بُعد ومسافة
الجزيرة.. مراحل ما بعد الإبداع
مصطفى أبو العزائم
أذكر أنه في الفترة من أواخر فبراير إلى أوائل مارس عام 2012م، كنا مجموعة من الصحفيين السودانيين نلبي دعوة كريمة من حكومة المملكة العربية السعودية، وكان على رأس وفدنا ذاك أستاذنا وأستاذ الأجيال البروفيسور “علي محمد شمو” أمد الله في أيامه وبارك له فيها، ومتعه بالصحة والعافية، وكان من ضمن برنامج الزيارة التي أدينا فيها العُمرة بمكة المكرمة، ثم زرنا خلالها المدينة المنورة، كان من ضمن برنامجها لقاءات مع الجالية السودانية في المنطقة الغربية، وشهدنا احتفالين كبيرين تم تكريمنا في أحدهما، وجاء في شهادات التكريم أن ذلك جاء تقديراً لما قدمتموه في مجال الإبداع الصحفي.. وهذه الجملة استوقفت أستاذنا الكبير البروفيسور “شمو” وقال إن المجتمع بدأ الآن يعترف بأن الصحافة غير أنها علم وفن، هي ضرب من ضروب الإبداع، يقوم على موهبة ربانية تنمو وتنصقل بالمران والتدريب والتأهيل.
مازلت أذكر تلك الكلمات رغم أنها قيلت منذ نحو خمس سنوات أو أكثر، وقد قفزت تلك المناسبة والصور والكلمات إلى ذهني بالأمس، وأنا أتلقى دعوة كريمة من الأستاذ “بشير محمد بشير” الأمين العام لمنتدى نجوم الجزيرة الثقافي، والذي يضم مجموعة من رموز ولاية الجزيرة الثقافية، وفحوى الرسالة هو دعوة للمشاركة بالحضور في الليلة الكبرى التي ستقام في منتزه الحرية بمدينة ود مدني، عقب صلاة مغرب يوم “الإثنين” القادم الموافق الثالث عشر من نوفمبر الجاري لإعلان فرز مسابقة جائزة الإبداع الصحفي في نسختها الثانية لعام 2016م، إلى جانب تكريم المشاركين والفائزين.
وتلقيت ذات الدعوة الكريمة من الدكتور “أمير حسين” أمين أمانة الإعلام بمنتدى نجوم الجزيرة الثقافي، فتذكرت احتفال الجالية السودانية في جدة بالوفد الصحفي السوداني، والذي أشرت إليه سابقاً، وتعليق البروفيسور “علي شمو” على التسمية واستخدام كلمة الإبداع الصحفي، كمفردة معتمدة لدى كثير من الناس، وقد سعدت لأن منتدى النجوم استخدم ذات المفردة، وفي تقديري أنها أبلغ من مفردة (التفوق الصحفي) التي نستخدمها كثيراً في تكريم الصحفيين، وعند منحهم الجوائز الخاصة التي يحددها المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية، وتمنيت لو أن المجلس الموقر استخدم ذات المفردة (الإبداع) بدلاً عن (التفوق) فالأولى دلالات عظيمة وبليغة أكثر وأكبر من الثانية.
بالطبع فإن الابتكار والتجديد والحداثة ليست بالشيء الجديد أو الغريب على أبناء الجزيرة وعلى أبناء مدينة ود مدني التي تفتقت فيها بذرة مؤتمر الخريجين أواخر ثلاثينيات القرن الماضي على يد الأستاذ “أحمد خير” المحامي – رحمه الله – والتي قدمت لبلادنا العديد من الرموز في مجالات الإبداع المختلفة فناً وشعراً وموسيقى ورياضة وصحافة وأدباً وعلماً.
تحية لأبناء الجزيرة ولمبدعيها ولكتابها وفنانيها وشعرائها وصحفييها وعلمائها في هذه المناسبة العظيمة التي تؤكد على عظمتهم واعتزازهم بمبدعيهم – دون رعاية حكومة – وتحية للمكتب التنفيذي (المبدع) لمنتدى نجوم الجزيرة الثقافي والذي أجازته الجمعية العمومية أوائل هذا الشهر، وعلى رأسه الدكتور “نجم الدين المبارك” ونائبه الأستاذ “خالد بحيري” وبقية الكوكبة المبدعة التي تدخل بالولاية وأهلها إلى مراحل ما بعد الإبداع.