القطب الاتحادي "صديق الهندي" يُخرج الهواء الساخن (1- 2)
“أحمد بلال” استعان بالسلطات لتعطيل تنفيذ اتفاق الوحدة وأغلق نادي الخريجين في وجوهنا
أنا رفضت المشاركة الأولى والمنصب الذي تم تعييني به
الحزب الاتحادي أصبح أداؤه غير محترم ومجرد تابع
“إشراقة” جزء من التخريب الذي لحق بحزبنا
حاورته- رشان أوشي
عاصفة عاتية، أصابت صفوف الحزب الاتحادي الديمقراطي (المسجل)، بعد هدنة لم تستمر طويلاً، وبات واضحاً أن عاصفة تيارات التصحيح والإصلاح ستقتلع الجذع ضارب الجذور في أرض السياسة والتاريخ الوطني الطويل منذ العام 2009م، ولم تهدأ الثورات داخل الحزب الذي ورثه تلاميذ الشريف “الهندي” عنه بعد رحيله، وسبقت طموحاتهم خطوات الاعتناء بالحزب ومؤسساته، فانفرط العقد وعمت الفوضى.. (المجهر) التقت القطب الاتحادي “صديق الهندي”، الذي ظل صامتاً لفترة ليست بالقصيرة، لكنه أفرغ كل الهواء الساخن في حوارنا معه..
{ هناك اتفاق عُقد قبل فترة وبموجبه تم تكوين لجنة من (10) أشخاص لإكمال عملية وحدة الفصائل الاتحادية.. لماذا توقفت؟
_ تم الاتفاق بعد مطالبات كثيرة جداً من القاعدة بأنه لابد من تنفيذ الوحدة الاتحادية، وبأسرع وقت، لضرورات كانت متعلقة بالحزب الاتحادي المسجل، مسجل الأحزاب فرض عليهم عقد اجتماع اللجنة المركزية، والمؤتمر العام، وكلف د. “أحمد بلال” بقيادة لجنة التسيير مع آخرين، وكانت بالنسبة لنا فرصة أن تتم الوحدة أثناء المؤتمر، اعتقدنا أنها فرصة لا تعوض وهم وافقوا عليها، لجنة الـ(10) صممت الاتفاق وتم التوقيع عليه بعد موافقة أجهزة (المسجل)، المكتب السياسي واللجنة المركزية بالإجماع.. وبذلك مسألة الوحدة من ناحية القرارات انتهت، وانتقلنا إلى مرحلة التنفيذ.. وقررنا عقد لقاء رسمي كبير في نادي الخريجين بأم درمان، إلا أننا فوجئنا بإغلاق النادي أمامنا من قبل السلطات، وبمعرفة وموافقة “أحمد بلال” المسبقة، والدليل على ذلك عندما عقدوا اجتماع المكتب السياسي بعد ذلك لم يُغلق النادي في وجوههم كما حدث معنا. كانت الأمور تمضي واتفقنا على مراقبة المؤتمرات على مستوى القواعد، بما يضمن حيادية المؤتمر وشفافيته، لكي نحتكم له، بما في ذلك قضية المشاركة.
{ (عفواً).. أنت قلت في معرض حديثك: (مجلس الأحزاب فرض عقد المؤتمر على المُسجَّل).. هل يعني هذا أنهم لم يكونوا بصدد عقده كما يقولون؟
_ قضية المؤتمر العام معقدة وطويلة منذ العام 2003م، وكان من المفترض قيامه في العام 2005م أي كل عامين، فظلت المجموعة المهيمنة تماطل في عقده بمختلف الأعذار الواهية (لا يوجد مال.. الخ)، إلى أن انقضت سبع دورات لانعقاد المؤتمر، وفي العام 2012م قلنا إن حتى أجهزة الحزب لم تعد شرعية، ووقتها لم يكن لديهم أي مهام للقيام بها داخل الحزب سوى تقلد المناصب باسمه، وباسم المشاركة التي أصبحت مبهمة.
{ اتُهمتم من قبل د. “جلال الدقير” بالعمل على تعطيل انعقاد المؤتمر العام، واليوم انتقل زمام الأمور إلى “أحمد بلال” وما زالت الاتهامات قائمة.. لماذا ترهنون إرادتكم لهم وفي ذات الوقت تتحدثون عن التفاف القواعد حولكم؟
_ “أحمد بلال” و”جلال” ليسا أشخاص، بل منظومة كاملة تضم آخرين مرتبطين بشبكة مصالح وقضايا، ليس من بينها مصلحة الحزب الاتحادي الديمقراطي، واستطاعا أن يستخدما ذرائع القانون وصلتهما بالسلطة لتعطيل قيام هذه المؤتمرات، منذ العام 2009م تنبأنا بما ذهبت إليه الأمور الآن، منذ العام 2006م الحزب بلا رئيس وبلا أجهزة، حتى المشاركة نفسها ليست بذات المفهوم الذي وضعه الشريف “زين العابدين”.
