السلطات الأمنية تحكم قبضتها.. عصابات الاتجار بالبشر في مهب الريح
(المجهر) ترصد أبرز الأحداث والضبطيات وعمليات تحرير الرهائن
تقرير – محمد أزهري
أكثر من ستة آلاف متر مربع مفتوحة على حدود البلاد مع الدول المجاورة، جعلت من السودان معبراً مهماً لعصابات الاتجار بالبشر والمتاجرين في هذا النشاط المحظور.. يتخذه آلاف المهاجرين من دول الجوار سلماً للصعود إلى دول أوروبا هرباً من بلدانهم وأوضاعهم المعيشية، هذا التدافع الكبير خلق سوقاً نشطة لعصابات الاتجار في البشر وضاعف أعدادهم نسبة لعائده المادي المجزي، وتقدّر الأمم المتحدة الأرباح المحصّلة من الاتجار بالبشر حول العالم بأنها تتجاوز عتبة الـ(100) مليار دولار، لذلك أصبحت عمليات تهريب البشر ظاهرة مزعجة للفت الأنظار محلياً ودولياً بحكم أن الاتجار بالبشر جريمة دولية تقلق كبرى الدول خصوصاً الدول الأوروبية المتاخمة لبعض دول أفريقيا.
الحكومة السودانية وضعت حداً لهذا النشاط المحظور وضربت خنادق عصابات التهريب بقوة، استجابة للنداء الدولي بمحاربة الظاهرة بإغلاق الحدود وقطع الطريق على المهربين وتقديمهم لمحاكمات عادلة، فكونت لجنة بإشراف وزير العدل، وضعت قانون مكافحة الاتجار بالبشر وأسست عدداً من النيابات في مختلف ولايات السودان، أهمها كسلا والقضارف ونهر النيل والبحر الأحمر وشمال دارفور والشمالية وصولاً للعاصمة الخرطوم، ومن ثم الانطلاق منها.
{ بالأرقام.. انحسار كبير
وجدت ظاهرة الاتجار بالبشر اهتماماً متعاظماً من قبل رئاسة الجمهورية، فكان المجلس الأعلى للهجرة الذي كوّن برئاسة نائب رئيس الجمهورية.. ومن جانب آخر قوات الشرطة والدعم السريع التي شنت هجمات شرسة على رؤوس العصابات بالولايات المعنية بالتهريب مثل كسلا ونهر النيل والبحر الأحمر والشمالية، وشمال دارفور، نتج عنها انحسار كبير في بلاغات الاتجار بالبشر، حيث كانت ولاية كسلا نموذجاً، وشهد العام 2016 (31) بلاغاً مقارنة بـ(83) بلاغاً في العام 2015، فيما كانت حالات الاتجار بالبشر وسط اللاجئين في 2016 نحو (11) حالة مقارنة بـ(22) في العام 2015، وصولاً للعام الجاري الذي انحسرت فيه جرائم الاتجار بالبشر بصورة ملحوظة وقل عدد البلاغات بنسبة كبيرة.
{ 2017 عام الدعم السريع
ما أن فرغت قوات الدعم السريع التي يقودها الفريق “محمد حمدان دقلو” الشهير بـ(حميدتي) من مهامها في حسم التمرد في ولايات دارفور، حتى اتجهت إلى محاربة ظاهرة الاتجار بالبشر حسب توجيهات رئاسة الجمهورية، ويرى مراقبون أن توظيف هذه القوات لمحاربة الظاهرة أحرز تقدماً كبيراً وعكس اهتمام البلاد دولياً وجديتها في محاربة ومكافحة جريمة الاتجار بالبشر، ورابطت القوات بالحدود التي تشكل معبراً للمهاجرين غير الشرعيين في ولايات الشمالية، شمال دارفور ونهر النيل، ونجحت في ضبط كثير من تجار البشر وحررت أعداداً كبيرة أيضاً من الرهائن من قبضة العصابات خلال العام الجاري.
{ أبرز ضبطيات الدعم السريع
الحادي عشر من أبريل الماضي شهد عملية نوعية نفذتها قوات الدعم السريع، أوقعت فيها بأكبر عصابات الاتجار بالبشر وبحوزتها ست سيارات دفع رباعي محملة بأسلحة مختلفة بمنطقة المثلث على الحدود السودانية الليبية التشادية.
وفي الخامس عشر من سبتمبر الماضي أحبطت قوات الدعم السريع تهريب (21) أجنبياً، بينهم خمس فتيات كانوا في طريقهم إلى ليبيا ومنها إلى أوروبا عبر الطريق الغربي المؤدي للصحراء.
وفي الثالث والعشرين منه قتلت قوات الدعم السريع (17) فرداً ينتمون لعصابات تهريب بشر، وألقت القبض على سبعة آخرين، وأعلن حينها القائد الميداني في الحدود لقوات الدعم السريع “المقدم حسن محمد عبد الله” عن توقيف (41) شخصاً من المهاجرين غير الشرعيين من جنسيات مختلفة في طريقهم إلى ليبيا على الحدود السودانية المصرية الليبية.
{ أبرز ضبطيات الأمن
في الحادي والعشرين من شهر فبراير الماضي ألقى جهاز الأمن والمخابرات الوطني القبض على عصابة اتجار بالبشر وحرر (29) رهينة، بينهم نساء كانوا محتجزين بقرية مديسيس جنوب ولاية كسلا.
وواصل جهاز الأمن فرض سيطرته على عصابات الاتجار بالبشر، ونجح في الثالث عشر من شهر أبريل الماضي في ضبط عصابة للاتجار بالبشر، قوامها سبعة أفراد وحرر من قبضتها (21) رهينة ينتمون إلى دولة مجاورة كانوا يحتجزونهم بمحلية حلفا الجديدة بولاية كسلا، وكشفت التحقيقات حينها عن أنهم (10) رجال و(8) سيدات، تتراوح أعمارهم بين (18- 30) عاماً، بجانب (3) أطفال.
{ القوات المسلحة على الخط
القوات المسلحة كان لها نصيبها في مكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر والتهريب، ففي الحادي عشر من شهر يوليو الماضي حققت قيادة الفرقة (11) مشاة بولاية كسلا، إنجازاً كبيراً بمداهمة وكراً لعصابات الاتجار بالبشر ونجحت في تحرير (71) رهينة، وألقت القبض على سبعة من أفراد العصابة، وتعد العملية من أكبر الإنجازات التي حققتها الأجهزة الأمنية بولاية كسلاً خلال العام الجاري.
{ شرطة الولايات
ظلت شرطة الولايات الحدودية تبذل قصارى جهدها في مكافحة ظاهرة الاتجار وتهريب البشر، وحققت خلال العام الجاري كثيراً من الإنجازات في تحرير الرهائن وضبط العصابات، وأبرز الإنجازات حققتها شرطة ولاية كسلا، ونهر النيل والقضارف والشمالية.
{ السؤال..
ما حققته السلطات الأمنية كافة في مكافحة الاتجار وتهريب البشر من إنجازات خلال الأعوام الماضية يوضح أن البلاد تمضي بخطى ثابتة نحو اجتثاث هذه الظاهرة بهمة عالية، وتشير الإحصائيات إلى أن الثلاثة أعوام الماضية شهدت انحساراً كبيراً في عدد البلاغات.. فهل تنحسر الظاهرة تماماً في الأعوام القادمة؟؟