وارتديت قرطي..!
نضال حسن الحاج
كان هاجسي الوحيد منذ نعومة أظفاري أن أكون مثل زميلاتي (اللابسات حلقانهن من قامن).. ولم تفلح محاولات والدتي في إقناعي بأنهم بذلوا جهداً مقدراً لمرتين على مدى سنتين من عمري (لتخريم أذنيّ) ولكن بلا جدوى..
إذ إن محاولاتهم باءت بالفشل لعدم تقبل أذني لهذه (التخريمة)..
مرت السنوات واستمرت محاولاتي وتضاعفت إلى أن توجت بالنجاح في عامي الخامس والعشرين بعد أكثر من (12) محاولة جادة..
(والله إصراري ده لو كان عشان رغبة حياتي “كلية الطب” لكنت الآن اختصاصي مخ وأعصاب أطفال قدر الضربة)..
المهم..
وأنا أهم بارتداء قرطي مساء أمس.. ارتفع ادرينالين جسدي.. حس ما هتف بالألم حين ارتداء القرط كما يحدث في الأيام الأولى.. ولكن.. فجأة أدركت أنني ارتديت كلا قرطيّ بلا أدنى شعور بالألم..
ثم مرت بخاطري خسارات بعضنا التي تغرز سكينها في الروح في أيامها الأولى.. ثم نظل ولشهور أو سنوات.. كلما هبت ريح ذكرى عابرة (حتت صفق روحنا وجع).. ورجعنا للنقطة الأولى..
غير أن الزمن في يوم ما.. سيمحو آثار خيباتنا ويبدلنا بفراغ أروع.. أو بآخرين أكثر محبة لنا.. أكثر قدرة على تقدير العطاء.. أشمل عطفاً.. وأجمل روحاً..
ربما..
أو ربما نظل نحمد الله على زوال الألم.. فقط.. بلا أدنى شجاعة.. ولا قدرة على المحاولة من جديد..
لأن بعض الخيبات مشبعة.. تصيب القلب بالتخمة حتى يعمى عن سواها كلما همت عين حبه بالنظر.