"محمد السني دفع الله" نجم فيلم (الكنز) أضخم إنتاج سينمائي مصري في أطول حوار مع (المجهر)
يمكن لفرقة (الأصدقاء) المسرحية أن تعود من جديد
هذه هي مشاكل الدراما السودانية.. وكتابي القادم (التربية المسرحية) خارطة طريق للمبتدئين
حوار- نهلة مجذوب
رغم أنه ابتعد قسراً عن العمل الدرامي السوداني لعقود، إلا أنه ظل لصيقاً بالساحة الفنية، بل إنه يكاد أن يكون الاسم الدرامي السوداني الوحيد الذي تستعين به السينما المصرية في كثير من الأدوار.
عدة محطات سينمائية شكلت مسيرة الممثل الكبير “محمد السني دفع الله” ابتداء بـ(الإرهاب والكباب) مع “عادل إمام” مروراً بـ(حب في الثلاجة)، وأخيراً فيلم (الكنز) مع أبرز نجوم السينما المصرية “محمد رمضان” و”محمد سعد” و”هند صبري”.
لذا أصبح “محمد السني دفع الله” سفيراً للسينما السودانية رغم عدم وجودها، كما أن الذاكرة الإبداعية السودانية تحفظ له كثيراً من الأعمال الخالدة في مجال الدراما والمسرح والتمثيل والتأليف.
مؤخراً افتقدته الساحة الفنية بالسودان، لأسباب سيطلعنا عليها في الحوار التالي، وقد هجر الوطن واتخذ من عاصمة الشقيقة قطر الدوحة مقراً وعملاً ومواصلة لمشواره ومشروعه الدرامي والمسرحي هناك، لكنه ما يزال معلقاً بهموم الوطن في المجال يتابع بدقة تفاصيل إقعاده لسنوات وتراجعه عن هذا الفن العظيم، آملاً أن تعود الأمور إلى نصابها وتزهر الدراما ويتألق المسرح في السودان مثلما كان، ويواكب هذا العصر بما هو متاح فيه، ويطل الممثل السوداني وأعماله في كل مكان وزمان.
“السني” العميق أجاب بصراحة وصدر رحب لـ(المجهر) عن كل الأسئلة وأفاض.. فإلى الحوار.
{ أستاذ “السني” أين أنت الآن؟
_ أنا الآن في الدوحة، المدينة الجميلة في الدولة الفتية التي تهتم بصورة كبيرة بالفنون والثقافة والتراث وتوازن بين الحديث والقديم، ففيها سياسة واضحة في المحافظة على التراث وفي نفس الوقت تسعى الدوحة لارتياد المستقبل بصورة متطورة ومتجاوزة للارتقاء بالفنون والثقافات، ويتضح هذا من خلال الأعمال التي تقدم شهرياً ونحن فيها نرى أعمالاً من أمريكا وآسيا وأوروبا، والمسارح تعج بالنشاط الأدبي والثقافي والفني.
{ حدثنا عن هذه الأجواء الإبداعية بالدوحة؟
_ الآن هنالك نهضة مسرحية جديدة بقيادة مركز شؤون المسرح، وهو يهتم بوضع لبنات أولى لمواسم مسرحية منتظمة، ومن أحلامه مهرجان يمتد من شهر يناير إلى نهاية العام، هذا المهرجان يستضيف أعمالاً من الدول العربية والأجنبية، وقُدمت الدعوة والمساعدات لعدد من الفرق السودانية. وهذا واضح جداً من دعمهم للفنون المسرحية.
{ بنظرك.. ما هي المشكلة الحقيقية التي تواجه الدراما السودانية؟
_ المشكلة الحقيقية التي تواجه الممثلين هي التدريب وعدم وجود ورش متنوعة للتدريب خاصة في مجال الدراما التلفزيونية، وأضيف إن كيفية التمثيل في السينما والدراما التلفزيونية مختلفة عن التمثيل في المسرح، لذلك يوجد الكثير من الممثلين يمثلون بطريقة أداء خارج المضمون ما يضيّع الكثير من مجهودهم ومقدراتهم ويظهر جلياً أنهم يؤدون بصورة مبالغ فيها، وهذا واضح في كثير من الأعمال التلفزيونية بالسودان. ثانياً هناك فرق بين الدراما والكوميديا حتى في الأداء، وهناك البعض ممن يستسهل المسألة بتقليد بعض الممثلين، حتى أن بعض الأعمال يكتشف فيها أن أداء الممثلين متشابه، ويقلدون بعضهم البعض، ومن المفترض أن لا تستسهل الأمور ويكون (في تعب) في أداء الشخصية وتحليلها والعمل فيها وعليها. أتمنى أن يقام عدد من الورش، وأرى في المهرجانات الأخيرة ظهور عدد كبير من الممثلين الواعدين الشباب الذين يمكن الاعتماد عليهم في المستقبل، ولابد أن يكونوا جادين وملتزمين وإن يقدموا أعمالاً هم مؤمنون بها.
{ ما هي أسباب وظروف ابتعادك عن البلاد؟
_ أنا في هذا الجو المفعم بالتعاون والثقة والاستقرار والحرية التي هي أهم ما تحتاجه الفنون، قطر لديها مساحة كبيرة لحرية الفنان بدعمه في أن يقدم ما يرى من تجارب تخصه، وهذا ساعدني كثيراً في أن أنضم لفرقة مسرحية كبيرة هي فرقة (قطر المسرحية) وأشترك معهم في المواسم المسرحية السابقة، وقدمت عدداً من المسرحيات للمسرح البشري الكبير وعدد من المسرحيات للأطفال، وفي نفس الوقت شاركت في مسرح الشباب بعدد من المراكز الشبابية وساهمت في تخريج جيل جديد من الممثلين والمخرجين. وفي نفس الوقت قدمت أعمالاً للأطفال بصورة واضحة وجلية، وهذا دور لابد من أن أقدمه ويتطلب الأمانة العلمية التي نالها الإنسان من دراساته في أن يوصل هذا العلم للأجيال القادمة.
{ تعكف على إصدار بعض الكتب التربوية؟
_ في العام القادم بإذن الله ومن خلال معرض الكتاب بالدوحة، وفي نهاية هذا العام والعام الجديد سأحاول إنزال إصدارات جديدة وهي كتاب التربية المسرحية وهو كتاب تعليمي للهواة، فيه معلومات عن المسرح والتمثيل والديكور ومسرح الأطفال والعرائس، إضافة لمعلومات عن المسارح وتطورها.
{ ما هي فائدته؟
_ مفيد لعشاق المسرح ومحبيه ويمكن أن يدرس الكتاب في المدارس الإعدادية والثانوية، وأعدّه مهماً وبجانبه كتاب (المتجاوز) وهو يعنى بالمسرح المتجاوز ويتناول تجربتي للمسرح، هو كتاب يعكس تجربتي مع مسرح ذوي الاحتياجات الخاصة، وهي تجربة بدأتها وأنا طالب في معهد الموسيقى والمسرح، وكان لديّ مركز في قرية الـ(sos) ومركز في (دار شيشر) للأطفال المعاقين في بداياته بالخرطوم، ومن (شيشر) انتقلت لدار معهد الأمل للأطفال الصم وكونت فرقة مسرحية وهذه التجارب مع الفرق ضمنتها في هذا الكتاب، وفي الأساس الكتاب موجه لكيفية تعامل الفنانين مع ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال الفنون والمسرح، خاصة التجربة الثالثة وهي سلسلة “تجربة المسرح المدرسي” وفيها (30) مسرحية صغيرة تقدم لتهيئة في الدرس خلال الخمس دقائق الأولى قبل بداية الحصة كاملة، وهي تجربة منتقاة من تجربة “إدريس” في مدرسة (عبد الحميد قاسم) في الدوحة، وهي مدرسة تهتم بتدريس الأكاديميات عبر الفنون وتهتم بالتعليم عبر الفنون. وهذه نتائج تجربتي خلال العشر سنوات. كما لديّ سلسلة مهمة أيضاً لأطفالنا في السودان وهي في حاجة لمعرفة تاريخهم ومدى شموخ هذه الأمة وأصالتها وحضارتها التي أخذت بخدعة ولم تصل للوجود بصورة حقيقية إلا في الفترات الأخيرة. وهي تتضمن (10) كتب عن أجدادنا القدماء في العصور الحجرية ومن ثم التاريخ النوبي لكرمة ونبتة، وهذا أعدّه مهماً جداً لأنه يعلم أطفالنا الانتماء.
{ مسرح الطفل في السودان يكاد يكون معدوماً؟
_ مسرح الطفل في السودان مظلوم ظلماً كبيراً في شقيقيه الاثنين المسرح البشري سواء كان يقدمه ممثلون كبار للأطفال أو المسرح العرائسي الذي يقدم ويعنى بعرائس متنوعة من مسرح الدمى والمسرح الأسود ومسرح الاقنعة ومسرح العرائس المتكلمة ومسرح الخيال. الآن هناك فرقة لخيال الظل قدمت أعمالاً متميزة، وتواصل في التجربة تطويراً من هذا الفن، وتثبّت تجارب في السودان وتقدم للأطفال أعمالاً مبدعة جميلة.
{ ماذا عن المسرح الأسود؟
_ المسرح الأسود ومسرح الأقنعة نحتاج له كثيراً
{ فرقة (الأصدقاء) المسرحية من أهم محطاتك؟
_ (الأصدقاء) فرقة، ولما نتحدث عنها كفرقة فنية لها دورها في تاريخ المسرح السوداني الحديث، هي فرقة قامت على دعائم متينة جداً جداً، هي المحبة والصداقة والهواية والعشق للمسرح، لذلك هم كانوا فرقة قوية جداً وما زالوا هم نجوم في الساحة لكن متفرقين. وقبل فترة تجمعوا في عمل جديد من تأليف “مصطفى أحمد الخليفة” وإخراج “محمد نعيم سعد” و(عملنا لمة جميلة)، لكن جاءت الظروف الصعبة التي مرت على المسرح القومي فأبعدت الناس وجعلت بعضهم يبحث عن استقرار حقيقي. وهذا كان يمكن أن يُحل من خلال أعمال خاصة بإنتاج الفرقة، لأنها من الفرق التي استفادت من تجربة الإنتاج الخاص بها، وهذا علّم كثيراً من الفنانين الموجودين بها أن يتخصصوا في الإنتاج الفني. وساعدتهم التجارب المختلفة التي اشتغلوا عليها. فـ”محمد عوض” و”مصطفى” عملا مع “الفاضل سعيد” وأنا و”موسى الأمير” اشتغلنا مع عدد من المنتجين والمسرحيين. “محمد نعيم سعيد” و”أمير” و”عبد المنعم عثمان” وبقية العقد الفريد اشتغلوا من خلال (الأصدقاء) أعمالاً كثيرة جعلت تجربتهم غنية جداً في إنتاج الأعمال وساعدوا في الإنتاج ويتعاونون مع منتجين.
{ وهل يمكن أن تعود (الأصدقاء) للساحة؟
_ أقول إن المسرح الحي والحقيقي لا يموت ويمكن للفرق المسرحية الجميلة مثل (الأصدقاء) و(السديم) أن تعودا من جديد لأن المسرح الحقيقي لا ينتهي بل يعيش لفترة طويلة جداً وإن اختفى ممثلوه أو تركوا المهنة فيمكن للفرقة أن تستمر بدماء جديدة وتقدم فكرة لأنها تكون قد كونت أهدافها ورؤيتها ورسالتها، وبالتالي يأتي من يتبنى هذه الرسالة ومن يتعاطف معها، ويأتي أناس يؤمنون بها ويتواصلون فيها، نعم يمكن لفرقة (الأصدقاء) أن تعود من جديد وفرقة (السديم) أيضاً. تواصلان بحثهما في أشكال المسرح السوداني الذي نسعى جميعاً إليه. وأدعو صحيفة (المجهر) أن تسلط الضوء من خلال إجراء دراسة عن الفرقتين (الأصدقاء) و(السديم) ودورهما في توليد فرق جديدة خلفهما سعت لأن تقدم أعمالاً سودانية متميزة.
{ أولى كلماتي عبر الغراء (المجهر) عسى ولعل أن أكون إضافة حقيقية بين زملاء وأساتذة، منهم من عرفتهم عبر كلماتهم، ومنهم من (عركتنا) صالات التحرير في صحف أخرى، ودائماً ما يكون التنقل هدفه الأساسي اكتساب خبرات جديدة.. فشكراً جميلاً العزيزة (السوداني) وبسم الله نبدأ.