{ لكن المسجل مضى في عقد مؤتمراته القاعدية وصولاً للمؤتمر العام؟
_ هذه المؤتمرات بها كثير من الإخفاقات، تم استجلاب أشخاص لا علاقة لهم بالحزب الاتحادي الديمقراطي، وقامت بمخالفات قانونية وإجرائية ولائحية، حسب دستور الحزب، الشاهد عليها الطعون التي قُدمت بالعشرات لمجلس الأحزاب من كل الولايات، نحن أوقفنا تنفيذ اتفاق الوحدة عندما أخبرونا بأنهم قاموا بعقد مؤتمرات في (80%) من الولايات، ومعلوماتنا بأنها غير سليمة ومزورة، وفيها تغييب للاتحاديين، طالبنا بإيقاف المؤتمر لأنه لا يصلح أساساً لوحدة، رهاننا الحقيقي كان على قيام مؤتمر سليم بصرف النظر عن وضعنا بعده إن تم انتخابنا كقيادات أو غير ذلك، لذلك الوحدة أقرت بالأجهزة وحدث تطور جديد في الحزب، وانتفضت مجموعة أخرى بقيادة بروفيسور “علي عثمان محمد صالح” رئيس لجنة التسيير المناوب وبعض القيادات منهم الشريف “حسين الهندي”، “سوكارنو” و”حسين القريش”، هذه المجموعة أكدت على ما نتج عن لجنة الـ(10)، التي تمت إجازتها من جانب الطرفين، الآن الوحدة تنفذ بشكل آخر مع المجموعة التي تمثل الحزب حقيقة.
{ ما هو موقفكم من تيار التصحيح بقيادة أ. “إشراقة سيد محمود”؟
_ “إشراقة” جزء من التخريب والدمار الذي لحق بالحزب، وكانت تساند مجموعة المخربين على رأسهم “الدقير” و”بلال”، ولم يختلفوا إلا عند توزيع المناصب في الحكومة الأخيرة، لذلك لا علاقة لنا بها باعتبارها جزءاً من الأزمة.
{ الآن “إشراقة” تقود تياراً إصلاحياً وترفع ذات شعاراتكم.. ألا يشفع لها ذلك؟
_ “إشراقة” تقول ما تشاء، بالنسبة لنا هي جزء من الأزمة نفسها.
{ سعادة الشريف أنت متذبذب المواقف.. من مغادرتك للمُسجَّل 2009م وحتى تكوين الحركة الاتحادية التي فشلت.. إلى الوطني الموحد؟
_ أنا ورفاقي، نعتقد أن الحزب يقوم على ثلاث ركائز، ونبحث عنها، وعندما سجلنا الحركة الاتحادية لم نسجلها لأننا نطمح لقيادة الأحزاب، إنما نبحث عن الوحدة الاتحادية، ونعرف أسسها جيداً، لأننا نعتقد أن الحركة الاتحادية إذا لم تتحد وأصبحت مؤسسية ومرتكزة على برنامجها التاريخي المعروف لن تقوم لها قائمة.. هذه هي المرتكزات التي نطمح لها، ومحاولتنا حتى الآن لم تخرج من سياق هذه الإستراتيجية، واتفاقنا مع المسجل كان مجرد بداية لمشروع كبير.. اخترنا أن يكون مع المسجل لسببين، أهمهما: (أننا آخر مجموعة كانت موجودة في المُسجَّل واختلفنا)، والأمر الآخر: (أصبحت هناك إمكانية قيام مؤتمر يمكن أن يعبر عن القاعدة ومتطلباتها).
{ لماذا إذن غادرت الوطني الموحد؟
_ وجدنا أنفسنا نفترق في منتصف الطريق، اكتشفنا أن خطنا ليس منسجماً، واختلفنا حول مفاهيمنا للقضية نفسها.
{ أنت كنت على خلاف مستمر مع السيدة “جلاء الأزهري” ومجموعتها حول قيادة الحزب؟
_ أبداً.. لم يحدث أي خلاف حول قيادة الحزب، كانت خلافاتنا تنحصر حول بعض الأفكار، أي لم يكن التجانس متوفراً، ورفض متبادل من هنا وهناك، ولكن لم يحدث أن اختلفت مع “جلاء” مطلقاً، كما أن القيادة لم تكن ثنائية، بل اشترطنا فيها أن تكون جماعية شاملة لآخرين، وكان من المفترض أن تتسع الدائرة حتى نعقد المؤتمر العام، ولم نتفق بعدها حتى نصل لمرحلة المؤتمر.
{ القطب الاتحادي “محمد عصمت يحيى” تحدث أيضاً في حوار لـ(المجهر) حول أزمة القيادة في الوطني الموحد؟
_ بالنسبة لنا لم تكن خلافاتنا حول قيادة الحزب، لأنها كانت مسألة مؤقتة، لأنه وحسب الاتفاق كان يفترض أن يعقد الاجتماع خلال عام واحد من الوحدة، أي في العام 2015م.
{ لماذا إذن لم ينعقد المؤتمر العام رغم اتفاقكم حوله؟
_ لكثرة الخلافات التي ضربت الحزب، احتدمت الأمور وتصاعدت الصراعات من قطاعات الشباب والطلاب وحتى القيادة نفسها.. تناقض في مفاهيم لأمور مهمة.. لم نتعامل بعد ذلك مع المسألة باعتبارها صراعاً سياسياً، إنما قررنا بما أننا لم نتفق فلنغادر الحزب.
{ أنت متهم بالفشل في كل تجاربك في الأحزاب الاتحادية؟
_ “ماو تسي تونغ” قال في العيد التاسع عشر للثورة الصينية: (لم نفشل إلا 19 مرة فقط)، الفشل والنجاح مسائل واردة في مسيرة الإنسان، وأنا مقتنع بأنه ما دمت صحيحاً فامض في طريقك.. الفشل والنجاح لهما عوامل كثيرة مرتبطة بآخرين، نحن نمارس عملاً سياسياً في ظرف دقيق جداً، بالنسبة للبلاد، وللاتحاديين جميعهم.
{ حديثك عن مشاركة حزبك في الحكومة كان متناقضاً مع موقفك القديم.. أنت حضرت المؤتمر الذي أقر المشاركة وكنت موافقاً عليها.. وبموجبها كنت عضواً في البرلمان.. ما هذا التناقض؟
_ المشاركة لم تقر في المؤتمر، عقد المؤتمر ونحن مشاركون، ولكن في الأساس المبادرة التي أتت بهذه المشاركة كانت في العام 1996م، دار حولها نقاش كبير مع السيد الشريف، لكن اتفقنا في نهاية المطاف على شروط لهذه المبادرة وما سينتج عنها.. هذه الشروط لم يتمسك بها أحد لا الاتحاديين ولا شركاءنا في الحكومة، عندما تم تعييني وزيراً للتعاون الدولي رفضت ذلك، لأنني رأيت كيف ضُرب بشروطنا عرض الحائط، رفضت الوزارة وبقيت في الحزب وخيّرتهم بين قبول موقفي أو فصلي من الحزب، بعدها جاءت المشاركة الحقيقية بموجب الدستور الانتقالي في العام 2005م، وشاركت بعضوية في البرلمان ورئيس لجنة به، وكانت بالنسبة لي مسألة قومية، وقمت بأدائي على أكمل وجه.. إذن كان رفضي ليس للمشاركة في ذات نفسها، إنما لممارسة كانت ضعيفة جداً وتابعة، ومسحت الحزب من أذهان الناس وأصبح أداؤه غير محترم.. وعندما حاولنا مراجعة هذه المسائل في العام 2009م قبل الانتخابات، وكنت وقتها نائب أمين عام الحزب، وطلبت من السيد رئيس الجمهورية اجتماعاً معهم، لنحدد شكل الاتفاق والانتخابات على الأبواب، أوفد د. “نافع علي نافع” وبرفقته لجنة مقدرة، اجتمعنا في القصر الجمهوري (اللواء حاتم الوسيلة، محمد مندور، د. نافع)، ومن جانبنا (أحمد بلال، السماني الوسيلة، مضوي الترابي، بشير سهل، د. علي عثمان محمد صالح وشخصي).. حضرنا الاجتماع عندما جرى الحديث حول اتفاق إستراتيجي بين الحزبين، قال د. “نافع”: (أنا لا علم لي بهكذا اتفاق)، أنا كنت أطمح للوصول إلى هذه النقطة، أن هذا الاتفاق ملزم أم غير ذلك، ونحن نتوهم باتفاق إستراتيجي مع الحكومة.. الآن من يتحدثون عن اتفاق إستراتيجي يتحدثون عن الوهم وأنا رويت واقعة اسألوا عنها، وقال د. “نافع”: (لا يمكننا عقد اتفاق ثنائي مع حزب واحد، ولدينا 74 حزباً موالياً)، اتفقنا على تكوين لجنة ثنائية للتنسيق، نحن قدمنا أ. “بشير سهل”، وهم قدموا الراحل “محمد مندور”، إذا طرأ أمر يتطلب التشاور عليهم الاتصال بنا، الآن أي حديث يقال عن هذه النقطة لا أساس له من الصحة.
{ “صديق الهندي”.. كان يتوقع أن يرث رئاسة الحزب من الراحل الشريف “زين العابدين الهندي”؟
_ لم أتوقع ذلك، ولا أؤمن بمسألة الوراثة ذات نفسها، هذه القضية أثيرت يوم تأبين الشريف عندما هتف الاتحاديون مطالبين بجلوسي على مقعد الشريف الراحل، لم أقبل بها، كنت أرغب في الوصول إلى هذا الموقع من منبر المؤتمر العام وليس تأبين الراحل.. كثير من الناس يلومونني لرفضي التوريث وقتها، وأقول لهم دائماً فكرتي عن الحزب ليست على هذه الشاكلة.. نحن لسنا قبيلة لنتوارث القيادة.
اقرأ في الحلقة القادمة..
لهذه الأسباب قبلنا مجموعة “سوكارنو” ولم نقبل بـ”إشراقة”
“أحمد بلال” فقد البوصلة ورهن الحزب للحكومة
الصامتون داخل الحزب جزء من الجريمة
(……) هذه هي وجهتنا الحالية!!