ولاية الجزيرة.. الحل في إعفاء "أيلا"
بقلم – عادل عبده
زلزال الطوفان المأساوي والمعاركة الطاحنة لولاية الجزيرة بين الوالي “أيلا” والمجلس التشريعي للولاية يعكس صورة كربونية لأفلام الكاوبوي الأمريكية القديمة وحروب داحس والغبراء في التراث الجاهلي، فالأوضاع هنالك تؤكد بأن وتيرة العواصف العاتية تزداد كل يوم وأن الأحوال تتفاقم كل ساعة إلى مرحلة كارثية ولم تبق إلا الدماء والموتى على الطرقات ولغة البنادق والرصاص تشق عنان السماء!
ماذا جرى للجزيرة سنام السودان الواقي من الجوع والمسبغة؟ وماذا حدث لأرض المحنة والتلاحم الإنساني والحضاري؟ وماذا حل لرواد مشروع الجزيرة الجريح صاحب أكبر المساحات الزراعية في أفريقيا؟.
القضية الشائكة بكل زخمها وانفعالاتها وتضاريسها انتقلت إلى الخرطوم بعد أن قرر الوالي “أيلا” فصل (19) عضواً، من المجلس التشريعي بالولاية وإقالة البروفيسور”جلال من الله جبريل” رئيس المجلس التشريعي بعد أن طالب هؤلاء بتعرية حالات التجاوزات التي وردت في تقرير المراجع العام في مجالات التعليم والصحة والطرق وخلافه، وتقديم المخالفين في ذلك إلى منصة القضاء علاوة على رفض المجلس التشريعي بقيادة هؤلاء الخصوم بتمرير توصية الوالي بوصفه رئيس المجلس الوطني بالجزيرة حول تحديد تسمية رؤساء لجان البرلمان هنالك.. خلفية الصراعات القديمة أقلت بظلالها على التطورات الجارية الآن والتي وصلت إلى مستوى قيام الموالين للوالي “أيلا” بالتهديد على احتلال مبنى المجلس التشريعي بالولاية في حين اتضح أن رد المعارضين بتلك الخطوة يكمن في التصدي لهم.
من الواضح أن “أيلا” لا يريد أن يكسر أحد قراراته وآرائه حتى لو كانت تلك الآراء محتاجة للتداول والنقاش والمحاججة، فهو يريد قيادات مطيعة ومستكينة يكون دورها محصور في الطاعة وتنفيذ التعليمات على جناح السرعة، ومثل هذه الأفكار والسياسات لم تعد ممكنة في عصر الألفية الثالثة ولهيب اللبرالية الضارب في أرجاء المنطقة، بل أن بطارية الإنقاذ نفسها ما عادت تستكين للوصفة الحوارية القديمة التي ترفض التعامل مع الآخر.
“أيلا” وضع المركز في الخرطوم في وضع لا يحسد عليه.. فهل يقبل المركز بتوصياته حول فصل هذا العدد المقدَّر من رموز الحزب الحاكم بالجزيرة وما ينجم عن ذلك من إضعاف وتهتك للمؤتمر الوطني في أكبر ولاية تعج بالسكان في البلاد؟ وهل تنجح مصالحة سياسية بين الطرفين في ظل الحاجز النفسي والفكري والمنهجي بينهما؟ وهل تستطيع تلك المصالحة في الصمود خلال المستقبل في ظل انعدام الأوتاد والمداميك التي تتوكأ عليها؟.
“أيلا” يريد أن يقبض على كل شيء في ولايته ويحبذ أن يكون نجماً لامعاً وصانع الإنجازات الضخمة في كل شيء وأن يكون وزراءه ومساعديه في عالم الظل والسكون.
لا شك أن الإنجازات الواقعية تتمثل في رفاهية مواطن الجزيرة وتقصير الظل الإداري في ولايته وإحساسه بمعانقة الخدمات الصحية والتعليمية والحياتية الأخرى في أرض الواقع، وبالقدر لا تكون الإنجازات بطلاء المدارس والمستشفيات ورصف الشوارع على حساب الأولويات الإستراتيجية.
“أيلا” وجد الفرصة الكافية لحكم ولاية الجزيرة وما حققه من أعمال وقرارات موجودة في دفتر التاريخ ومخيلة المواطنين والمراقبين السياسيين.. وقد يكون حل أزمة الجزيرة في إعفائه من منصبه وهي خطوة طبيعية موجودة في القاموس السياسي.