هل تعلم؟
{ هل تعلم عزيزي القارئ أن (90%) من سكان جنوب السودان يعتمدون في غذائهم على الذرة السودانية؟ والثقافة الغذائية السائدة في دولة الجنوب هي نفس الثقافة الغذائية هنا.. وأراضي الجنوب باستثناء شمال أعالي النيل مقاطعة الرنك.. لا تصلح لزراعة الذرة؟ وإن دول شرق أفريقيا ويوغندا لعبت دوراً في (تعكير) مناخ علاقتنا بدولة الجنوب بعد الانفصال لقطع وشائج الرحم التجاري وتبديل النمط والثقافة الغذائية للجنوبيين؟ حتى يقلعوا عن الكسرة التي دعا إليها “علي محمود” أيامه في المالية وأثارت عليه الناس..
ويقلعوا عن العصيدة.. ويتجه الجنوبي للقمح والذرة الشامية.. وثقافات الشعوب الغذائية تتبدَّل وتتغيَّر مثلما فعلت الولايات المتحدة في سبعينات القرن الماضي تجاه السودان وقدَّمت إليه شحنات القمح الأمريكي بالمجان وبأسعار زهيدة وتسهيلات كبيرة.. من أجل تغيير الثقافة الغذائية من الذرة والدخن للقمح الأمريكي المنتج من البراري الكندية.
{ اليوم يعود الوعي كما يقول الراحل “توفيق الحكيم” إلى القادة في الدولتين شمالاً وجنوباً لإنهاء سنوات القطيعة والجفاف والاحتراب لصالح اقتصاد البلدين، والإنسان في الوطنين الشمالي والجنوبي.. والمصلحة تقضي تجاوز الأزمات، لكن المسكوت عنه والدرب القصير الذي كان يمكن أن يعبر بالبلدين تعقيدات اللجان المشتركة وظنون الأجهزة الأمنية.. وشكوكها.
أن يقول “البشير” الرئيس الأكبر والقائد لأخيه “سلفاكير” بدلاً من تبادل الأذى علينا تبادل المبادرات.. أنا سعيد لدعوة “رياك مشار” ود.”لام أكول”.. وبقية المعارضين الجنوبيين ونطلب منهم التصالح معك وطي صفحة الخلاف وتقاسم السلطة وفق الاتفاقيات الموقعة سابقاً، وفي ذات الوقت ننتظر منك توجيه ضباط الجيش الشعبي “مالك عقار” و”عبد العزيز الحلو” بوضع السلاح وإيقاف الحرب والقبول بالتسوية التي يتم الاتفاق عليها.. ولكن الخطوة الأولى التي تم الاتفاق عليها في الخرطوم ربما بدَّلت وغيَّرت الكثير.
{ في الجبهة التشادية التي تتواتر الأخبار عن تحرُّشات ومحاولات لإغلاق الحدود من حين لآخر بسبب نزاعات الرعاة التشاديين مع المزارعين السودانيين.. في حدود البلدين يجب أن تنشأ مصالح اقتصادية مثل التي بين السودان وجنوب السودان.. هل تعلم عزيز القارئ أن هناك مائة شاحنة تعبر يومياً الحدود من السودان لتشاد محمَّلة بالبضائع العابرة والمنتجات السودانية التي يقبل عليها المستهلك التشادي، وإن ضعف هذا العدد يعبر من خلال نوافذ التهريب؟.. في الأسبوع الماضي طلب الشرتاي “جعفر عبد الحكم” والي وسط دارفور من رجل الأعمال “وليد الفايد” وهم في مائدة إفطار أن ينشئ “وليد الفايد” مصنعاً للمواد الغذائية في زالنجي الحدودية لإنتاج الشعيرية والطحنية والمكرونة من أجل الصادر لدول تشاد وأفريقيا الوسطى والنيجر.. ويقول الشرتاي “جعفر عبد الحكم” وهو سياسي واقعي: إن أغلى هدية قدَّمها للمسؤولين في تشاد أثناء عمل اللجان المشتركة كانت عبارة عن طحنية مكعبات.. وإن عشر سيارات محمَّلة بالطحنية والشعيرية تعبر من مصانع أم درمان إلى تشاد يومياً.. تقطع الشاحنات مسافة ألف كيلو متر.. وإن إنتاج وسط دارفور من السمسم والفول يتم ترحيله لمسافة ألف كيلو، للخرطوم ليعود مرة أخرى إلى تشاد بعد تصنيعه؟ ويتساءل لماذا لا يتم إنشاء مصانع في دارفور لتغطية السوق في غرب أفريقيا؟.. ويسأل “وليد الفايد” عن الكهرباء.. ويقول الوالي: لدينا فائض من الكهرباء؟.
{ الآن مستشفى “فضيل” ومستشفى “الزيتونة” بالخرطوم يستقبل المرضى طالبي العلاج من تشاد وجنوب السودان.. لماذا لا يفكِّر رأس المال السوداني في الاستثمار في العلاج ويتم إنشاء مستشفيات حدودية على أسس تجارية في كسلا من أجل اريتريا.. والقضارف من أجل أثيوبيا والجنينة من أجل تشاد وأفريقيا الوسطى وكادقلي والمجلد من أجل جنوب السودان؟ الدولة لا تعلم قدراتها.. ولا إمكانياتها المهدرة في الصراع حول كراسي السلطة.. والبحث عن المال في الخليج والمعونات من الغرب.