أخبار

قانون "بلال"

هل عبر قطار قانون الصحافة الجديد بجسور حزب المؤتمر الوطني؟ أم قفز مباشرة من لجنة خاصة شكلها وزير العدل السابق د.”عوض الحسن النور” إلى منضدة د.”أحمد بلال عثمان” الذي دفع به لمجلس الوزراء قبل أن تقول الأحزاب المشاركة في الحكومة كلمتها.. وأجهزة المؤتمر الوطني من أمانة إعلام وقطاع سياسي ومكتب قيادي آخر من يعلم شيئاً عن القانون الذي أعاده الفريق “بكري حسن صالح” من المجلس لاتحاد الصحافيين بعد أن وقف “بكري” موقفاً مشرفاً يليق به كرئيس لمجلس الوزراء ويجهض مخططاً داخل المجلس لإجازة القانون في ساعة واحدة (أم غمتي) و(خم) وزراء الحوار الوطني على طريقة (أدينا رضاك قدامنا سفر) وكان لوزير الصناعة “موسى كرامة” موقف يكتب له في تاريخه السياسي برفضه إجازة القانون قبل الإطلاع على المواد التي تم تعديلها ودواعي التعديل وهو ذات موقف “بشارة جمعة أرو” ود. “تهاني عبد الله” وزيرة الاتصالات ولم تفلح محاولات “عبد اللطيف العجيمي” وزير الزراعة ود. “سمية أكد” و”عبد العظيم عوض” الأمين العام لمجلس الصحافة في إجازة القانون في جلسة واحدة وحمله للبرلمان ليعبر جسر النيل الأبيض غرباً دون اعتبار لمواقف اتحاد الصحافيين الشجاعة التي قادها “الصادق الرزيقي” في مناهضة القانون و”الصادق” وأعضاء مكتبه التنفيذي يعلمون أن حزب المؤتمر الوطني (كحزب) لم يسمع بتعديل القانون إلا في مجلس الوزراء.
الثغرات الكبيرة في القانون جعلت الصحافيين يجمعون لأول مرة على رفض مسودة التعديلات التي لو قدر لها المرور من خلال مجلس الوزراء والبرلمان لأصبحت الصحافة السودانية (اسماً في حياتنا) والقانون الذي وضعته عقليات عقابية منتقمة من الصحافة كمهنة والصحافيين كقطاع عريض من المجتمع نذر نفسه للدفاع عن قيم الأمة من خلال مهنة تحفها المخاطر والمكاره.. رغم البريق والصيت والشهرة.. ولكنها مهنة نبيلة.
سهل جداً أن تكتب الصحف عن سلبيات القانون ونقاط ضعفه وتنهال عليه تقريعاً مقذعاً لكن من الصعوبة تقديم مقترحات عملية لإصلاح البيئة القانونية لتنظيم مهنة الصحافة والفصل بين الصحافة الإلكترونية والصحافة الورقية.. وقد تضررت مهنة الصحافة الورقية من التعريفات الفضفاضة للصحافة.. فأصبح اتحاد الصحافيين مزيجاً ما بين الصحافة المرئية والصحافة المسموعة والصحافة الورقية وتماهي موظفو العلاقات العامة في الوزارات وخريجو الصحافة العاملون في مهن أخرى كالمحاماة.. والهندسة مع الصحافيين الكادحين من أجل المهنة الشريفة.. ومن صناع الحدث اليومي في الصحافة، وفي القانون الجديد تمددت الاتحادات المهنية الأخرى لمجلس الصحافة بإدعاء زائف بتمثيل مجلس الصحافة للمجتمع.. الذي منه براء.. بدخول اتحاد المرأة واتحاد أصحاب العمل في عضوية مجلس الصحافة وتقليص عدد الصحافيين في المجلس وهم المكون الوحيد المنتخب من قاعدة.. كل بقية الأعضاء تعينهم السلطة وتضفي عليهم صفة تمثيل المجتمع.. وفي ذات الوقت لا نجد للصحافيين تمثيلاً ووجوداً في اتحادات أخرى مثل اتحاد المصارف واتحاد الصمغ العربي واتحاد المرأة، فهل الصحافيون لا يمثلون المجتمع؟ أم هذه المهنة جاذبة للآخرين يلتصقون بها ويقررون في شأنها نيابة عن أهلها.. من ينظر إلى تكوين اللجان التي تعدل قانون الصحافة مثل لجنة د. “عوض الحسن النور” لم يمثل فيها الصحافيون إلا بعضو واحد “الرزيقي” بينما تم تمثيل أكثر من (20) جهة من أجل وضع قانون يقمع الصحافة ويكبلها وينص على عقوبات بإيقاف الصحافيين عن مزاولة مهنتهم لمدة يحددها موظفو الحكومة في مجلس الصحافة.
قبل أن تنقضي مدة الشهر التي منحها الفريق “بكري” لوزراء حكومته وللصحافيين لتدارس مسودة القانون الذي يتم إخفاؤه في مكتب وزير الإعلام د. “أحمد بلال” ، فإن  الصحافيين مطالبون بتقديم قانون بديل متفق عليه مهنياً ، خلال الشهر،  حتى لو اختلف حوله سياسياً.. وكذلك القوى الحزبية مطالبة بتقديم مقترحاتها ونشر كل المسودات علناً للرأي العام ليأخذ مجلس الوزراء بالمشتركات حتى يصبح التحول الديمقراطي سلوكاً وممارسة وليس شعارات ترددها أبواق السياسيين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية