رأي

حسم الرافضين لشروط التطبيع الأمريكي مع السودان!

عادل عبده
اللحظة التاريخية المليئة بأعواد التمني والانتظار والتفاؤل لا تضيع من بين يدي المرء العاقل، فقد يطول زمن عودتها من جديد وقد تأتي مرة أخرى بشكل مختلف!! هكذا تنطبق هذه الحالة على حكومة الإنقاذ التي وجدت فرصتها الذهبية في الشروط الأمريكية للتطبيع مع الخرطوم بعد سنوات طويلة من القطيعة والعداوة السياسية والتي حملها نائب وزير الخارجية الأمريكية المستر “جون سوليفان” في زيارته للبلاد خلال الأيام الفائتة ولقائه مع المسؤولين الحكوميين، وعلى رأسهم النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول “بكري حسن صالح” ووزير الخارجية الدكتور “إبراهيم غندور”، علاوة على بعض الرموز الدينية والسياسية والمجتمع المدني.
من جهته يرى الجانب الحكومي أن شروط التطبيع الأمريكي لا تخلو من المرارة والوصفة الحارقة وقد تكون ثقيلة على التطبيق ومكلفة على مستوى القناعات، غير أن الواقعية والبراغماتية تحتم ضرورة التماهي مع هذه الشروط من منطلق اجتياز هذه العقبة الكئود المتمثلة في الكماشة الأمريكية الضاغطة التي أدخلت الخرطوم في عزلة دولية خانقة وكوارث سياسية واقتصادية كثيفة.
ظهرت الشروط الأمريكية من شقين روحي وسياسي بشفافية لا تحتمل التدليس، فقد ذكر المستر “سوليفان” أمام اجتماعاته مع القوة الدينية بمسجد النيلين وجامعة القرآن الكريم والقوى السياسية بالقاعات الرسمية بأنهم يطالبون حكومة الإنقاذ باحترام الحريات الدينية وعدم التضييق على المسيحيين وعدم هدم الكنائس، يضاف إلى ذلك الحريات الصحفية وحرية الانتقال، وترقية حقوق الإنسان واحترام آدميته، علاوة على التحفظ على العديد من المواد في القانون الجنائي والأحوال الشخصية، وفي الجانب السياسي تطالب واشنطن بقطع العلاقات مع كوريا الشمالية ووقف الهجمات في مناطق النزاع في النيل الأزرق وجبال النوبة ودارفور، واستمرار الحوار مع المعارضين وإعلان وقف إطلاق النار الشامل وقيام التسوية النهائية، فالتنازلات الحكومية المتوقعة على شروط واشنطن مبنية على قيم التفكير الحواري المنتج إلى فضاءات المرونة والاعتدال والخروج من مأزق الشطب والأحادية والتجاوب مع متطلبات العصر والحداثة والعشم في رفع السودان من قائمة الإرهاب فضلاً عن الرهان على مساعدات أمريكا في النواحي السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، وفي المقابل توجد المجموعة الإنقاذية المناهضة للتقارب مع أمريكا والتي ما زالت تنظر إلى الأمور والمستجدات الخاطفة على الساحة الوطنية والإقليمية والدولية بالعين الأحادية، والشاهد أن هؤلاء يعيشون في زمن الإنقاذ القديمة أيام شعارات الدولة الرسالية محاربة الشيطان الأكبر، وهؤلاء يحاولون عرقلة الحركة الدائبة من النقلة الواضحة في العلاقة السودانية بشتى الطرق والوسائل.. وعلى ذات الصعيد تنهض هيئة علماء السودان في رفض الشروط الأمريكية في الانفتاح على البلاد ومهاجمة التصور الأمريكي للتطبيع مع الخرطوم، فيما وضعت مجموعة الفقه الإسلامي فيتو على مطالب أمريكا بتحسين الحريات الدينية، فضلاً عن ذلك فقد قال الدكتور “عصام البشير” القيادي في مجمع الفقه بأنهم سوف يدرسون خطة وزارة الخارجية الأمريكية للحريات الدينية.
من الواضح أن القصر لن يتسهل في التعامل الحاسم مع أي تحرك داخل السُلطة أو خارجها يحاول عرقلة قطار التطبيع مع واشنطن، وفي أوج تطلعه إلى فوائد التعاون والتنسيق مع أمريكا خلال المستقبل سوف لن يتوانى في إيقاف أي محاولة تحدث إلى إرجاع العلاقة مع واشنطن إلى الوراء، سيما وأن حكومة الإنقاذ قدمت الكثير من المساعدات إلى الجانب الأمريكي في مجال مكافحة الإرهاب ومعالجة ظاهرة الهجرة العشوائية إلى العالم الأول.
عين القصر تحدق إلى تطلعات مغادرة السودان لقائمة الإرهاب وكسب عضوية التجارة الدولية وحزم المساعدات المالية والسياسية والاقتصادية الأمريكية وكسب ود الدولة الأقوى لذلك لن ينظر القصر إلى هؤلاء الذين يحملون رايات الشعارات القديمة التي تجاوزها الزمن!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية