مجرد سؤال
الدولار (حيَّرنا) !
رقية أبو شوك
في جولة (المجهر) على الأسواق الأسبوع الماضي، كنا قد أشرنا إلى ارتفاع في الأسعار، والآن وقبل أن يكتمل هذا الأسبوع ارتفعت الأسعار مرة أخرى مقارنة بالأسعار الأسبوع الماضي، وفي ذات الوقت اقترب الدولار من الـ (25) جنيهاً، وعلَّل التجار الزيارة بتذبذب أسعار الدولار (فالشماعة القديمة) عادت من (تاني) بعد أن استبشر المواطنون خيراً بعد رفع العقوبات الاقتصادية على البلاد.
بالأمس، تفاجأت بالارتفاع الكبير في أسعار البصل، حيث بلغ الربع منه مابين (50 ـ 60) جنيهاً، بالرغم من الوفرة الكبيرة لهذه السلعة التي عادة ما تأتي لولاية الخرطوم من ولايات كسلا ونهر النيل.. التجار علَّلوا الزيادة بالنقل.. أيضاً ارتفعت أسعار السكر المستورد والمحلي بالرغم من قرار مجلس الوزراء مؤخراً بإعفاء السكر المحلي من الرسوم، فيما عدا الضريبة على القيمة المضافة.. فهذا القرار لم ينعكس على أسعار السكر بالنسبة للمنتج المحلي والسبب، أيضاً، فإن التاجر اشترى بالسعر قبل القرار ولابد من الانتظار بعد أن يباع القديم .. ولكننا نخشى أن نتفاجأ بزيادات جديدة بعد الانتهاء من بيع (المعروض سابقاً).. فالتجار أيضاً سيتعللون بارتفاع أسعار الدولار حتى بعد الانتهاء من بيع المعروض سابقاً.
نعم، الدولار ارتفع بشكل (محيِّر) خلال الأيام القليلة الماضية بالرغم من الكل توقع انخفاضه بعد رفع العقوبات ولكن!.
وفي رأيي أن رفع العقوبات ليس له علاقة بارتفاع أو انخفاض الدولار أو تلك التسهيلات والمعاملات المصرفية وتلك الدولارات التي أتت من الخارج وإنما بحاجة إلى سياسات محكمة وشجاعة بالتنسيق بين وزارة المالية وبنك السودان المركزي .. فالدولار الذي جاء من الإمارات لاستيراد الأدوية والقمح والمواد البترولية جاء لسلع استهلاكية وليس استثمارية فعائدها يكون على المدى القصير جداً ما يجعل الاستفادة منها وقتية ولاستيراد سلع بعينها.. فمحافظ بنك السودان المركزي “حازم عبد القادر” اجتهد خلال الفترة التي أعقبت رفع العقوبات خلال جولاته بدولة الإمارات بعد أن وقع عقودات مع (4) بنوك، بما قيمته (800) مليون دولار، حيث كان من المفترض أن تخفف هذه الدولارات على الدولار الموجود أصلاً عندنا بمصارفنا المختلفة، وأن تؤدي إلى انخفاض الدولار بالسوق الموازي ولو لفترة محدودة، ولكن هذه الحصيلة من الدولارات لم تفلح في ذلك باعتبار أن تجار الدولار قد أدركوا أن هذه (الحفنة) من الدولارات ستذهب لاستيراد السلع التي من أجلها تمت العقودات ولن تذهب كاستثمار الأمر الذي يؤكد ذكاء الفئة التي تتاجر بالدولار.
نعم انخفض بعد رفع العقوبات مباشرة حتى وصل إلى (17)، ولكنه عاد وارتفع ارتفاعاً جنونياً.. فحتى تعديل السياسات المصرفية التي أعلنها بنك السودان المركزي لم تنجح في كبح جماحه.. فالسوق الموازي يتحدى السياسات ويقدِّم الدليل بالعمل أكثر من (23) جنيهاً للدولار، وأكثر من (6) جنيهات، للريال، وربما أكثر خلال الأسبوع القادم.
فنحن بحاجة كبيرة جداً للاستثمار وأن نعقد صفقات استثمارية عاجلة يكون عائدها قصير ومتوسط وطويل المدى حتى نخرج من هذا (المأزق)، بالإضافة إلى قرارات قوية وحاسمة، وأيضاً توفير التمويل اللازم لزيادة الإنتاج والشراكة مع القطاع الخاص.. فإنتاجنا مازال دون المطلوب وكذا صادراتنا رغم المقوِّمات الكبيرة الموجودة والتي تؤهلنا إلى أن نكون الدولة رقم (1) في مجال الصادرات ورقم (1) في مجال الاستثمار.. فالثروة الحيوانية.. يجب أن نؤهلها تماماً وأن يكون معظم الصادر للعالم من المواشي (الحيَّة والمذبوحة) من السودان، وكما قلت في مساحة سابقة ضرورة الاهتمام، أيضاً، بمخلفات الذبيح كالجلود مثلاً وتصديرها بعد أن يتم تصنيعها وليس تصديرها خاماً، وأيضاً الاهتمام بالأسماك.
فهذه مجرَّد مقترحات، لأن اقتصادنا بصراحة حيَّرنا.