الذكرى الـ(53) لثورة أكتوبر بعيون شهود عيان
“الترابي”: أكتوبر أخرجت تنظيم الإخوان المسلمين إلى العلن
“الطيب زين العابدين”: القدر أدى إلى استشهاد “القرشي”.. ونحنا اعتقلنا ولم يذكرنا
“عبد الرسول النور”: أكتوبر تحسب للجميع لأنها قامت بعامة الناس
تمراليوم الذكرى الثالثة والخمسون لثورة أكتوبر التي يعدها السودانيون أعظم ثورة بعد الاستقلال توحدت فيها القوى السياسية وأسست لحكومة ديمقراطية واندلعت الثورة في الواحد والعشرين من أكتوبر عام 1964م وكانت الشرارة التي أخرجت الجماهير وأطاحت بحكومة الفريق “إبراهيم عبود” وكانت بدايتها بندوة تتحدث عن أوضاع الجنوب التي فشلت الحكومة في حلها عسكرياً وأمنياً . ويقول المثل الشعبي إن للنصر آباء كثر والهزيمة يتيمة، فأكتوبر مجد يدعي كل تنظيم سياسي أنه صنعها، ولكن شهود عيان أكدوا أن أكتوبر كانت من عامة الناس والبسطاء الذين بدأوا بترديد الهتافات المطالبة بإسقاط النظام، وأجمعوا على أن أكتوبر كانت ثاني إجماع للسودانيين بعد الاستقلال، فكانت هبة الجميع ونصراً يحسب لكل السودانيين..
الخرطوم – وليد النور
ويقول الراحل الدكتور “حسن عبد الله الترابي” في حلقات شهادته على العصر التي بثتها قناة الجزيرة بعد وفاته إن ثورة أكتوبر أعلنت خروج الإخوان المسلمين في السودان من السرية إلى العلن، فضلاً عن بروز نجمه شخصياً كسياسي بعد تقديمه لاستقالته من عمادة كلية القانون بجامعة الخرطوم، وانخراطه في العمل السياسي، ويضيف الترابي إن الإخوان كانوا عبارة عن جماعة ضغط ولم يشاركوا في الانتخابات ولكنهم يدعون إلى الدستور الإسلامي، فيما يضيف شاهد عيان لثورة أكتوبر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم، بروفيسور “الطيب زين العابدين”، كنت في الندوة التي انطلقت منها شرارة أكتوبر وتم اعتقالي مع آخرين في السجن الدبلوماسي (البركس حالياً) ويقول أكتوبر صنعها الجميع وعامة الناس، لأن السياسيين كان حديثهم انتقاداً لسياسة الحكومة، ويضيف “الطيب زين العابدين” أن الدكتور “الترابي” كان له دور مميز حيث تحدث خارج سياق الندوة التي نظمت للأوضاع بالجنوب، ولم يكتفِ بذلك بل حضر فجر اليوم التالي للندوة وساهم في نقل المصابين إلى المستشفى بعربته الخاصة، ثم حمل النعش ودخل إلى السوق العربي، وتابع “الطيب زين العابدين” في سرده عن أكتوبر، إن الحديث عن “القرشي” دون غيره فيه تضخيم لأن هنالك حقائق يجب أن يعرفها الناس وهي أن “القرشي” كان أقرب للجبهة الديمقراطية، وأول طلقة من الشرطة أردته قتيلاً، بيد أن “القرشي” لم يكن سياسياً بارعاً أو متحدثاً في الندوة ولا عضواً في اتحاد الجامعة، ولكن الظلام الذي كان سائداً وإطلاق النار عشوائياً ادى إلى مقتله وهو قدر جعله يكون شهيداً في تلك الليلة، أما الشهيد الثاني من طلاب جامعة الخرطوم “بابكر عبد الحفيظ” فهو من كلية التربية جامعة الخرطوم، واستدرك البروفيسور بأن الذين ماتوا أمام القصر الجمهوري من المواطنين كانوا بالعشرات وفي بقية مدن السودان، ويشير إلى أن الشيوعيين كانوا ضد حكومة “عبود”، وكذلك الإسلاميين، ولكن كان هنالك خلاف بين الإسلاميين ، إذ يعيبون على الشيوعيين اشتراكهم في المجلس المركزي لحكومة “عبود”، ولكن الشيوعيين كان مبررهم بأنهم يريدون منبراً لانتقاد الحكومة، واتحاد طلاب جامعة الخرطوم، كان برئاسة “حافظ الشيخ الزاكي”، وبعد اعتقاله استلم الاتحاد “ربيع حسن أحمد”، ولولا إجماع الناس لما نجحت أكتوبر، يقول ولكن المؤسف أن بعد نجاح أكتوبر في إسقاط حكومة “عبود” فشل السياسيون في العمل مجتمعين لاسيما أن الشيوعيين كان لهم تأثير في المثقفين ، بدليل فوزهم بعدد (11) مقعداً في الانتخابات العامة ، والاتحادي بمقعدين وجبهة الميثاق بمقعدين، ولكن “الترابي” كان الأكثر أصواتاً في القائمة.
ويقول القيادي بحزب الأمة “عبد الرسول النور” في حديثه لـ(المجهر) كنت في الصف الأول بمدرسة خورطقت الثانوية عند اندلاع ثورة أكتوبر ولكن دائماً النصر آباؤه كثر والهزيمة يتيمة، وثورة أكتوبر1964 انطلقت من جامعة الخرطوم، ولكن هنالك حقائق يجب أن تذكر منها أن حكومة “عبود” فتحت باباً للنقاش حول قضية الجنوب، بعد أن فشلت في حلها عسكرياً لأنها في البداية توقعت حسم الأمر بالحلول الأمنية، ولكن من 1961م وحتى 1964م فشل الحل الأمني، وشعرت بأن الانفراد بالرأي لا يوصل لنتيجة، ولذلك فتحت باب النقاش للمساهمة في الحلول، وشارك اتحاد طلاب جامعة الخرطوم، الذي كان رئيسه “حافظ الشيخ الزاكي” وهو يمثل جماعة الإخوان المسلمين .والاتحاد تكوينه كان بالتمثيل النسبي ودائماً كانت أصوات الإسلاميين واليسار متقاربة، ولذلك يفض الاشتباك بأصوات ممثلي حزبي الأمة القومي والاتحادي الديمقراطي، ودعا الاتحاد إلى إقامة ندوة في يوم (الأربعاء)، الموافق: 12/أكتوبر، وكان المتحدث الرئيس فيها عميد كلية الحقوق حينها الدكتور “حسن عبد الله الترابي” ولم يظهر نجمه بعد، ومن هذا السرد يدعي الإسلاميون أن ثورة أكتوبر هي نتاج جهدهم.
ويواصل “عبد الرسول النور” في سرده التاريخي عن ثورة أكتوبر/1964م فيقول أن الطالبين الشهيدين “أحمد القرشي طه” و”بابكر عبد الحفيظ” ،هما من كوادر الجبهة الديمقراطية، فضلاً عن استنفار الشيوعيين لجبهة الهيئات التي تشمل الجبهة الديمقراطية واتحاد المزارعين بقيادة “شيخ الأمين” واتحاد العمال بقيادة “الشفيع أحمد الشيخ” ومجموعة “صالح محمود” وهذه الهيئات حركت الشارع ونزل المواطنون، فيما يدعي حزب الأمة أن السيد “الصادق المهدي” أمَّ المصلين في الصلاة على الشهيد “القرشي”، فضلاً عن قيادة “الصادق” لوفد التفاوض مع “عبود” حتى تنازله عن السلطة، ولذلك كل طرف يدعي أنه من صنع أكتوبر، ولكن الحقيقة أن أكتوبر ثورة جميع أهل السودان، فخرجت كل المدن في الأبيض ونيالا ومدني وبورتسودان، نزلوا إلى الشارع تلقائياً وطالبوا بإسقاط النظام، وأكتوبر كانت الإجماع الثاني لأهل السودان بعد الاستقلال.