مسامرات
بدون تخدير
محمد إبراهيم الحاج
{ لا أحد من المطربين الشباب الآن قادر على أن يسد الفراغ الذي تركه “محمود عبد العزيز”.. (الحوت) ملأ فراغاً عريضاً قبل بضع سنوات حينما اتجه الوجدان الشبابي بكلياته إلى الاستماع إلى الأغاني الغربية والعربية في بدايات القرن الحالي، وكانت وقتها ثورة المعلومات والاتصالات في بداياتها.. وبدأ معها بث (الدش) و(القنوات الفضائية) التي كادت أن تمسح بشراسة وجودها أدمغة الشباب والمراهقين وقتها.
{ بروز (الحوت) وقتها وصعود نجمه كان بمثابة حائط صد قوي، منح الشباب الأمل بأغانيه وتواضعه وسجيته التي يتعامل بها مع من حوله من جمهوره.
{ اضطلع “محمود” وقتها بدوره الوطني في الحفاظ على الذوق السوداني من التلاشي.. وكانت أغانيه (خوف الوجع) و(الفات زمان) و(بعد الفراق) وغيرها بمثابة (قبلة الحياة) التي أنعشت الذاكرة الغنائية لدى الشباب.
{ تلفت يمنة ويسرة.. تمحصت في تجارب الموجودين الآن لعلي أجد فيهم من هو قادر على سد الفراغ (العريض) الذي تركه الراحل.. فارتد لي (بصري) خاسئاً وهو حسير.
{ ليس بمقدور بعض المطربين الذين (احترقت) نجوميتهم العودة مرة أخرى إلى الأضواء.. ليس بمقدورهم لفت انتباه الناس والقنوات والإعلام مرة أخرى.. لأن معينهم الإبداعي قد نضب.. لأنه شحيح.. أو غير قادر على الصمود طويلاً.. بعضهم يماثل ثقاب الكبريت الذي لا ينفع سوى لمرة واحدة.. بعدها سيكون الأمر أشبه بمحاولة بعث الحياة في ميت.
{ الأمر هنا لا يتعلق بعمر.. فالراحل “وردي” ظل قادراً على العطاء حتى آخر أنفاسه، وظل يجذب الناس في حفلاته الجماهيرية، وكذا الأمر بالنسبة لـ”زيدان” وغيرهما.. لكن الأمر هنا مرتبط بقدرة الفنان على تجديد خلاياه الإبداعية في كل مرة.
{ نعم.. لن يكون بمقدور “عماد أحمد الطيب” و”خالد محجوب” أن يقدما ما يلفت الناس إليهما مستقبلاً.. فهما قد قالا كلمتهما وتواريا بعدها.
{ لا يكفي أن تكون لدينا مسرحية ناجحة كل عشرة أعوام لنؤشر على عافية الدراما والمسرح.. لا يكفي أن ننتظر أن تقذف لنا الحركة الدرامية كل ربع قرن من هو قادر على ضخ الدم في شرايين الدراما المتصلبة.. فالأمر هنا يتطلب قدراً كبيراً من العمل التراكمي والإنتاج المستمر وليس الموسمي.
{ الدراما السودانية أثبتت على مستوى بعض المسلسلات والمسرحيات أنها تحظى بقبول ومتابعة كبيرة.. لكن ما أن يتم إنتاج عمل درامي أو مسرحية لافتة حتى تعود الحركة الدرامية إلى سكونها.. وبذا فإن على الجمهور والناس أن يستمتعوا الآن بمسرحية (ملف سري) الرائعة لأن بياتاً شتوياً طويلاً ينتظر المسرح السوداني.
{ ينبغي أن تقف وزارة الثقافة على أمر التكريمات التي تقام بـ(الكوم) لبعض الرموز الإبداعية والفنية.. فالأمر هنا صار مثيراً للشفقة والغضب معاً.. فلا يمكن أن تتم دعوتك للمشاركة في تكريم أحد الرواد ثم تدفع ثمن قارورة المياه التي تشربها في المناسبة مثلما حدث في منتدى (الميرفابي) بفندق (ريجنسي)، في تكريم شيخ النقاد “ميرغني البكري”.
{ لا يمكن أن يتداعى أصدقاء المكرم من كل مكان ثم يتفاجأون بأن أمسية التكريم الزعومة ما هي إلا أمسية تجارية، تم فيها إقحام اسم تكريم أحد الرموز لجذب انتباه الناس.. الأمر هنا أشبه بالمصيدة لجذب الناس.
} مسامرة أخيرة
وأنا جايي راجعِ مُنْتَهي لاقتْني هِي
قالت “تعال”
كِبْرَتْ كُراعى من الفرح
نُص في الأرِض نُص في النِّعال
اتْلخْبَط الشوق بالزَّعل
اتْحَاوروا الخوف والكلام
هيْي يا سُعاد
على ودْ سكينَة وكِلْتِي في خشمو
الرماد
علي ود سكينَة ومَات أسى
وأنا بِت بلاك ملْعُون أبوي
لو كنتَ أرْضَى أعرِّسهْا
“الدوش”