عز الكلام
العقدة والحل!!
ام وضاح
كنت أتوقع أن يصطحب السيد رئيس مجلس الوزراء في مؤتمره الصحفي قبل أيام عدداً من أعضاء الفريق الاقتصادي في البلاد للحديث عن رؤية اقتصادية لما بعد رفع الحظر الاقتصادي عن البلاد، لكن واضح جداً أن السادة الأفندية في بنك السودان والسادة الأفندية في وزارة المالية لم يستوعبوا حتى الآن، أو يقدّروا على الأقل حجم التحدي المنتظر منهم وحجم التحوّل المتوقع تحقيقه، وإن كنت شخصياً غير متفائلة بأن يقدموا أي خارطة طريق لمستقبل السودان الاقتصادي، لأن الرهان ليس على الفكرة ولا على المدرسة، الرهان على الشخوص الذين يطبقون الأفكار والرؤى لتمشي واقعاً بين الناس.
وخلوني أقول بصدق أُسأل عنه أمام الله سبحانه وتعالى إن من يجلسون على قمة هرم الفريق الاقتصادي بعيدين تماماً عن إدراك العلة والمرض، لذلك صعب عليهم كتابة الروشتة الصحيحة للشفاء.. يعني مثلاً محافظ البنك المركزي الحالي السيد “حازم عبد القادر” مع احترامي له كشخص هو في واقع الأمر رجل إداري عمل بمكتب المحافظ الأسبق “صابر محمد الحسن”، وهي صفة لا تمنحه الاحترافية لقيادة البنك المركزي الذي يضع السياسات ويراقب تنفيذها، حتى طبيعة موظفي بنك السودان للأسف الذين لم يعركهم العمل المصرفي بتدرجاته المختلفة مما يمنحهم الخبرة والانفتاح على سياسات ومبادئ مصرفية مختلفة وهم منكفئون ومنغلقون على ذواتهم مما يجعل مسألة وضعهم للسياسات الاقتصادية غير منطقي ولا مقبول، وها هم (مكتفين أيديهم) بعد رفع الحظر الأمريكي وما قادرين يتخذوا قرارات مهمة تستفيد منها البلد، ولو كنت أنا دي الما بفهم اقتصاد وشغلتي الكتابة، مسؤولة لاتخذت قرارين مهمين حتى يتعافى الاقتصاد ويعود إليه حراكه ونشاطه.. القرار الأول إلغاء القيود على الصادر، هذا القرار الذي لم يعد له من معنى أو مبرر لينتعش سوق الصادر ويعود للخزينة العامة بعملة حرة تجعل تداول الدولار متاحاً وممكناً.. القرار الثاني، الذي ما زال سارياً وأنا بصراحة استغربه، أن تظل عشرات الأرصدة التي تتبادل الحركة بالنقد الأجنبي مجمدة من غير أن يفك سراحها للتداول اللهم إلا إن كان هناك مستفيدون من الجمود الذي يحركونه لمصلحتهم وقتما أرادوا وكيفما شاءوا.. هذه برأيي حلول بسيطة وممكنة وإسعافية ستعيد بلا شك العافية إلى جسد هذه البلاد التي تحملت ما فيه الكفاية وهي تلوك الصبر وتمني نفسها بالفرج كلما سمعت أحاديث مكررة عن تعافي الاقتصاد وإقبال المستثمرين علينا، وانفتاح بوابات الاستثمار.
وبمناسبة المستثمرين والاستثمار الذي طالب وزيره بحمايته من المبتزين الذين طفّشوا المستثمرين وعرقلوا مشاريعهم بـ(كومشينات) دنيئة وصفقات تحت التربيزة وعراقيل لا تزيلها إلا ثقافة (أغمت لي)، أقول إن الحكومة إن كانت جادة في خلق جو معافى للاستثمار وقطع يد المبتزين، فعليها أن تجمع شتات المنافذ التي يتجه إليها المستثمر، بمعنى أن يكون هناك مبنى يشمل كل الإدارات والتخصصات المعنية بالاستثمار أولاً لضبط إيقاع العمل ومعرفة أوجه القصور وأسباب العراقيل، وثانياً يسهل مراقبة ومتابعة أصحاب الهوى والغرض الذين يسيل لعابهم وتتبخر المبادئ عندهم بمجرد رؤيتهم (عقال حائم).
الدايرة أقوله لسعادته “بكري” إن إصلاح الاقتصاد يبدأ بإصلاح المؤسسات المسؤولة عنه، ويبدأ بإعطاء العيش لخبازه.. فيا سعادتك افتح مكتبك وأضانك واستمع لأكبر عدد من الاقتصاديين والمصرفيين علماء الاقتصاد، وامرق نفسك يا سعادتك من الدائرة الضيقة التي أكدت أنها بلا جديد يرى ولا قديم يعاد.. وعدي بينا يا ريس من هذه البركة التي تهدد بالغرق أحلام البسطاء والغبش، لأن القطط السمان تريدها بركة راكدة بلا حراك ولا حجر يحرك جمودها، لأن أمورها ظابطة وماشة معاها باسطة!!
{ كلمة عزيزة
لا تستطيع أي جهة أو مؤسسة مهما طالت أذرعها أن تحمي المواطن وتدافع عن حقه في التمتع بسلع مطابقة للمواصفات والمقاييس السليمة غير المواطن نفسه، الذي عليه أن يلعب دور الرقيب في التبليغ عن المخالفات والمخالفين الذين يهددون صحته أو يضيعون أمواله على سلع منتهية الصلاحية.. ولعل ما تقوم به هيئة المواصفات والمقاييس مؤخراً من حراك يجعل كل ذلك ممكناً ومتاحاً، والهيئة أصبحت قريبة من المواطن ومتاحة بشكل يجعلهما يشكلان ثنائية تقف في خط الدفاع الأول عن المجتمع.
في كل الأحوال أتمنى أن تنداح ثقافة المواصفة والتبليغ عنها لا سيما وقد أصبح ذلك ميسراً وهيناً عبر الخط الساخن (٥٩٦٠) الذي من خلاله تردع التفلتات والجرائم التي يمارسها معدومو الضمير طلاب الربح بأي شكل حتى لو كان مشياً على جثث الأبرياء.
{ كلمة أعز
آن الأوان أن توسع الحكومة ماعون المشاركة الاقتصادية ليسع الخبرات والطاقات الوطنية القادرة على وضع خارطة طريق تخرجنا من عنق الزجاجة، وإذا كان يا أخوانا بريطانيا العظمى أوكلت الوظيفة الأولى في بنكها المركزي لـ(كندي) استناداً إلى معايير الكفاءة والتميز، إنتو ما قادرين تفكوا عقدة أن لا تخرج قيادة البنك المركزي من جلباب المؤتمر الوطني؟!