(المجهر) في حوار ساخن مع الدكتور "مختار الأصم" رئيس المفوَّضية القومية للانتخابات (2-2)
الحوار الوطني مطالب بمفوَّضية جديدة ونحن جاهزون للتسليم
المعارضة تقدَّمت بمذكرة تعجيزية للمفوَّضية وهذا رد مولانا “أبيل ألير
عليها
هذه الإشكاليات أفقدتنا للثقة مع الأحزاب
“الصادق المهدي” رفض مواصلة حديثه للتلفزيون لهذا السبب!
غير مطمئن للحديث عن الفساد والمراجع العام يقوم بمراجعة الحسابات سنوياً
لم نزوِّر الانتخابات لمصلحة “مالك عقار”
حوار – صلاح حبيب
{ لماذا تراجعت المعارضة عن خوض الانتخابات على الرغم من موافقتكم ومشروعهم في التسجيل خاصة الحركة الشعبية؟
– لقد حدثت في انتخابات 2010م، حاجة غريبة جداً.
{ كيف؟
– دفع عدد من الأحزاب بمذكرة شديدة اللهجة للمفوَّضية فاستلمت المذكرة من منسوبي الأحزاب بناءً على توجيه من رئيس المفوَّضية مولانا “أبيل ألير”.
لماذا أنت بالذات؟
– مولانا “أبيل” كان يثق بي ويدفع بي للمهام الصعبة.
{ ماذا حملت مذكرة المعارضة التي استلمتها؟
– المذكرة قالت على المفوَّضية أن تقوم بحل القضايا المطروحة خلال فترة أسبوع.
{ وما هي هذه القضايا؟
– أولاً حل الخلاف حول الإحصاء السكاني، فكان هناك جدل وخلاف بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني حول الإحصاء السكاني، فالمذكرة طالبت المفوَّضية بحل هذا الجدل، رغم أن المفوَّضية ليست لديها أي علاقة بذلك، فالمفوَّضية لم تقم بالإحصاء السكاني وإنما مستلم له، كما طالبت بتوزيع الدوائر الجغرافية بصورة عادلة بمعنى أن نعيد من جديد توزيع الدوائر الجغرافية.
ثالثاً: رفع حالة الطوارئ في دارفور. ربعاً: إيجاد حل ترضاه الفصائل المسلَّحة بالإقليم.
خامساً: عدم تجزئة الانتخابات، معالجة فروقات التسجيل، إعادة التسجيل، تحقيق الشراكة مع الأحزاب عبر الآلية المقترحة، إلغاء الآلية الإعلامية وإنشاء مجلس للإعلام وإلغاء منشور الحملة الانتخابية.
{ وكيف جاء رد المفوَّضية على تلك المطالبات؟
– قال مولانا “أبيل ألير” رئيس المفوَّضية في رده على مذكرة الأحزاب: نحن كمفوَّضية نتساءل، هل يمكن عملياً الإيفاء بهذه المطلوبات خلال فترة الأسبوع التي حدَّدتها المذكرة.
{ كم عدد الأحزاب التي وقعت على المذكرة؟
– كانت سبعة أحزاب.
{ وكيف ترى أنت؟
– بالتأكيد مستحيل حتى ولو تملك السلطة، هل تستطيع رفع حالة الطوارئ في دارفور وإيجاد حل للفصائل المسلحة ووقتها لم يتبق للاقتراع إلا ثلاثين يوماً، وفي ظني أن المطلوبات كانت مستحيلة خلال تلك الفترة القصيرة، والمطلوبات كانت بداية فقدان الثقة ما بين الأحزاب والمفوَّضية، لذلك جاء حديثي وعبر الورقة التي تقدَّمت بها بغرض إثراء النقاش، لكن الأحزاب كانت فاقدة الثقة من الأول في المفوَّضية، وحينما جاءت لتسليمها كانت مقتنعة بأنها لن تستلمها، لذلك تم تسليمها لك شخصياً وصدر كاريكاتير في اليوم التالي من عملية التسليم قائلاً: ما قلنا ليكم المفوَّضية ما بتسمع ليكم عشان كده جابت ليكم “الأصم”؟
نعم، ووقتها المفوَّضية كانت في اجتماع مع اللجان العليا بالولايات بغرض تنظيم عملية الانتخابات، وكانت المعارضة متأكدة من المفوِّضية لن تتسلم المذكرة، ولكن جاء توجيه من مولانا “أبيل ألير” فطلب مني أن أذهب إلى المفوَّضية وأن أجلس على مكتبه واستلم مذكرة الأحزاب، وبالفعل قمت بتنفيذ كل توجيهات مولانا “أبيل ألير”.
{ هل دار أي نقاش بينك وبين حاملي المذكرة؟
– أبداً تسلَّمت منهم المذكرة وسلَّمتها للمفوَّضية.
{ هل أبديت أي اعتراضات أو كان لك رأي في قضايا أخرى اتخذتها المفوَّضية؟
– نعم، ولكن عندما تحدثت في الورقة تحدثت عن مفوَّضية انتهت، ولم أتحدث عن المفوَّضية الحالية، لذلك من القضايا التي كان لي رأي فيها منشور الشرطة الذي تبنَّته المفوَّضية، فالشرطة كان لها نظام معيَّن مع الأحزاب، وهو أن تقدِّم طلبك خلال ثلاثة أيام، ومن ثم النظر فيه بغرض قيام الندوة للأحزاب أو قيام المواكب، ولكن المفوَّضية حملت منشور الشرطة ووزعته كإجراءات.
{ هل تعتقد كانت إجراءات صحيحة ؟
أبداً، ولكن كان يجب أن تترك الشرطة تقوم بواجبها، فالقوانين كانت سارية واجبة التنفيذ، فقلت يا ليت المفوَّضية لم تتبنى منشور الشرطة، وكان يجب أن يترك لها، وهناك منشور صدر من الأمين العام للمفوَّضية، قال: إن القوات النظامية من حقها أن تدلي بأصواتها في الدوائر الجغرافية، وذكرت لرئيس حزب الأمة ورئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي، كيف ترفضون للقوات المسلحة أن تدلي بأصواتها، وهي الحافظة لأمن البلاد، فردَّ عليَّ الإمام “الصادق المهدي”، وهل يسمح لنا أن نجري حوارات ولقاءات في ثكنات الجيش، فإذا سمحتم لهم الإدلاء بأصواتهم فاسمحوا لنا بمقابلتهم بغرض طرح برنامجنا عليهم، وهذه واحدة من الإشكاليات على الرغم من أنني كنت رافضاً لذلك، وقلت: يا ريت لو لم نتدخل في هذا الأمر وسمحنا لهم الإدلاء بأصواتهم في رئاسة الجمهورية، فالدوائر الجغرافية كانت تحمل هذا الإشكال ما أفقدنا الثقة مع الأحزاب.
ومن الموضوعات الأخرى التي كان لي فيها رأي موضع الآلية الإعلامية التي كانت تمنح الفرص للأحزاب بعرض برامجهم بالتلفزيون، ومن الموضوعات التي تدخلت الآلية الإعلامية وقامت بتعديلها خطاب الإمام “الصادق المهدي” فخطاب الإمام كان يحمل بعض الآراء مثل الإعدامات التي حدثت في موضوع العملة، وذكر أسماء الأشخاص الذين أعدموا، ولكن الآلية رأت أن ذكر الأسماء ربما يثير أسرهم، لذلك قرَّروا أن تسحب تلك النقاط، ما خلقت مشكلة بين الآلية والإمام الذي انسحب من تقديم برنامجه.
{ ماذا كان رأي المفوَّضية بعد انسحاب الإمام؟
– ذهب وفد برئاسة مولانا “أبيل ألير” وبروفيسور “عبد الله أحمد عبد الله” نائب رئيس المفوَّضية بزيارة الإمام “الصادق المهدي” بمنزله للعدول عن موقفه وإعادة تحرير خطابه، ولكن لم يتوصلوا إلى إقناعه رغم الاستقبال الطيِّب الذي قام به الإمام لهم، فذكرت في المذكرة التي تقدَّمت بها في الندوة وقلت: يا ليتنا لم نتدخل في هذا الأمر.
{ من القضايا التي وجدت حظاً كبيراً قضايا الفساد هل المفوَّضية كانت محصَّنة ضد الفساد؟
– أنا لا أطمئن للكلام العام، ولكن المفوَّضية يأتيها المراجع العام ويقوم بمراجعة حساباتها نهاية كل عام وبالذات حسابات الانتخابات، وفي انتخابات 2015م، رسم “مختار الأصم” وهو متحزِّم بالدولارات، في حين أن عمل بالمفوَّضية أفقدني المركز الذي كان يدر عليَّ مبلغاً كبيراً من المال، فالمركز كان يدير جامعتين بريطانيتين بالخليج، وكان يدير فرع الإدارة والهندسة بجامعة الخرطوم، كما كان يقوم بإدارة الماجستير في علم الإدارة بجامعة الخرطوم، فالمفوَّضية كانت خصماً عليَّ وحتى مزرعتي الصغيرة التي أنشأتها خلال العام 1979م، قيل بأنني أنشأتها خلال فترة الإنقاذ، وهذه هي ضريبة العمل العام، فالإنسان لا يسلم من القيل والقال.
{ وماذا عن انتخابات النيل الأزرق التي ترشَّح لها “مالك عقار” ويقال أنكم زوَّرتم النتيجة لصالحه؟
– بالعكس أن “مالك عقار” قال بأن المفوَّضية ستقوم بتزوير الانتخابات، لذلك طلب مني مولانا “أبيل ألير” أن أذهب إلى ولاية النيل الأزرق بطائرة خاصة للوقوف على عملية الانتخابات، وأذكر وقتها التقيت بكل المرشحين والتقيت بـ”مالك عقار” ولجنة الأمن، ووقتها كانت هناك أزمة شديدة ومحاولة لقيام حرب، ولكن ربنا ألهمني للصواب فنزعت فتيل الحرب التي كانت على وشك الوقوع من خلال عمل مهني عالٍ وصحيح.
{ كيف كان موقف “مالك عقار”؟
– “مالك” كان يعتقد أن هناك تزوير سيقع، ووقتها الاقتراع كان قد انتهى، وأعلنت النتائج في المراكز التي فاق عددها الستين مركزاً، فقلت لـ”مالك”: كيف يحدث تزوير والنتائج أعلنت بالمراكز، فقال لي: ولكن سوف تحسبوا (غلط)، فقلت له: الحل بسيط، فستأجرنا قاعة كبيرة فطلبت من كل رؤساء المراكز بتعليق النتيجة بالقاعة على أن تكون هناك نسخة أخرى بالمركز ومن ثم طلبت من المرشحين المرور على النتائج واتصلوا على منسوبيكم بالمركز للتأكد من صحة النتائج، فكانت إجاباتهم بأن النتائج صحيحة ومن ثم ونحن داخل القاعة طلبت من المرشحين عد الأصوات ونتائجها وكانت النتائج صحيحة.
{ لكن يقال إن الفائز بالنيل الأزرق “فرح العقار” وليس “مالك” فزوِّرت له الانتخابات ما مدى صحة ذلك؟
– هذا افتراء لا علاقة له بالحقيقة ولم يحدث، فأنا كنت رئيس الوفد وأشرفت على العملية بنفسي.
{ وماذا عن انتخابات جنوب كردفان بين “الحلو” و”أحمد هارون”؟
خسر “الحلو” الانتخابات بفارق عشرة آلاف صوت بينه و”أحمد هارون”.
{ هل حدث فيها تزوير؟
– أبداً، ولكن طالب بمنحه نتيجة الانتخابات.
{ والسبب؟
– وقتها كان معتقل بالجنوب وحصل آخر على عدد من الأصوات هناك فطالب بإضافتها إليه، ولكن الأصوات لم تكن من نصيبه، بل من نصيب مرشح آخر.
{ يقال بأن المؤتمر الوطني مسيطر على المفوَّضية؟
– هذا افتراء كاذب.
{ ماذا عن انتخابات 2020م؟
– من السهل أن تجري انتخابات 2020م، إلكترونياً، لأن السجل المدني نجح أن يسجل (31) مليون شخص، والسجل منظَّم جداً، وهو شامل لكل السودانيين، والسجل ليس بالرقم الوطني فقط، وإنما يحمل مكان السكن وهذا يمكنك رسم الدائرة الجغرافية ومن حق المفوَّضية أن يطلب من السجل المدني منحها الأشخاص الذين أكملوا الثامنة عشرة من عمرهم وحدَّدهم بـ(17) مليون شخص، وهؤلاء من يحق لهم الإدلاء بأصواتهم، وهذا سيعمل على توفير (40%) من تكلفة الانتخابات، لأن السجل إلكتروني جاهز.
{ هل يمكن أن يكون الاقتراع إلكترونياً؟
– ربما لا يمكن، ولكن على الأقل السجل اكتمل إلكترونياً.
{ هل توجد أي مشكلة الآن مع هذه المفوَّضية؟
– الحوار الوطني طالب بمفوَّضية جديدة، وإذا أرادوا تشكيلها فلا بد أن تشكَّل وعلى أسوأ الفروض في 2018م.
{ ذكرت أن هذه المفوَّضية من حقها أن تجري انتخابات 2020م، والحوار الوطني يطالب بمفوَّضية جديدة كيف حل المشكلة؟
– الحل بالاستقالة الطوعية وليس إلزاماً، وأنا قلت باللفظ الواحد: أنا على استعداد لتلبية رغبة الحوار الوطني بأنني سوف أقدِّم استقالتي حتى لا أكون عقبة في ذلك، وسبق أن التقيت رئيس الجمهورية وقلت له: هذه استقالتي حتى لا أقف في طريق الحوار الوطني.
{ هل سلَّمتها للرئيس؟
– أبداً، ولكن قلتها له شفاهة، وكان معي كل أعضاء المفوَّضية.
{ هل كل الأعضاء ذكروا ذلك؟
– أنا أتحدَّث عن نفسي، وليس عن كل الأعضاء، وكل شخص له الحرية في أن يتقدَّم أو يرفض.