بعد..ومسافة
“البشير” في الجزيرة.. رسالة بالبنط (الغليظ)!
مصطفى أبو العزائم
أن يزور المشير “عمر حسن أحمد البشير” ولاية الجزيرة في هذه الأيام، وبعد انجلاء المعركة التي اندلعت نيرانها بين الوالي الدكتور “محمد طاهر أيلا” وبين عدد من قيادات حزب المؤتمر الوطني بالولاية، كان لهم وجودهم وحضورهم في المجلس التشريعي، وفي أعقاب القرار القاضي بإعلان حالة الطوارئ بالولاية ثم أعقبه مرسوم دستوري آخر بحل المجلس التشريعي بالولاية، يكون الأمر قد حسم لصالح الوالي الدكتور “محمد طاهر أيلا” خاصة بعد مخاطبة رئيس الجمهورية الذي هو رئيس لحزب المؤتمر الوطني في ذات الوقت لأهل الجزيرة يوم أمس، وتأكيده من خلال خطابه ذاك بأن “أيلا” باقٍ في ولاية الجزيرة، وأنه لن يغادرها إلا بأمر الله – والأمر كله بيد الله – أو بعد رفض أهل الولاية له، الذين إن رأوا – حسب ما قال الرئيس “البشير” ترشيحه لرئاسة الجمهورية فإنه سيجد المساندة والدعم من الرئيس “البشير” نفسه. إذاً وضحت الصورة تماماً الآن، فالرسالة واضحة وقوية نرى أنها ستكون عنواناً رئيساً لكل الصحف الصادرة صباح اليوم (الجمعة)، فهي رسالة لن تكون بـ(البنط العريض) فحسب، بل هي رسالة بـ(البنط الغليظ) في مواجهة خصوم الدكتور “محمد طاهر أيلا” رسالة قوية واضحة العبارات محدَّدة العنوان، وموجهة نحو صندوق بريد كل القوى المعارضة للوالي “محمد طاهر أيلا” وفيها تحذير مبطَّن لكل الذين يحاولون (اللعب بالنار) في بقية الولايات عندما يصل بهم الأمر إلى مواجهة كل رجال الرئيس في المواقع القيادية الذين اختارهم شخصياً، استناداً على حقه الدستوري الذي كفله له الدستور بعد التعديلات الأخيرة.
بعد هذا الوضوح الساطع لموقف رئيس الجمهورية ورئيس حزب المؤتمر الوطني حول قضية (التنازع) على السلطات بين الوالي في أية ولاية، وبين المجالس التشريعية، هل سيحدث تراجع في مواقف الخارجين عن سلطة الوالي، أم أنهم سيظلون على ذات الموقف ينتظرون قراراً بالحل؟
ثم.. سؤال ثانٍ.. هل سينقسم أعضاء حزب المؤتمر الوطني في تلك الولايات إلى حزبين أحدهما ملتزم بما يصدر من القيادة، وثانيهما لا يريد التقيُّد بتلك القرارات وينحو نحو الاستقلال بالرأي والموقف الخاص القائم على الخصوصية التي تميِّز كل ولاية عما سواها؟.. وهذا سؤال صعب لن تجد من يملك الجرأة للإجابة عليه، بحسبان أن التمرُّد على القيادة وقرارات رئيس الحزب تعد خروجاً عن المؤسسة والالتزام بما يعني الفصل من الحزب أو الاتجاه إلى تأسيس حزب جديد، ولكن هذا الحزب الجديد لن يكون إلا مجموعة محدودة الأثر، لن يكون لها تأثير إلا في حدود ضيِّقة، وهذا أمر يفقد الخارجين عن الالتزام الحزبي، يفقدهم بريق القيادة ويجعلهم قيادات سابقة لا أكثر ولا أقل.
وسؤال ثالث يقوم على كل ما سبق، وهو: هل ستكون أبواب العودة إلى الحزب مفتوحة أمام الخارجين عن الالتزام بالمؤسسة؟.. وسؤال رابع هو الأهم يتعلق بموقف الداعمين لتلك المواقف في المركز وداخل المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني، هل سيبقون في مواقعهم المتقدِّمة، أم أن هناك قرارات وشيكة ستصدر بشأنهم بحيث يتم ترتيب الأوراق والمقاعد بما يضمن الانسجام التام بين المركز والولايات في شؤون الحكم والعمل الحزبي؟.
قراءة شخصية للموقف العام تجعلني أرجِّح إجراء تغييرات قريبة في المواقع القيادية داخل المؤتمر الوطني في المركز والولايات بما يضمن التماسك والقوة والانسجام، أي أن هناك أحداث (دراماتيكية) يمكن أن تقع خلال فترة قريبة.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وأمِّنا في أبداننا وأموالنا وأوطاننا، وعافنا في الدنيا والآخرة، يا رب العالمين.. آمين.
.. و.. جمعة مباركة