بعد.. ومسافة
الرئيس “سلفا” أمام الامتحان الصعب!
مصطفى أبو العزائم
يواجه السيد الفريق “سلفا كير ميارديت” رئيس جمهورية جنوب السودان، امتحاناً عسيراً هذه الأيام، خاصة بعد بوارق الأمل التي ظهرت في أفق العلاقات بين جوبا والخرطوم، عقب زيارته الأخيرة للخرطوم، والتي تم الاتفاق فيها على نقاط مهمة (قد) تفتح أبواباً للأمل في العلاقة بين البلدين التي أسيئ لها كثيراً من قبل نظام الحكم في دولة جنوب السودان، وهو نظام خسر كل النخبة الجنوب سودانية، وخسر كل السياسيين، بل وصل به الأمل إلى محاربتهم علناً ورفع السلاح في وجه حلفاء الأمس الذين تحولوا إلى خصوم وأعداء.
الآن لم يعد لنظام الرئيس “سلفا” حليف في الداخل، بل حتى الذين كانوا يده اليمنى مثل اللواء “بول ملونق”، تعرضوا إلى إذلال ليس بعده إذلال، وحبس منزلي، وحصار يمنع عنه الهواء إن أمكن، لكنه لجأ إلى المنظمات الأممية يطلب النجاة.
الخصومة غير المبررة لنظام الحكم في الخرطوم، أوشكت أن تؤدي بنظام جوبا التي أخذت تعامل الخرطوم بحقد امرأة مطلقة، رغم أنها هي التي اختارت الطلاق.. ما علينا.. الآن وبعد الضيق الذي تعيشه دولة جنوب السودان، وجد رأس النظام هناك أنه لا مخرج إلا عبر التصالح مع الخرطوم، رغم الاتهامات الخجولة التي كان يسوقها أمامه من خلف ابتسامة ترتسم دائماً في وجوه الرؤساء أمام كاميرات التصوير، فجاءت الزيارة وتم الاحتفاء به رسمياً رغم البرود الشعبي ورغم عدم الترحيب (الحار) من قبل الصحافة وأجهزة الإعلام غير الرسمية، على اعتبار أن المؤمن لا يلدغ من جحر الدولة الجديدة مرتين.
هناك قوى سياسية وأخرى عسكرية معارضة انتابتها حالة من الخوف بعد لقاء “البشير – سلفا” في الخرطوم، واهتزت الأرض تحت أقدامها، ومثال لذلك حركة العدل والمساواة – جناح “جبريل” التي تتخذ من “جوبا” مقراً لعدد من قياداتها، وتحاول أن تحرك الأحداث هناك لغير صالح التواصل مع الخرطوم، لذلك ووفق ما رشح من معلومات، فإن حركة العدل والمساواة وجهت قيادتها الموجودة في جوبا، نحو التحرك لمنع أي تحسن في العلاقات بين السودان ودولة جنوب السودان، ومحاولة إجهاض نتائج لقاء “البشير- سلفا” الأخير، وذلك بدفع تلك القيادات للتنسيق مع أطراف جنوب سودانية وتخويفها من نتائج لقاء الخرطوم، والحركة تخشى في قرارة أنفس قياداتها أن تطالبها جوبا بالمغادرة فوراً وتسليم أسلحتها تنفيذاً لما تم الاتفاق عليه بين الرئيسين.
المعلومات التي يتم تداولها الآن، أن تلك القيادات بالتنسيق مع بعض أصحاب المصالح في جوبا، تعمل على إقناع حكومة جنوب السودان، بعدم طرد معارضي نظام الحكم في الخرطوم، والعمل على إبقائهم هناك بكامل قوتهم وعدتهم وعتاداتهم، لأن الخرطوم غير موثوق في الاتفاقات التي توقع عليها، بل إن بعض تلك القيادات طالبت بتجاوز حكومة الجنوب ومخاطبة الحركة الشعبية شمال وجيشها الشعبي للتدخل الفوري والضغط على حكومة الرئيس “سلفا كير” حتى لا تقوم بطرد قوات المعارضة السودانية، وذلك استناداً على أن قطاع الشمال يعتبر جزءاً من الجيش الشعبي، مع التلويح بأن الرئيس “سلفا” سيفقد السند العسكري إذا ما وقف مع قرار طرد المعارضة السودانية من أراضي دولة جنوب السودان، وأنه قد يواجه تمرداً جديداً من أقرب حلفائه هناك.
الآن نحن ننتظر ما سيسفر عنه التفاوض السري بين القيادات في العدل والمساواة وحلفائهم في دولة جنوب السودان.. هل ستنتصر إرادة السلام.. أم إرادة الحرب؟.. وهل سيواجه الرئيس “سلفا كير” – حقيقة – تمرداً جديداً يضعف من قوته ويشل حركته؟.. لا نستطيع الإجابة، لكن الأيام القادمة قد تحمل الإجابة على تلك الأسئلة الساخنة.