رأي

بكل الوضوح

يكفكفوا دمعة المفجوع
عامر باشاب

{ من نعم الله علينا نحن السودانيين أن قيم الخير والحق والفضيلة والجمال غرست فينا بالفطرة، وهذا ما عكسه شاعرنا الراحل المقيم “محمد علي أبو قطاطي” في مقاطع رائعته الغنائية الوطنية (الفينا مشهودة عارفانا المكارم نحن بنقودا والحارة بنخوضا)، وسبقه في تعداد مآثر أهل السودان وقيمهم الراسخة الشاعر الوطني الراحل المقيم “محمد عثمان عبد الرحيم”، حينما قال في رائعته الخالدة (أنا سوداني أنا) حينما قال: (أيها الناس نحن من نفر عمروا الأرض حيثما قطنوا.. يذكر المجد كلما ذكروا وهو يعتز حين يقترن.. حكموا العدل في الورى زمناً..).
 { أما الشاعر الراحل الفخيم “إسماعيل حسن” فقد حشد كل مآثر أهل السودان وخصالهم السمحة في قصيدته الشهيرة (بلادي أهلاً يا بلادي) وفي عمق أبياتها يقول: (بلادي أنا بلاد ناساً تكرم الضيف.. وحتى الطير يجيها جعان ومن أطراف تكيها شبع).. ويمضي في الوصف: (بلادي أمان بلادي حنان وناسها حنان.. يكفكفوا دمعة المفجوع.. يبدوا الغير على ذاتهم ويقسموا اللقمة بيناتهم.. ويدوا الزاد حتى إن كان مصيرم جوع.. يحبوا الدار يموتوا عشان حقوق الجار.. ويخوضوا النار عشان فد دمعة.. وكيف الحال كان شافوها سايلة الدموع.. ديل أهلي).
{ الآن ورغم الظروف الاقتصادية القاسية التي تمر بها بلادنا والحال الحرن ما زال نفر من السودانيين يتمسك بقيم التكافل والتعاضد (يبدوا الغير على ذاتهم ويقسموا اللقمة بيناتهم ويدوا الزاد حتى إن كان مصيرم جوع).
{ ففي الأيام الماضية أكد لي العم “عبد الله الشريف” المشرف على إدارة أحد المخابز في وسط الخرطوم، بأن هناك العديد من المواطنين بسطاء الحال من فصيلة الناس الحنان (يكفكفوا دمعة المفجوع).. ظلوا يقتطعون جزءاً من حصتهم اليومية من الخبز ويتركونها في كيس معلق على شباك المخبر حتى يأخذها من يحتاجها من الفقراء والمساكين وعابري السبيل. وهذا قبل ظهور مبادرة (اشتري لك ولغيرك).
{ وكذلك اكتشفت عن طريق الصدفة أن هناك مجموعة من المواطنين البسطاء شيباً وشباباً يتجولون يومياً آناء الليل وأطراف النهار على مستشفيات الخرطوم، يوزعون السندوتشات بأنواعها المختلفة للمرضى والمرافقين لهم.
{ وهناك من يتجولون لتجميع فائض الطعام من ولائم المناسبات وتوصليها لمن يحتاجونها خاصة طلاب وحفظة القرآن بالخلاوي التي ظلت تعاني من الإهمال والتهميش.
{ وهناك من يدخلون بثلاجة إلى أسرة فقيرة تعيش على الكفاف.
{ وهذا قليل من كثير قصص وحكاوٍ تؤكد أن سوداننا ما زال بخير. 
} وضوح أخير
{ تخيل كيف يكون الحال لو ما كنت سوداني وأهل الحارة ما أهلي!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية