مسألة مستعجلة
عنصرية “مسار”!!
نجل الدين ادم
تأنيت في الكتابة عما أثارته نائبة رئيس المجلس الوطني الأسبوع الماضي، واتهامها للعضو البرلماني “عبد الله مسار” بالعنصرية، رغم انتفاء منطق الاتهام من خلال التفاصيل التي سردتها هي واعتمدت عليها، ولكن تأكد لي سلامة قراءتي للحدث بعد أن راجعت تفاصيل الجلسة.
ولعل ما دعا نائبة الرئيس إلى توجيه الاتهام هو حديث “مسار” عن غياب الكهرباء القومية عن (6) ولايات، دعا الحكومة إلى الالتفات إليها، وكان يقصد ولايات دارفور وكردفان، ولكن تفسير النائبة كان غير، حيث اعتبرت مطالبة الرجل بالكهرباء لهذه الولايات فيه إعلاء تركيز على المناطقية في الحديث، حيث أن الرجل ينتمي لإحدى ولايات دارفور، وبالتالي اعتبرته عنصرية لكونه يتجاهل الولايات الأخرى، في إشارة إلى أنه يعلم حالها، وفي ذلك سألت نفسي، وأرجو أن يسأل كل نائب نفسه، ما هي مهمة النائب البرلماني إن لم ينحاز إلى المنطقة الجغرافية التي فاز فيها أو ينتمي إليها، والكهرباء القومية مشروع قومي، حيث لم يتحدث النائب “مسار” عن شفخانة أو دونكي كما كان يحدث في برلمانات سابقة أكل الدهر عليها وشرب.
مهمة النائب البرلماني أن يصوب القضايا والمشكلات والهموم الاتحادية ويركز على وجه خاص على تلك التي تلي دائرته أو المنطقة التي ينتمي إليها، وإن أراد فإن أي عضو يحق له أن يتحدث عن أي هم اتحادي في ولاية غير ولايته، يدلي بدلوه، ولسوء الأسف أن الكثير من النواب خاضوا فيما خاضت فيه نائبة رئيس البرلمان وهم لا يعلمون، ووصل الحال بهم أن صفقوا لها عند اتهامها للرجل بإثارة العنصرية.
ومشكلة البعض من النواب أنهم لم يقرأوا لائحة تنظيم أعمال المجلس الوطني، ولا يعرفون سوى أنهم فازوا في الانتخابات البرلمانية، يعجبهم الكلام الهتافي وذلك الذي يدغدغ المشاعر، ولذلك يصفقون لما لا يفقهون.
والخطأ عندما يكون من القيادة، فإنه قطعاً خطأ مركب لا يغتفر، فإذا عذرنا من صفقوا لحديث السيدة، فهل يجوز أن نعذر من هو قائد يرأس جلسات المجلس في بعض الأحيان؟
نائبة الرئيس ولعلها المرة الوحيدة التي دخلت فيها البرلمان، لذلك تجدها محدودة الإلمام بالتدابير البرلمانية والحقوق، فالرجل لا تربطنا به أي علاقة ولم ألتقهِ ولكنني أثرت الموضوع من باب الحقوق.
لا أعرف لماذا صمت النائب “مسار” على هذا الخطأ المركب ويطالب بسحبه من مضابط البرلمان، كان أمام رئيس الجلسة لو كان “مسار” حقاً كما قالت نائبة الرئيس يثير العنصرية، أن يطلب منه سحب حديثه العنصري، وبما أنه لم يفعل ذلك، فهذا يعني بأن لا غبار على حديث الرجل وفي هذه الحالة كان الأولى أن يصوِّب نائبته ويطلب إليها أن تقرأ اللائحة وتعرف أن أولى أولويات النائب البرلماني إثارة القضايا الخاصة بدائرته أو منطقته التي ينتمي إليها، وبذلك لن تهدر حقه الهتافات والتصفيق.. والله المستعان.