مسألة مستعجلة
من المسؤول عن تزايد أسعار الدواء؟
نجل الدين ادم
كانت واحدة من المشاكل الأساسية في توالي ارتفاع أسعار الأدوية في السوق في الفترات السابقة هو ندرة العملة الأجنبية وتعثُّر السلطات المختصة في توفير هذا النقد، ولذلك كان البديل أن يلجأ تجار الدواء إلى السوق السوداء لتغطية حاجتهم لاستيراد الدواء، والنتيجة أن أسعار الأدوية ترتفع، فكانت المعادلة مختلة في تسيير مهمة استيراد الدواء لأهميته وهو مربوط بموت وحياة المرضى، خصوصاً إذا كانت الندرة في الأدوية المنقذة للحياة مثل: البخاخات أو أمراض القلب وأدوية السكري والكلى وغيرها.
توقَّع الشارع العام وبعد صدور القرار الأمريكي برفع الحظر الاقتصادي عن البلاد وبدء عدد من الشركات الأجنبية في التوافد إلى البلاد ووجود وفرة نسبية رفع بموجبها بنك السودان سقف التحويل للعلاج بالخارج وتوجيه البنوك بصرف تحويلات المغتربين بذات العملة وغيرها من الإجراءات والتدابير التي تبيِّن أن هناك تحسُّن في موقف النقد الأجنبي، لكن النتيجة كانت عكسية، زيادات خرافية في أسعار الأدوية، خاصة خلال الأيام الماضية، وقد أوردت الزميلة النشطة بالصحيفة “نجدة بشارة” في تقرير بعدد الأمس، معلومات مثيرة عما وصل إليه موقف توفير الأدوية في البلاد، فكان عنوان تقريرها الصادم (المريض .. ضحية الداء والدواء)، ارتفاع وندرة في آن واحد والمشكلة الأكبر، كما أشرت، أن البعض من هذه الأدوية مصنَّفة بأنها أدوية منقذة للحياة، ويبدو من الواقع أنه لا حياة ولا حياء للمسؤولين عن هذا الملف. أورد التقرير أن الزيادة في أسعار الأدوية ما بين (100- 200)%، في ظل تحسُّن في موقف النقد الأجنبي أو قل في ظل استقرار نسبي.
أنا متأكد لو أن الجهات ذات الصلة أعلنت فشلها في مهمة إنقاذ حياة المرضى الذين ينتظرون الدواء، وتركت الأمر للتجار ليسجِّلوا نجاحاً نسبياً في المهمة وبالتالي استقرار في الأسعار ووفرة السلع، لأن في الفترات الماضية كان هناك ارتفاع في الأسعار في ظل تسيُّدهم للموقف، ولكنه لم يكن بالحال الذي وصلنا إليه اليوم، حيث لن يمضي أسبوع إلا وسمعنا بزيادة، والحال يمضي في أسوأ، فمثل ما عقدت الدولة لجنة لمعالجة مشكلة الدولار، فإن قضية الأدوية بحاجة أكبر لتشكيل لجنة للنظر في هذه الإشكالية التي يتأذى منها أي منزل.
أتمنى أن تلتفت وزارة الصحة والمالية وبنك السودان على السواء إلى خطورة هذا الانفلات الكبير في أسعار الدواء؛ وإلا فإن النتيجة ستكون الموت لعدم توفُّر الدواء. والله المستعان