رأي

بكل الوضوح

غياب حارس البوابة.. الوسط أصبح (خرابة)!!
عامر باشاب

{ في الآونة الأخيرة كل يوم يمر علينا يظل الوسط الفني يتدحرج إلى أدنى مستنقعات الهبوط والانحطاط الغنائي بكلماته الفاضحة والساقطة والمتبرجة، بل والفاجرة.
{ إذا كان مطربو الأمس من عصر الحقيبة الذي قاده العمالقة “سرور” و”كرومة” و”الأمين برهان” و”زنقار” وخلفاؤهم المبدعون و”مبارك حسن بركات” و”خلف الله حمد” و”بادي محمد الطيب”، إلى  ثورة الأغنية الحديثة التي فجرها العمالقة “إبراهيم الكاشف” و”أحمد المصطفى” و”عثمان حسين” و”إبراهيم عوض” و”حسن عطية”، مروراً بزمن التألق الذي تصدره الإمبراطور “محمد وردي” و”محمد الأمين”  و”عبد الكريم كابلي” و”ابن البادية” و”زيدان” و”أبو عركي البخيت”.
{ وإلى زمان الأسطورة “محمود عبد العزيز” (الحوت) آخر المطربين الذين أغرتهم محاسن الأغاني الأصيلة و(بقى عشوقها) وعاش في محرابها إلى أن رحل من هذه الفانية. 
{ جميع المبدعين أعلاه نجوم الطرب الأصيل، وأبناء جيلهم في كل الحقب، ظلوا يتنافسون في تقديم محاسن الأعمال الإبداعية ذات الوسامة الموسيقية والدسامة الشعرية التي احتشدت مفرداتها بالمعاني الراقية والمضامين النبيلة التي تبارى في كتابتها عباقرة الشعر الغنائي السوداني في مراحله المختلفة (أبو صلاح وعمر البنا وسيد عبد العزيز وعبد الرحمن الريح والمساح وحسين بازرعة وعوض أحمد خليفة والدوش وأبو قطاطي والحلنقي وهلاوي والتجاني حاج موسى ومختار دفع الله).
{ أما في هذا الزمان المشاتر وبسبب غياب أو بالأصح تغيب من كان يحرص على اختيار محاسن المفردات (حارس البوابة)، بغياب حارس البوابة الوسط الفني أصبح (خرابة)، وتلب داخله المئات من مروجي الأغاني الفاسدة على شاكلة (حرامي القلوب) و(طاعني دائماً بي ورا) و(أخوي بشغلا لي) إلى (حرجل محاسن) و(جوطة) و(بديت تلخبط) و(كتلتني كتل) وغيرها من الأغاني الساقطة المقرفة والنتنة.
{ أرى أن السبب الرئيس وراء هذه الفوضى والعشوائية التي ضربت الوسط الفني في مقتل هم الأشخاص غير الجديرين بالمسؤولية فاقدي الأهلية الذين تغولوا على المناصب وتربعوا بضعفهم واستهتارهم على قمة إدارة الأجهزة المعنية بالرقابة وضبط جودة الأعمال الإبداعية وحراسة بوابتها التي تحولت بتساهلهم إلى (بوابة من غير بواب)، لذلك كل الخبوب والكرور والعفن الغنائي ظل يعبر من بين أيديهم ومن خلفهم ومن أمام أعينهم، وعلى مسامعهم وهم هائمون في دنياواتهم الشخصية لا يهتمون إلا بأناقة ملبسهم وزينة عرباتهم وفخامة بيوتهم.
{ أحد المبدعين من أصحاب الوجعة الغيورين على الفن الأصيل أكد لي أن أغلب من يجلسون على قمة الأجهزة المعنية بضبط الجودة الإبداعية، بجانب بعض المخرجين ومعدي ومقدمي البرامج للأسف الشديد تربطهم علاقة صداقة قوية جداً مع مروجي الفن الهابط من مغنواتية وشعراء وملحنين، ودائماً ما يوجدون معهم في مكاتبهم ويبادلونهم الزيارات الخاصة آناء الليل وأطراف النهار.
{ وضوح أخير
{ بالله عليكم كيف ينصلح حال الوسط الإبداعي في بلادنا وكيف نحارب شياطين الهبوط؟!
  ] 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية