من الذهب للدولار.. أزمة الضمير الوطني !
منشورات بنك السودان الصادرة أمس (الأحد) بإعادة احتكار بنك السودان لشراء وصادر الذهب، تحتاج إلى تدابير عملية تتجاوز حيز الورق والمنشورات إلى الفعل والمتابعة اليومية عبر آليات مرنة وأذرع طويلة .
فالاستثناءات الممنوحة للشركات صاحبة (الامتياز) في تعدين الذهب، للتصدير وفق نسب محددة وإجراءات مكتبية، لا تجدي وحدها لمنع التحايل والتهريب، واستغلال كميات أخرى من ذهب المعدنين التقليديين لصالح تلك الشركات .
فما هي الضوابط التي تجعل بنك السودان يتعرف على حجم (إنتاج) شركات الامتياز من الذهب، وبالتالي معرفة (حقها) في تصدير نسبة من حصادها الحقيقي لا حصاد الشراء والسمسرة ؟!
فهناك حديث يدور عن شراء شركات الامتياز لكميات كبيرة من ذهب المعدنين، بدلاً عن التنقيب والتعدين، وزيادة حجم إنتاج البلاد وصادراتها من الذهب .
ولذا فإن المطلوب من وزارة المعادن مراقبة هذه الشركات وإفادة بنك السودان بتقارير شهرية عن حجم إنتاجها، ليتسق مع كمية صادرها من الذهب .
الأهم أن يشتري البنك المركزي الذهب بأسعار تزيد قليلاً عن السعر العالمي بقيمة دولار السوق الموازي، لا دولار الحافز، عبر موظفين تقاة.. ثقاة، لا (شق) في انضباطهم المالي ولا (طق)، على أن يتم استبدالهم بصورة مستمرة حتى لا يصبحون دولة داخل دولة بنك السودان وحكومة الذهب .
يجب أن يكون هدف البنك المركزي من شراء الذهب وتصديره، عائد الصادر الدولاري فقط ، وليس (التربح) بالحصول على (عشرة دولارات أو عشرين) إضافية، تمثل الفرق بين السعرين المحلي والعالمي .
لكن المشكلة المعقدة التي تواجه البنك المركزي والدولة كلها، هي ما بعد شراء الذهب بسعر السوق العالمي، فماذا يفعل المعدنون وتجار الذهب بالمليارات من الجنيه السوداني؟ هل يستثمرونها في مشروعات صناعية.. أو زراعية.. أو خدمية بتشييد مستشفيات أو فنادق ومنتجعات ؟!
للأسف.. يهرع غالب هؤلاء التجار والمعدنون بملياراتهم نحو سوق (الدولار).. فيشترون النقد الأجنبي بشراهة.. بعائدات الذهب، فيرتفع سعر الدولار، ويقفز بالزانة !
وهي بالتالي أزمة (ضمير وطني) قبل أن تكون أزمة اقتصادية.. أزمة أخلاق.. وانقطاع عن الهم الوطني وانغلاق في حيز الحساب الخاص والطموح الذاتي في كنز الثروات، على حساب الوطن.. وليحرق الوطن !
احفظوا الله.. يحفظكم …
احفظوا الوطن في حدقات عيونكم.. يحفظكم.