رأي

بعد ومسافة

“عبد الرحيم محمد حسين”.. خارج الدوام!
مصطفى أبو العزائم

صديقنا سعادة الفريق أول ركن مهندس “عبد الرحيم محمد حسين” والي ولاية الخرطوم عندما يخرج من زيه الرسمي، وعن دوام العمل يدهشك بمعرفته لكثير من الأمور التي من المفترض أن يتحدَّث فيها المختصون وحدهم، وللرجل طريقة خاصة في اجتذاب أسماع جلسائه عند عرض قضية محدَّدة يكون ملماً بها أو بكثير من تفاصيلها.
قبل أيام قليلة اجتمع نفر من أهل الصحافة والإعلام بالوالي “عبد الرحيم” واثنين من وزرائه هما: البروفيسور “مأمون حميدة” وزير الصحة والبروفيسور “محمد حسين سليمان أبو صالح” وزير التخطيط الإستراتيجي بالولاية، وكان ذلك في صالون منزله الكائن بحي المطار في الخرطوم، وقد أعجبني عنوان لمادة عن ذلك اللقاء كتبه الأستاذ “أبشر الماحي الصائم” لزاويته اليومية، كان (أنا دستوري نازل في الحي الرئاسي) بحسبان أن ذلك الحي يضم منازل كثير من القيادات والدستوريين.
 عقب اللقاء المفتوح جلست إلى مائدة مستديرة مع بعض الزملاء مع الوالي ووزيريه، ودار حديث عام كثير حول موضوعات شتى، كان من بينها تاريخ السودان وأسماء المدن، وقد سأل الفريق “عبد الرحيم” أحد الزملاء – وهو من بربر – عن معنى بربر، فقدَّم الرجل إفادات واجتهادات، لكن السيد الوالي قال إن أصل التسمية نوبي، وتعني الأرض الواسعة، وإن (بر) الموجودة في (بربر) نجدها في (بر) كل أو ما تعارفنا على أنه جبل البركل، وتعني أرض الخير.. ثم تطرَّق الحديث إلى مدن وقرى ومناطق سودانية حملت الأسماء النوبية مثل (توتي) و(كار توم) و(سوبا) و(أربجي) وحتى كلمة سودان نفسها كما يقول الفريق “عبد الرحيم” تتكوَّن من مقطعين هما “سو” و”دان” وهذه لها معنى في النوبية.. وذكر أسماء مدن عديدة لم أتمكَّن من الإحاطة بها وبمعانيها، لأنني لم أكن أسجِّل الحديث أو أدوِّنه، وقد كنت إلى وقت قريب أرى ما يراه غيري من أن كلمة السودان هي أرض السود التي تقابلها أرض البيض – شمال الصحراء – والمعروفة بأرض البيضان.
كان الحديث ممتعاً ـ وتطرَّقنا لأرض النيلين التي يقول بعض المؤرخين إنها ذاتها (مجمع البحرين)، حيث التقى سيدنا “الخضر” بسيدنا “موسى” عليه السلام، وتدخل البروفيسور “محمد حسين سليمان أبو صالح” بإيراد بعض الروايات المعضِّدة لذلك التفسير، بل جاء إلينا بنبوءة أستاذ جامعي التقاه في لندن أكد على أن صلة ما، بين اليهود وجبل مرة في السودان، وأنه في تاريخ معيِّن سيحدث تغيير مناخي يعقبه بعد ذلك حرب كونية شاملة مقدَّر لها أن تكون في علام 2022م.
ذلك الحديث قادني إلى ما قاله به الباحث في الحضارة النوبية بمنطقة شارلس البريطانية في لندن “عبد الله ماهر كورينا” والذي نشرت صحافتنا السودانية بعض آرائه ومنها أن توصَّل عن طريق البحث المتواصل في الحضارة النوبية والقرآن الكريم إلى حقائق مذهلة، منها إن جبل الطور المذكور في التوراة والقرآن الكريم ليس هو الجبل الموجود في سيناء بمصر، وإنما هو جبل مرة الموجود في دارفور، وإن فيه مقام سيدنا “موسى” – عليه السلام – الذي واعده الله فيه وألقى فيه الألواح، وإن سيدنا “موسى” نفسه – عليه السلام – نوبي وإنه عبر النيل من الشرق إلى الغرب في منطقة عبري، عندما طارده فرعون وأراد البطش به هو وبني إسرائيل.
حديث تلك الليلة ونحن نتحلَّق حول مائدة مستديرة أمام منزل الفريق “عبد الرحيم” وما قال به البروفيسور “أبو صالح” أعاد إلى الذاكرة أن الحركة الصهيونية العالمية كانت تخطط قبل عام 1948م، إلى إقامة وطن قومي لليهود في أفريقيا، وقد أعلن أحد قادتهم واسمه “ماكس نوردي” اختياره ليوغندا وطناً قومياً، لكن المتعصبين من اليهود اغتالوه ما جعل “هرتزل” القائد التاريخي لهم يتراجع ويتم اختيار أرض فلسطين وطناً لهم.. لكن حلم الوجود الفاعل في القارة السوداء ظل قائماً في دواخلهم حتى يومنا هذا بدليل سعيهم للوجود الكثيف في عدد من الدول الأفريقية خاصة دول منابع النيل.
تدخلت بالحديث وذكرت أن إسرائيل – لو كان هذا هو فهم قادتها – تشكِّل خطراً حقيقياً على بلادنا، خاصة وأن السودان يزخر بموارد طبيعية قل أن توجد في دولة أخرى، وتمثل دارفور وجبل مرة تحديداً مركزاً غنياً لتلك الموارد، لذلك أصبحت المنطقة هدفاً للمنظمات التبشيرية والكنسية، وقد تم بناء كنيسة هناك رغم أن كل أهل دارفور من المسلمين، ويردِّد البعض أن المسيد القائم ليس بكنيسة، بل هو كنيس يهودي وأنه معبد قديم زاره سيدنا “عيسى” عليه السلام عندما زار السودان حسب روايات قديمة متداولة.. وهنا بالقطع تزييف للتاريخ والحقائق، لأن إسرائيل تريد أن تجد لها موطئ قدم في بلادنا بمثل تلك المزاعم.
كانت ليلة ليلاء تناولنا في جانب منها موضوعات شتى، جعلتني أعيد اكتشاف الفريق “عبد الرحيم” من جديد، هو الذي عرفته قبل الإنقاذ، وظلت أحاديث تلك الليلة تراوح مكانها في رأسي إلى أن بدأت أكتب عنها هذا المقال.

حسن
اللهم احفظ بلادنا من كل شر وسوء وأحميها بقوتك وجبروتك ورد كيد من أراد بها سوءًا في نحره، واحفظنا اللهم من الفتن ما ظهر منها وما بطن، واجعل وطننا آمناً مطمئناً مستقراً وبارك لنا فيه وفي أرزاقنا يا رب العالمين.. آمين.
.. و.. جمعة مباركة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية