رأي

بعد ومسافة

ست سنوات إلا قليلاً.. ما زلنا نمشي على آثارها!
مصطفى أبوالعزائم
وأما الست سنوات إلا قليلاً، فهي فترة حكم الفريق “إبراهيم عبود” وصحبه الكرام – رحمهم الله – والتي امتدت من 17/11/1958م وحتى إقالة المجلس العسكري الأعلى، واستقالة الفريق “إبراهيم عبود” من الرئاسة أواخر أكتوبر 1964م.. وأما الآثار التي ما زلنا نمشي عليها، ونأكل من خيراتها، ونقطف ثمارها فهي عديدة مديدة، فيها ومنها الطرق والشوارع، والأحياء والامتدادات الملحقة بالمدن الكبرى، ومنها مصانع السكر والمشروعات الزراعية الضخمة، ومد خطوط السكة الحديد حتى مدينة “واو” في جنوب السودان، ومد الخط الحديدي أيضاً حتى مدينة نيالا في دارفور.
إنجازات عهد الحكم العسكري الأول كما يسمي البعض فترة حكم الفريق “إبراهيم عبود”، كانت أعظم الإنجازات على الإطلاق في فترة الحكم الوطني بعد الاستقلال، لأن حجمها كان كبيراً مقارنة بعدد سنوات حكم (17) نوفمبر الذي أسماه أهل الحكم وقتها بـ(الحركة المباركة)، ويتداول الناس في هذه الأيام عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال الواتساب والفيس بوك، وبقية الوسائط ما يسمونه (بعض إنجازات) حكم الفريق “عبود”، وقد جاءت متمثلة في إنشاء خزان الروصيرص، وخزان خشم القربة، ومصانع السكر في الجنيد و”خشم القربة” و”ملوط”، مع إنشاء مشروع المناقل على مساحة (800) ألف فدان، ومشروع خشم القربة على مساحة (400) ألف فدان، مع إنشاء مشروع الدالي والمزموم على مساحة (500) ألف فدان، وخلال فترة حكم الرئيس “إبراهيم عبود” – رحمه الله – تم تشييد كوبري شمبات الرابط بين مدينتي أم درمان والخرطوم بحري، وقد تم افتتاحه في عهد الديمقراطية الثانية بعد ذهاب النظام في أكتوبر 1964م، كما تم إنشاء أجنحة كوبري النيل الأبيض الرابط بين مدينتي أم درمان والخرطوم، وبدأت (حكومة العساكر) في إنشاء طريق (الخرطوم/ مدني) الذي اكتمل حتى مدينة الحصاحيصا عندما ذهب النظام، ولم يتم إكمال الطريق إلا في عهد (الحكم العسكري) الثاني خلال فترة حكم الرئيس الراحل “جعفر محمد نميري” – رحمه الله – الذي أكمل الطريق حتى مدينة بورتسودان في أقصى شرق البلاد على ساحل البحر الأحمر.
وفي عهد الرئيس “إبراهيم عبود” أنشئ تلفزيون السودان لتصبح بلادنا من أوائل الدول الأفريقية التي دخلها البث التلفزيوني، ولم تسبقنا إلا دول قليلة في مقدمتها مصر، وتم إنشاء مصنع (سك العملة) وأنشئت في عهد الرئيس “عبود” محطات الكهرباء الحرارية في كل من بري وسنار، وأصبح للسودان ولأول مرة ناقل وطني بحري مع قيام الخطوط البحرية السودانية، وقامت صوامع الغلال في كل من بورتسودان والقضارف، وتأسيس وافتتاح مصانع تعليب الفاكهة وتجفيف التمور في كريمة، ومصانع الألبان في بابنوسة ومصانع التعليب في مريدي، ومصنع الكرتون في كسلا، ومصنع النسيج السوداني في الخرطوم بحري، وإنشاء المسرح القومي.
ولم تقف الإنجازات عند ذلك الحد، بل امتدت لتشمل تخطيط وإنشاء أحياء العمارات في الخرطوم، والثورات في أم درمان، وامتداد الدرجة الثالثة بالخرطوم، والمزاد في الخرطوم بحري، مع الحدائق العامة في كل مدن العاصمة المثلثة، إضافة للساحات العامة في أغلب عواصم المديريات التسع، مع تشييد إستاد الخرطوم والمجمع الأولمبي الذي عرف لاحقاً باسم مجمع “طلعت فريد”.. مع التوسع في قاعدة التعليم العام بإنشاء مئات المدارس الأولية والوسطى والثانوية.
تلك بعض إنجازات حكم الفريق “إبراهيم عبود” الذي خرج مجموعة من السياسيين لتحريض الجماهير وطلاب الجامعات للخروج عليه بدعاوى الحريات ومصادرة الحقوق، للإمساك بعصا الحكم بدلاً عن المجلس العسكري الأعلى، فأمسكوا بتلك العصا.. وخرج شعبنا صفر اليدين.. وأصبح الكبار عندما يشاهدون رئيسهم الذي ثاروا عليه يهتفون أمامه: (ضيعناك.. وضعنا معاك.. يا عبود).. وكثير من الأخطاء لا يمكن أن تصحح!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية