً أن تنفيذها لا يتم إلا أن تتحوَّل هذه المخرجات لقانون ملزم. واستبعد حدوث عملية تحوُّل ديمقراطي في ظل الكم الهائل من الأحزاب السياسية الموجودة بالساحة السياسية حالياً، مطالباً بممارسة سياسية سليمة ذات مؤسسية كاملة أفقياً ورأسياً داخل العاصمة وجميع الولايات.
وكشف “الساعوري” عن دراسة أجراها توضح أن جميع الأحزاب السياسية بالسودان ليست لها وجود أفقي ورأسي عدا حزبي المؤتمر الشعبي وحزب المؤتمر السوداني، مشيراً إلى أن الدراسة أوضحت أن حزب المؤتمر الوطني هياكله لا تزيد عن (60%)، مطالباً بمراجعة للأحزاب السياسية، منادياً باندماج الأحزاب ذات الفكر الواحد مع بعضها البعض، لافتاً إلى أن اهتمام بعض الأحزاب التي لا تريد أن تندمج الآن اهتمام شخصي وليس قومياً.
وأشار “الساعوري” إلى المهدِّدات التي ما زالت تواجه قضية الحريات، مطالباً بحدود قانونية للحريات يضبطها القضاء، لافتاً إلى أن هذا لا يتم إلا بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
وقال إن السياسة مليئة بالمهاترات، مبيِّناً أن زعماء الأحزاب لا يتعايشون ويحتاجون لتقنين الخطاب السياسي حتى يناقش القضايا القومية الحقيقية ويعمل على حلها.
وطالب بإرساء قواعد التداول السلمي للسلطة، مطالباً بأن تربى الأجيال على هذا المبدأ حتى لا تكون الزعامة حتى الموت – حسب قوله.
وطالب “الساعوري” بحل المليشيات الحزبية ونزع سلاحها والعمل على التوافق في اتخاذ القرار. من جانبه قال الأستاذ “امبلي العجب” نائب المسؤول السياسي بحزب المؤتمر الوطني، إن مخرجات الحوار الوطني وضعت ثوابت تستوجب خروج جميع السياسيين من ثياب الحزبية إلى رحاب البرنامج السوداني، منادياً بترك التباكي ونسيان جراحات الماضي والالتزام بتنفيذ مخرجات الحوار. وأكد لدى مداخلته أن حزب المؤتمر الوطني ملتزم بكل ما تم الاتفاق عليه بمخرجات الحوار، مطالباً الجميع الالتزام بالمرحلة الجديدة والاحتذاء بالتجربة الرواندية بعد الحرب.
المعارضة تدعو المؤتمر الوطني لتسوية شاملة وترحب بحوار مشروط
في مداخلته، قال الأمين السياسي للحزب الوحدوي الناصري “ساطع الحاج” – أحد قيادات قوى الإجماع الوطني:” ليس هنالك عاقل يعارض الحوار، ولكن ينبغي أن تكون هنالك اشتراطات لهذا الحوار ومنها الندية، وهذه تنزع الخوف مباشرة من المتحاورين عندما نجلس في تربيزة واحدة، ولابد من تهيئة بيئة مناخ الحوار من خلال إغلاق المعتقلات السياسية إذا كانت هنالك جدية للحوار”.
وأشار “ساطع الحاج” إلى أن مشاركة أحزاب وحركات لا توجد قيادات واضحة لديها في حوار وطني يهيمن عليه المؤتمر الوطني، وقال: “حوار في ظل وجود حركة سياسية ضعيفة ويعمل المؤتمر الوطني على إضعافها، لذلك هذا الحوار ميت”.
وأشار “ساطع الحاج” إلى عدم التزام الحكومة بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني ومن ضمنها إلغاء عقوبة الإعدام للرأي السياسي ووقف النيابات الخاصة والمحاكم الخاصة. كما لم يتم إنشاء (4) مفوَّضيات منصوص عليها في مخرجات الحوار الوطني، وزاد “ساطع الحاج”:” لم يتم مجرَّد الشروع في تأسيسها، وانتهكت حرية الصحافة خلال الأسابيع الماضية دون أمر قضائي أو نيابي، الحوار ولد ميِّتاً.
ورحَّب الأمين السياسي للحزب الناصري بإجراء تسوية سياسية تاريخية مع المؤتمر الوطني، ولكنه زاد : ” مرحِّباً بالتسوية التاريخية والحوار بشروط مع المؤتمر الوطني، لكن الوطني يريد أن يكسب الزمن وهو حجر عثرة في التحوُّل الديمقراطي”.
“إبراهيم الأمين” يخرج غاضباً من الندوة
لم يكمل الأمين العام السابق لحزب الأمة القومي “إبراهيم الأمين” حديثه في مداخلته أثناء الندوة بعد أن قاطعته المنصة التي يديرها السفير “خضر هارون” الذي منحه (5) دقائق، قبل أن يعلن نهايتها، الأمر الذي دفع “إبراهيم الأمين” إلى مغادرة القاعة بعد أن تدخلت أجاويد لإثنائه عن موقفه مع وعد من المنصة بمنحه فرصة أخرى، لكنه لم يكمل الندوة، وخرج غاضباً يهز عصاته.
الشعبي يهدِّد بتنفيذ مخرجات الحوار وإلا..
قال الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي “الأمين عبد الرازق”: “أنا والله استغرب جداً لحزب – يقصد المؤتمر الوطني – توفر له مثل هذه المخرجات التي يمكن أن تنقذه وتنقذ البلد ولا ينفذها، لماذا نحن نتكلَّم كلاماً واضحاً يجب أن تنفذ مخرجات الحوار الوطني، وإلا نحن غير مربوطين بجنزير مع أي زول، أنا افتكر مخرجات الحوار الوطني يجب أن تنفذ (100%) وسنسعى من خلال مصفوفة زمنية لتنفذ مخرجات الحوار الوطني، لأن في ناس ما شاعرين أنو البلد فيها مشاكل”.
وأضاف بالقول:” لذلك في البرلمان ومجلس الولايات في أي مكان نحن برنامجنا السياسي تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، أنا أقولها بالواضح ليس في مصلحتهم ولا مصلحة البلد، وأنا أتحدَّث مع شخص عن الحريات هي حلال أم حرام، نعم فيها الحرام وفيها الحلال، الشمولية أصلاً لن تكون، ويجب أن تنتهي ونمضي إلى نظام ديمقراطي وتبادل سلمي للسلطة وكل الناس يظهروا في شاشة الحكم من دارفور إلى حلفا ومن بورتسودان، كل السودانيين يجب أن يظهروا في الساحة، لا يوجد حزب وحده يحكم السودان لا مؤتمر شعبي ولا مؤتمر وطني، وأنا أتحدَّث بدون تكتيكات سياسة، ويجب أن تنفذ مخرجات الحوار الوطني وإلا..”، ووقف الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي في كلمة التهديد وإلا.. من دون أن يكملها.
في خارج قاعة الندوة، تسارعت خطى الصحفيين للحاق بنائب رئيس القطاع السياسي للمؤتمر الوطني “امبلي عبدالله العجب” الذي غادرها قبل أن يكمل الندوة، فتوجهت (المجهر) إليه بالسؤال:”هنالك انتقادات وجهت إليكم لعدم تنفيذ مخرجات الحوار الوطني؟
ردَّ علينا بالقول:” أنا افتكر لسه في ناس ما زالوا يعيشون بعقلية عدم الفهم للحوار الوطني، نحن قلنا هذه مرحلة انتقال من مرحلة سابقة فشلت تماماً، (60) سنة، نحن لم نستطع أن نضع دستور للسودان، قمنا بالحوار الوطني حتى نجمع أهل السودان ليشخِّصوا قضاياه ويضعوا خارطة طريق للحكم والعمل السياسي للمرحلة القادمة، وهؤلاء الناس جلسوا وكانوا مخلصين جداً، وخرجوا بتوصيات وعملوا وثيقة حدَّدت ثوابت وطنية، وهذه الثوابت هي المرتكز الآن الذي سيقوم عليه دستور السودان، وهم وقعوا عليها ويفترض يلتزموا بها ومفروض بعد مرحلة الحوار أن لا نتحدَّث عن أخطاء الماضي، لأننا اعترفنا أنها خطأ وصححناها ويفترض نتحدَّث كيف نضع هذه الثوابت موضع التنفيذ وشكَّلنا حكومة وفاق وطني هي من الأحزاب السياسية التي شاركت في الحوار، إذا كان في أي ضعف في التنفيذ يجب أن نضغط كلنا ونضع يدنا ونحن في المؤتمر الوطني جزء من هذا الحوار وحريصون أن ينفَّذ”.
وزاد بالقول :”أنا متأكد أن ما تم تنفيذه في مرحلة الحوار (30%) ولم نكمل عاماً، والعمل حتى  2020م، يعني المخرجات مفروض تتدرَّج حتى 2020 الزمن ما زال طويلاً وإذا وصلنا إلى (30%) الآن، العام القادم سنصل إلى (100%)، الناس ما تشفق وأرجو ألا يقودهم الناس الذين لم يقتنعوا بالحوار أساساً، والناس الذين لديهم أجندة خارجية لهدم السودان، والناس الذين ما زالوا يعيشون في جلاليب الشيخ والعمدة وأحزاب عقائدية، والشيوعية انتهت والناصرية، ناصر نفسه مات، وبعثيو صدام، صدام مات، نحن نريد ثقة، أننا أهل السودان، نحن ثبتنا في الحوار السودانوية هي الهوية إذا كلنا نسعى للتقدُّم بالوطن”.
