رأي

عز الكلام

ناس فوق وناس تحت!!
ام وضاح
قلت في زاوية سابقة إن الحديث عن (ستات الشاي) اللائي مُنعن من العمل على جانب ضفاف النيل أو المنطقة المتعارف عليها بـ(شارع النيل) هو حديث بالغ الحساسية، ومحاولة إيجاد وزنة له من الصعوبة بمكان، والخوض فيه أو السكوت عنه في كلتا الحالتين كما المستجير من الرمضاء بالنار، لأن الظروف التي أدت إلى إغلاق شارع النيل في وجه هؤلاء النسوة كانت ظروفاً لها ما يبررها، وشارع النيل بل والعاصمة كلها تحولت للأسف إلى (عاصمة بنابر) وليس (عاصمة للمنابر) كما ينبغي أن يحدث في العواصم الضاجة بالنشاط والحراك.. وتعدت المسألة التبطل والتعطل إلى مهدد أكبر، هو المهدد الأمني، بمثل هذه التجمعات التي أصبحت هدفاً سهلاً لتجار الموت من مروجي المخدرات الذين استغلوا بعض (أقول بعض) عديمات الضمير لاصطياد الشباب ليقعوا في براثن الإدمان القاتل، وتحول شارع النيل تحديداً إلى شارع طابعه الفوضى وعدم الالتزام.
لكن في المقابل، لابد أن نقول إن ظاهرة (ستات الشاي) هي إفراز طبيعي للفقر الذي اجتاح الأسر ولم يكن هناك من مناص سوى خروج النساء للعمل، فكان (بيع الشاي) هو المهنة الأنسب لمن لم يتلقين تعليماً كافياً أو من لم يجدن عملاً وظللن بضاعة بائرة في سوق العمل، أو أنها أصبحت المهنة الأنسب لمن ليس لديهن رأس مال كافٍ للدخول في تجارة أو أي عمل يعود عليهن بدخل يسكت الأفواه الجائعة.. ومن هنا تجيء صعوبة تناول هذا الموضوع بشكل قاطع وحدي.
لكن رغم ذلك خلوني أقول إنه وكما الحكومة حريصة على انضباط الشارع العام وحريصة على صحة الشباب، فيجب عليها أن تكون حريصة على المئات من البيوت التي أغلقت بعد منع مُعيلاتها من مزاولة مهنة بيع الشاي، وما ينفع نحل مشكلة ونخلق مئات المشاكل الأخرى.. ولنضع أنفسنا في مكان هؤلاء النسوة، قولوا لي من وين ح يواجهن غول السوق وتمساح الأسعار؟ قولوا لي منو ح يدفع لمعظمهن إيجار البيوت التي يسكنها على تواضعها؟ قولوا لي من وين ح يجيبن حق العلاج والتعليم؟ قولوا لي وين يجدن حقهن في حياة كريمة تحول بينهن وشر السؤال أو مصيبة امتهان مهن أخرى تؤدي ببعضهن إلى محاكم النظام العام؟؟
أعتقد أن بعض القرارات حتى لو كانت نسبة العدل فيها (90 بالمائة) فإن الـ(10 بالمائة) الظلم هي أكثر تأثيراً وأكبر جرماً.. وكدي النضرب ليكم مثلاً بشريحة أخرى من الذين طالهم هذا القرار، وهم شريحة من يغسلون العربات في شارع النيل.. هل فكر أحد أين سيذهب هؤلاء؟ سؤال صعب إجابته أصعب، فهؤلاء سيذهبون إن جاعوا إلى الشوارع لأخذ حقهم من المجتمع عنوة.. وعندها ما تسألوا تقولوا (النيقرز) جوا من وين؟ وعندها سيكون بئس القانون الذي يحاكم مجرمين صنعهم المجتمع بتجاهله وجهله وانكفائه على نفسه!!
الدايرة أقوله، إنه لابد من البحث عن بدائل عاجلة لهذه الشريحة العريضة من الفقراء الذين أصبحوا الشريحة التي تجلس في الجهة المقابلة لشريحة الأغنياء بعد أن ذابت الطبقة الوسطى التي خرج منها معظم أبناء الشعب السوداني، وأصبحنا ناس فوق وناس تحت.
{ كلمة عزيزة
هذا الأسبوع تحديداً شاهدت وزيرة الرعاية الاجتماعية “أمل البيلي” في ثلاث محطات تلفزيونية، لم يجئ على لسانها ولو ذكر لـ(ستات الشاي) اللائي منعن من العمل أو عن مجهودات لإيجاد مشاريع بديلة لاحتوائهن من خطر التشرد في الشوارع، رغم أنها قضية الساعة ورغم لجوء هؤلاء المسكينات إليها من قبل.. فيا ست “أمل” انحازي لهن من موقع الكرسي الذي تجلسين عليه وبإحساس السيدة التي تشعر ببنات جنسها.
{ كلمة أعز
يبدو أن إعلام الحزب الحاكم أصبح إعلاماً مستمعاً ومتلقياً لا يقوم بهجمات ولا حتى يجيد اللعب في وظيفة الدفاع، وها هو يمارس صمتاً محيراً تجاه تسجيلات “تراجي”، ويمارس فرجة أكثر حيرة على تسجيلات ذارع الفتن المدعو “جمال النحاس”.. ووزير الإعلام نفسه يمارس هروباً من قروبات الـ(واتساب) كلما فتح أحدهم قضية يحتاج الرأي العام لسماع رأيه فيها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية