هل كان "القرشي" شهيد الصُدفة في أكتوبر الأخضر؟
تعددت الروايات ولكنه كان شرارة الثورة
تقرير – هبة محمود
من أمام داخلية البركس بجامعة الخرطوم، انطلقت شرارة ثورة (21) أكتوبر، وبسقوطه شهيداً استطاع الطالب “أحمد القرشي”، القادم من منطقة القراصة بولاية النيل الأبيض، أن يكتب بدمه قصة نجاح هذه الثورة باعتباره أول شهيد، حيث مثلت أكتوبر تجربة فريدة في دول العالم الثالث، باعتبارها ربيعاً عربياً متقدماً، ورغم مزاعم الكثيرين أن “القرشي” كان (شهيد صُدفة) حيث أصابته الرصاصة وهو في طريقه للحمام، وفي رواية أخرى عقب خروجه منه، إلا أن الروايات بحسب بعض المصادر اختلفت حول نشاطه السياسي وميوله الفكري أثناء دراسته بالجامعة، فهناك من ينسبه إلى الحزب الشيوعي السوداني باعتباره عضو رابطة الطلبة الشيوعيين في جامعة الخرطوم، ومسؤول الاتصال بين الرابطة ومركز الحزب، بينما يرى البعض فيه ميولاً للاتجاه الإسلامي بالجامعة، والبعض الآخر يذكر بأنه كان ينتمي إلى الجبهة الديمقراطية اليسارية، كما أن هناك من يعتقد بأنه لم تكن له أي انتماءات سياسية بالجامعة. وتأتي قصة استشهاده وفقاً لرواية دكتور “كليف تومسون” وهو شاهد عيان على أحداث ثورة أكتوبر، كما أنه العميد السابق لكلية القانون جامعة الخرطوم، تأتي عندما رفضت الحكومة عقد ندوة أقامها طلاب جامعة الخرطوم حول مشكلة جنوب السودان، فقامت قوة من الشرطة بمحاصرة الحرم الجامعي ثم أمر أحد الضباط بفض الندوة، لكن إصرار الطلاب على الاستمرار في عقد ندوتهم، جعلت الشرطة تستخدم القوة لفض الاجتماع ملقية القنابل المسيلة للدموع، لتلتهب نيران الثورة.
رواية شاهد على الحدث ..
ومتابعة لرواية “د.تومسون” بحسب ما اوردته بعض الوسائط الالكترونية، نجد أن الصدام العنيف الذي وقع بين الشرطة والطلبة، جعل من الأخيرين يتراجعون نحو مباني داخلياتهم وانهالوا على الشرطة بالحجارة وقطع الأثاث الصغيرة، وكان “القرشي” ضمن مجموعة الطلبة التي كانت متواجدة بداخلية “السوباط”. القريبة من البوابة الرئيسية لمجمع داخليات (البركس). يقول “كليف تومسون” كان هناك تجمع لرجال الشرطة على بعد (60) قدماً تقريباُ من المجمع، وقد اختبأ عدد من الطلاب وراء الممر الذي يربط مبنى داخلية السوباط بمبنى الحمامات التابعة لها، وكان من بينهم الطالب “أحمد القرشي” فحمل “القرشي” حجراً وقفز من فوق الحائط القصير راكضاً في الجانب الآخر حتى صار على بعد نحو(20) قدماً من طرف الداخلية وألقى به نحو الشرطة وهو يهتف، وحينئذ سٌمع دوي طلق ناري سقط على إثره “القرشي” على الأرض وقد اخترقت طلقة رأسه قرب حاجبه الأيمن وخرجت من مؤخرة جمجمته.
وفي السياق اعتبر الخبير الإعلامي المعروف الدكتور “إبراهيم دقش” أن الشهيد “القرشي” كان بداية الشرارة لثورة أكتوبر، لكنه لم يكن صاحب ميول سياسية، وقال في حديثه لـ(المجهر): “القرشي” كان خارج من الحمام وصادفته الرصاصة فأصبح شهيداً بالصُدفة.
فرغم تباين الروايات في استشهاد الرجل وميوله السياسية، إلا أن الجميع اتفقوا حول أن وفاته بنيران الشرطة كان الشرارة الأولى للهيب ثورة أكتوبر، لتعبر إلى قلع نظام حكم الرئيس “إبراهيم عبود” بضغط الشعب.