وأشار المؤتمر الوطني على لسان نائب رئيس القطاع السياسي إلى أن مداخلات ممثلي المعارضة هي كلمة حق أريد بها باطل، بالحديث عن تنفيذ مخرجات الحوار، وأضاف:”يا جماعة نحن ما يقوله هؤلاء كلمة حق أريد بها باطل، الناصريون برنامجهم الأساسي أن يهدِّموا الإسلاميين، ولا توجد دولة خارجية لديها ذراع في وطن، إلا لتنفيذ سياستها في هذا الوطن، نحن -الآن – سودانيين فقط، ولا يوجد شيء اسمه أذرع خارجية، حتى الإسلاميين انفصلوا عن الحركة الإسلامية في مصر وأصبح إسلاميو السودان هم الذين قادوا الحوار، فيا جماعة نحن الآن يجب أن ننسى مرارات الماضي والأجندة الخارجية ونعترف بأن البلد محتاج لنا كلنا نحن أبناءه بلا لون ولا قبيلة ولا جنس”.
وحول دعوة المعارضة إلى إجراء تسوية تاريخية مع المؤتمر الوطني والدخول معه في حوار بشروط، قال “امبلي” :” الحوار وثيقة مفتوحة لكل من يريد أن يدخل يأتي للتوقيع، إذا أراد أن يوقع، ويدخل الحوار حتى لا يكون كلام إعلام، يأتي ويوقع ويكون جزء من الحوار”.

(المجهر) تقدِّم رصداً لتنفيذ مخرجات الحوار
جاءت أهداف الحوار من خلال تحديد الغايات عبر خارطة طريق نظم الحوار على التأسيس الدستوري والسياسي والمجتمعي في إطار توافقي بين السودانيين، ينشئ دولة عادلة وراشدة ونظاماً سياسياً فاعلاً،         والتعاون والتناصر بين جميع السودانيين لتجاوز أزمات السودان كافة، بالتوافق على دستور وتشريعات قانونية تكفل الحرية والحقوق والعدالة الاجتماعية والاتفاق على نظم مستقلة لحماية تلك الحقوق، والتوافق على التشريعات والإجراءات الضرورية لقيام انتخابات عادلة ونزيهة تحت إشراف مفوَّضية مستقلة سياسياً ومالياً وإدارياً. وحدَّدت جملة من مطلوبات تهيئة مناخ الحوار الوطني جملة من إجراءات لبناء الثقة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين كافة، كفالة الحريات السياسية والتأمين الكامل على حرية التعبير والنشر، تجنُّب خطاب الكراهية والتراشق الإعلامي بين أطراف الحوار، وضع الضمانات اللازمة للسلامة الشخصية لحاملي السلاح، للانخراط في الحوار مع وقف شامل لإطلاق النار بترتيبات أمنية كاملة، القضاء هو الجهة المعنية بقضايا النشر والتعبير مع عدم اللجوء للإجراءات الاستثنائية خاصة أثناء الحوار.
ووضعت مبادئ أساسية للحوار الوطني، من أهمها الشمولية في المشاركة والموضوعات، والشفافية، والالتزام بالمخرجات وتنفيذها، وحدَّدت ستة محاور أساسية لمناقشة قضايا الوطن الملحة، شملت: محور السلام والوحدة، محور الاقتصاد،
محور الحريات والحقوق الأساسية،  محور الهوية، محور العلاقات الخارجية ومحور قضايا الحكم وتنفيذ مخرجات الحوار.
في العاشر من أكتوبر 2015م، انعقدت الجمعية العمومية للحوار، الوطني وفي اليوم التالي الحادي عشر من أكتوبر 2015م، باشرت اللجان الست أعمالها فأقرت منهج العمل داخل اللجان وتكفَّلت الأمانة العامة للحوار الوطني التي تكوَّنت بتاريخ 20 / 8 / 2015م، بتوافق للجنة التنسيقية العليا ومن شخصيات قومية من ذوي الخبرة والاختصاص لأداء المهام متابعة جلسات اللجان والمؤتمر وكتابة محاضر التداول وتحرير نقاط التوافق والاختلاف ورفعها للجنة التنسيقية العليا، وتوفير الدراسات
والبحوث والأوراق، وتوثيق أعمال المؤتمر، وأي مهام أخرى تكلفت بها
اللجنة التنسيقية العليا، واختير البروفيسور “هاشم علي سالم” أميناً عاماً، للحوار الوطني .بلغت جملة اجتماعات اللجان طوال فترة الحوار (312) اجتماعاً، ناقشت اللجان       (523)  ورقة عمل، بلغت عضوية اللجان (648) عضواً.
وكانت المشاركة التراكمية (8877)  عضواً، أمضوا ما جملته (1154)
ساعة، في الحوار الذي جرى داخل القاعات.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية