الحاسة السادسة
الظلم ظلمات
رشان أوشي
لا يوجد في هذه الحياة أقسى من العوز والفاقة، وضيق العيش، ولكن الأقسى من ذلك كله هو التضييق على الناس في معاشهم وقوت يومهم، ماذا تنتظرون من سيدة أرملة أو مطلقة لم تحظَ بقدر كافٍ من التعليم يؤهلها للوظيفة، وتعول أفواهاً جائعة، سوى أن تقتات من بيع الشاي أو الأطعمة، بعد أن أدارت لها الدنيا ظهرها، وطحنتها الفاقة وعوز الجياع فلذات أكبادها، بائعات الشاي والأطعمة اخترن الرزق الحلال واحتملن هجير الشمس وزمهرير الشتاء، وسخف الذئاب البشرية التي تقتات من ضعف النساء وحاجتهن، لا يوجد أمر أقسى على امرأة مثلما تضطرها الظروف للعمل في الشارع، كل ذلك لأجل الرزق الحلال، ولكن ما زالت الحكومة تطارد الناس، وتحاربهم في رزقهم، وتدفعهم دفعاً صوب الجريمة وارتكاب الفواحش.
أمس الأول، تظاهرت نسوة شريفات، مستنجدات بوزيرة الرعاية الاجتماعية لإنقاذهن من مصير قاتم، بعد أن منعتهن السلطات من بيع الشاي في شارع النيل، بحجة أن هذا المتنزه الكبير أصبح معقلاً لترويج وتعاطي المخدرات والانحلال الأخلاقي.
ما ذنب هؤلاء النسوة المستضعفات ليدفعن ثمن سلوك شباب طائش تائه فاقد للبوصلة والهدف، ومَنْ مِنْ أبناء السودانيين البسطاء يستطيع الوصول من أمبدة أو الثورات البعيدة أو دار السلام، مايو، والكدرو إلى شارع النيل ليتعاطى الترامادول والهروين وغيرهما، ومَنْ مِنْ أبناء السودانيين البسطاء يملك ثمن شريط ترامادول، أو حقن هروين حتى يتعاطاها في شارع النيل أو غيره.
ابحثوا عن المجرمين مروجي المخدرات أصحاب الشحنات المعروفة للقاصي والداني، وابحثوا عن المتعاطين الأثرياء الذين يمتلكون ثمن المخدرات التي تعادل قيمة جرعة منها قوت أسرة فقيرة كاملة، واتقوا الله في هؤلاء النسوة ودعوهن يسترزقن مما فتح الله عليهن به.
حسبنا الله ونعم الوكيل